دنيا وآخرة، هكذا أرادها الله سبحانه وتعالى، فقد طلب منا العمل والسعى والاجتهاد وتعمير الأرض والعمل على نمائها وازدهارها، وفي الوقت نفسه طلب منا التعبد والنظر إلى الآخرة على أساس أنها الهدف والمقصد والغاية من كل شيء.
لذا عندما نقرأ قوله سبحانه وتعالى فى سورة البقرة "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" نعرف أن نصيبنا من الدنيا حق، ونصيبنا من الآخرة حق.
للأسف بعضنا تأخذه الدنيا ولا تفلته أبدًا، تشغله عن كل شيء، حتى عن القيم والأخلاق الحميدة، يصبح همه الاكتساب والكنز، لا يرى أبعد من امتتداد بصره، ولا بصيرة تأخذ بيده إلى الصواب.
والبعض الآخر يترفع عن الدنيا تمامًا، لا يراها، يتركها كأنها لم تكن، لا يبصر ما حوله، بل يعيش فى عالم آخر، وهذا النوع رغم طيبته لكنه يقصر فى جانب يتعلق بالدنيا هو إعمارها، وهو مقصد ديني من موجودنا فى هذه الأرض، لأن الله سبحانه وتعالى لو أرادنا منصرفين عن الدنيا تمامًا، لفعل ذلك، وجعلنا ملائكة لا نفعل ولا نملك من أمرنا شيئا.
إن الاعتدال فى حسنة الدنيا وحسنة الآخرة، بكل تفسيراتها، وبكل ما يراه قراء هذه الآية وشراحها، هي فى مجملها دعوة لجمع الحسنيين بحلال الله وفضله، فالإنسان الذي له نصيب فى الدنيا ويرجو الآخرة، حتما سيكون عمله طيبًا متقنًا مفيدًا للناس، لايؤذى أحدًا بقول أو فعل، لأنه يرجو رحمة ربه، والوصول إلى هذه الرحمة يقتضى أن يكون رحيمًا بما يحيط به من إنسان وحيوان، إنه يتقى النار بالفعل الطيب، ويطلب المغفرة بمسامحة الخلق، ويرجو عطاء الله بعطائه للناس وتصدقه عليهم والوقوف معهم فى السراء والضراء، هي معادلة من العمل الصالح في الدنيا تؤدي إلى نعيم الله فى الآخرة.
هكذا هو الطريق المستقيم الذي نرجوه ونأمله، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، اللهم تقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة