يتعمق الانقسام فى أمريكا حول قضية الإجهاض التي تحولت فى العقود الأخيرة على قضية سياسية محل صراعات حزبية بين الديمقراطيين والجمهوريين، ووصلت أصدائها إلى المحاكم وأعلاها المحكمة العليا الأمريكية. وتجلى هذا الانقسام فى صدور حكمين متضاربين يفصل بينهم ساعات قليلة بشان إتاحة عقار يستخدم فى الإجهاض الطبي.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن صدور أحكام قضائية متضاربة فيما يتعلق بالإجهاض فى الولايات المتحدة يؤسس لصدام قانونى غير عادى، ويمكن أن يعيد تشكيل إتاحة الإجراء الطبى فى البلاد.
ففي ولاية تكساس، ترأس قاضى فيدرالى معروف بآرائه المعارضة للإجهاض دعوى قضائية تسعى إلى إلغاء موافقة الحكومة على عقار أساسى فى الإجهاض وحظر إتاحة هذا العقار فى كل الولايات.
فى المقابل، أطلق المحامى العام الديمقراطي فى ولاية واشنطن، بوب فيرجسون، خطوة مضادة، وقام بمقاضاة الحكومة الفيدرالية لزيادة إتاحة العقار نفسه.
وتجلت المناورة القانونية بطريقة درامية مساء الجمعة. فبعد أقل من ساعة من حظر قاضى المقاطعة الفيدرالى ماثيو كاسيمرك، المعين من قبل دونالد ترامب، الموافقة على عقار الإجهاض من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، قام قاضى المقاطعة الفيدرالى توماس أو رايس، المعين من قبل الرئيس باراك أوباما، بإصدار أمر بان تبقى هيئة الغذاء والدواء على الوضع الحالي وإتاحة الوصول إلى العقار فى 17 ولاية ومقاطعة كولومبيا.
وأشارت واشنطن بوست إلى أن هذين القرارين يمهدان لصدام قانونى غير معتاد والذى ستحسمه على الأرجح فى النهاية المحكمة العليا الأمريكية المنقسمة بدورها بين المحافظين والليبراليين. ويقدم هذا الصدام نافذة حول الكيفية التي يحاول بها الليبراليون مواجهة تدفق دعاوى المحافظين أمام القضاء الفيدرالي، الذى أعاد ترامب تشكيله، وكيف أن اليمين السياسى يستخدم محاكم المقاطعات التي يترأسها قاض واحد من أجل تعزيز أجندة محافظة للغاية.
وأوضحت الصحيفة أن الجماعات المحافظة التي قاضت هيئة الغذاء والدواء اختارت للنظر فى القضية القاضي كاسمريك، الذى طالما كان معارضا للإجهاض، وهو القاضي الوحيد فى مقاطعة أماريلو بتكساس. ورد مجموعة من المدعين العموم الديمقراطيين بالولايات بالقيام بخطوة نادرة بمقاضاة إدارة بايدن الديمقراطية للمطالبة بقيود أقل من هيئة الغذاء والدواء على الوصول إلى عقار الإجهاض فى ولاياتهم.
من جانبه، قال وزير الصحة الأمريكى خافيرا بيسيرا إن الحكم الذى يهدد إتاحة العقار الرئيسى المستخدم فى الإجهاض الطبي ليس أمريكيا، ولم يستبعد أن يتحدى قرار القاضي لو استلزم الأمر ذلك.
وقال بيسيرا فى تصريحات لشبكة سى إن إن الأمريكية إنهم يريدون أن تلغى المحاكم هذا القرار المتهور. نعم، نريد أن تظل لدى النساء القدرة على الوصول إلى هذا العقار الذى أثبت أنه فى حد ذاته آمن. وقد استخدمت ملايين النساء حول العالم هذا العقار.
وشدد وزير الصحة الأمريكى على أن حتى الآن، لا تزال النساء قادرات على الحصول على العقار المستخدم فى الإجهاض الطبى بعد أن حكم قاضى تكساس بضرورة حظره. وهذا العقار المايفبرتسنون تمت الموافقة عليه عام 2000 من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، والتي تشرف عليها وزارة الصحة والخدمات البشرية الأمريكية.
وقال الوزير: لصالح أمريكا ولصالح النساء، يجب أن ننتصر فى هذا.
وكان الرئيس بايدن قد قال إن إدارته ستطعن على حكم قاضى تكساس. وأشار بيسيرا إلى إنهم ينون فعل كل ما هو ممكن لضمان أن يكون متاحا لهم ليس فقط فى غضون أسبوع، ولكن للفترة القادمة لان عقار الميفابيرنستون واحد من أكثر الأدوية أمانا وفعالية التي رأيناها على مدار العشرين عاما الماضية والتي ساعدت النساء فى رعايتهم الصحية، خاصة رعاية الإجهاض.
وعلقت صحيفة ذا هيل على تعمق الانقسام حول الإجهاض، وقالت إن الديمقراطيين يرون هذه القضية مثيرة مع اقتراب موسم انتخابات 2024 فى ظل مؤشرات على ان طاقة الناخبين لم تهدئ منذ الغاء حق الإجهاض بقرار المحكمة العليا فى يونيو العام الماضى.