في عودة طال انتظارها للأعمال الدرامية المركزة الدسمة الخالية من المط، والتطويل الذي عادة ما يصيب المشاهد بالملل في الآونة الأخيرة، قد طلت علينا بالخريطة الدرامية الرمضانية هذا العام مجموعة جيدة من المسلسلات ذات الخمسة عشر حلقة، والتي كنا قد افتقدناها سنوات طويلة لعدة أسباب إنتاجية بحتة، هدفها الأول والأخير هو الربح المادي الذي يتزايد كلما زاد عدد ساعات وحلقات العمل، بغض النظر عن مناسبة الموضوع لعدد الحلقات من عدمه، وبغض النظر عن جودة التنفيذ وعناصر الجذب والتشويق والرسالة والقيمة التي يقدمها هذا العمل.
فقد أصبح هناك شبه عرف يصل لحد التقديس أن المسلسل لابد وأن تكون حلقاته على الأقل 30 حلقة وربما تكون له أجزاء ليصل إلى 60 حلقة.
ولكن:
لا تعني عودة دراما الحلقات المكثفة بـ 15 أو 10 أو 7 أو 5 حلقات، أن الأعمال ذات الـ 30 حلقة كلها متهمة بالمط والتطويل، فربما تكون هناك موضوعات متشعبة كالتاريخية والملحمية وغيرهما ممن تستلزم عددا أكبر من الحلقات، حسب المحتوي الدرامي والتفاصيل اللازمة لعمل متقن جيد لا يضع بأولوياته سوي مقومات و أسباب جودته.
فقد كانت بالماضي غير البعيد أعمال درامية ملحمية تتسع لجزء واثنين وثلاثة أجزاء، دون الشعور بأي حشو أو تطويل أو مشاهد لا تخدم العمل، وتزيد من قوة تأثيره، كـ "ليالي الحلمية والمال والبنون ورأفت الهجان" على سبيل المثال.
وكذلك:
كانت هناك أيضاً أعمال درامية من كلاسيكيات الدراما المصرية بعصرها الذهبي والتي ما زالت تعاد من قناة لأخرى دون انقطاع، ودون أن يكف المشاهد المصري والعربي عن متابعتها دون ملل أو انصراف عشرات بل مئات المرات، والتي عندما تذكرت عدد حلقات كل منها أصابني الذهول، فقد كانت أطول هذه الأعمال 18 حلقة كمسلسل "ذئاب الجبل"، و19 حلقة كمسلسل "من الذي لا يحب فاطمة، وغيرهما من الأعمال التي عندما نتذكر أحداثها و قوة تأثيرها بوجداننا قد نظن أنها كانت تدور بعشرات الحلقات.
نهاية:
شكراً لهذه العودة الجريئة وهذا التحدي الجديد والتنوع الذي كان مفقوداً مدة عقود بالأعمال الدرامية المصرية، والذي أحدث حالة من الانتعاش الفني في محاولة مشكورة لاستعادة الريادة المصرية بالفنون وعلى رأسها الدراما.
و كل عام ومصر بخير وسلام و أمان.