بمناسبة مسلسلات دراما رمضان، والتى تتضمن تنوعا يتيح للمشاهد الاختيار حسب مزاجه، وفى مسلسل «مذكرات زوج»، يظهر دور المعالج النفسى أو «اللايف كوتش»، والذى يلعب دوره خالد الصاوى، وزوجته أو زميلته سما إبراهيم، ويقدمان ثنائيا كوميديا، لكن الواقع أن هذه المهن، ظهرت خلال السنوات الماضية، وكثيرا ما كانت غير مفهومة للعامة، بل إن بعضها لا يخلو من عمليات تسويق إعلانى.
ويذكر لـ«مذكرات زوج» تسليط الضوء على هذا النشاط الذى انتشر كثيرا خلال السنوات الماضية، وأصبح أقرب لنوع من الموضة، بل إنه مجال يضمن مهنة لمن لا مهنة له فى بعض الأحيان، وهو أمر يحاول مسلسل «مذكرات زوج» التعامل معه وتسليط الضوء عليه، حيث يختلط ظهور المعالج النفسى بأنواع من المهن أو الأشكال مثل الناشط، أو «اللايف كوتش»، إلى آخر القائمة، والتى تتضمن خليطا بين خريجى علم نفس، أو خريجى كليات ومناهج أخرى، أو مجرد شباب وسيدات حصلوا على دورات تدريبية لفترات محددة، ويقدمون أنفسهم على أنهم من معالجى النفوس، وغالبا ما يكون هؤلاء عاجزين عن علاج أنفسهم، وبعضهم يعانى من مشكلات نفسية أو عقلية، أو اجتماعية.
ظلت صورة الطبيب النفسى فى السينما والدراما، خليطا من الكوميديا والجدية والاضطراب، مثل عبدالسلام النابلسى، أو محمود المليجى، وكثيرا ما كان البطل والبطلة من الطبقات العليا ليقبل الذهاب لطبيب نفسى أو حتى استشارته، وكان كثيرون يعتبرون الذهاب للطبيب النفسى عارا يستحق الإخفاء، بل إن إطلاق اسم مستشفى المجانين على مستشفيات الأمراض العقلية، كان سببا فى وصم المريض النفسى والعقلى بالجنون، وعندما أراد المصريون تخفيف وقع الكلمة، أطلقوا عليها «مستشفى العباسية» نسبة لمكان المستشفى الشهير.
الشاهد، وبمناسبة «مذكرات زوج» وقبله أعمال أخرى، هناك أنواع من المهن انتشرت فى الدراما، خلال السنوات الماضية، منها مهنة الطبيب النفسى، كثير من أبطال المسلسلات، يذهبون للكشف ولتلقى علاج أو تحليل الشخصية، وبالمناسبة كان التحليل النفسى وجملة «مدد على الشيزلونج» من ثوابت الصورة النمطية للطبيب النفسى أو المحلل، وهذه الصورة تطورت لكنها تظل مكانها. وخلال السنوات الماضية كانت هناك أعمال تعالج ظواهر اجتماعية أو حالات لأطفال عندهم اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط «ADHD» توحد أو مرض فى الأطفال، أو يعانون من مشكلات نفسية، بجانب أعمال أخرى تعالج قضايا اجتماعية ومواجهة عادات والتقاليد ضد العقل والمنطق والدين، مثل الميراث والختان وغيرها، من الموضوعات، وهى انعكاس للواقع بدرجة أكثر من مرحلة كان التركيز فيها على التركيز فى كومباوندات أو صراعات عبثية، وهى أعمال انتهت صلاحيتها، ولا تعبر عن المجتمع ولا الواقع، وبالتالى فإن الدراما تعكس - إلى حد ما - الواقع، وليس بالضرورة أن تكون كلها نوعا واحدا، أو جنسا واحدا.
لكن اللافت للنظر فى انتشار مهن مثل «المعالج النفسى»، و«حلاّل العقد» الاجتماعى، وما يسمون «خبراء التنمية البشرية»، هى أنواع من الشخصيات تتجاوز أحيانا الواقع إلى الخيال والسخرية، حيث يتكاثر هؤلاء وأمثالهم، وتصعب التفرقة بين الجاد والساخر أو النصاب، وتنطبق عليهم مقولة للراحل توفيق الدقن فى فيلم الشيطان يعظ «لما الناس كلها تبقى فتوات، أومّال مين اللى هينضرب؟!» وهو أمر أصبح الحابل يختلط فيه بالنابل، فى الواقع والدراما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة