أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: المرأة والأسرة والمجتمع فى الواقع والدراما

الأربعاء، 05 أبريل 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هل الدراما هى التى تعكس الواقع، أم أن الواقع هو الذى يؤثر فى الدراما؟، على مدى عقود كانت السينما والدراما تعالجان موضوعات مطروحة فى المجتمع، نقول هذا بمناسبة المسلسلات الأخيرة التى تتعامل مع بعض التطورات والتحولات فى املجتمع، خاصة القضايا الأسرية والعائلية، ومن هنا تظهر آراء تهاجم بشكل مسبق موضوعات الدراما، فهى مرة تهاجم المضمون وتسعى لالتقاط أخطاء وأخرى تعتبر معالجة قضايا اجتماعية وإنسانية نوعا من الإهانة، وهو تناقض واضح يظهر حجم التعامل من هذه المنظمات، وفيما يتعلق بطرح القضايا الاجتماعية والأسرية، البعض يرى أن قضايا الأسرة أو الصراعات الاجتماعية غير مطروحة، بينما نفس الشخص أو غيره إذا تم طرح موضوعات تتعلق بحياة المرأة وعملها، يرى أن هذه الدراما تهني المرأة، والواقع أن ما يقدم يحاول صناعه أن يترجموا الواقع ونقل الأمر.

هناك أكثر من عمل درامى هذا العام تعالج موضوعات مطروحة فى المجتمع، مثل قضايا الطلاق والخلافات الزوجية وتأثيراتها على الأسرة والأطفال ومصائرهم، ومنها مذكرات زوج أو جعفر العمدة وكلاهما قائم على حالات موجودة بالمجتمع من حولنا، حيث تنعكس علاقات الأزواج وانفصالهم على الأبناء بشكل مباشر، وأيضا قضية تعدد الزوجات أو حتى تولى المرأة لمنصب العمدة مثل حضرة العمدة، وهو عمل يسعى لمعالجة التناقضات فى المجتمع والصراعات الدينية والقبلية والتقاليد التى لا تنتمى إلى الدين، ويسعى البعض لإلباسها ثوبا دينيا، بينما القضية تتعلق بالطمع والمصلحة ومحاولة انتزاع النفوذ.

بل إن قضايا مثل التفرقة فى الميراث أو حرمان البنات، أو عمل المرأة، والختان، هى فى الأصل ترسبات اجتماعية سعى البعض لإلباسها ثوبا دينيا، بينما هى فى الأصل موضوع يتعلق بعادات وتقاليد، واللافت للنظر أن قضية مثل ختان الإناث هى فى الأصل موضوع ينتمى للتقاليد، وهناك من يدافع عنه لدرجة أن مناقشات مجلس النواب كشفت فى بعض المرات عن تخلف كبير لدى بعض النواب ممن كانوا يرفضون حظر ختان الإناث انطلاقا من آراء متخلفة، وسعيا لإرضاء المتطرفين من الناخبين المحتملين، وبالتالى فإن طرح هذه الموضوعات هو فى الواقع معالجة لتشابكات اجتماعية تتخذ ستارا دينيا بينما هى فى الواقع تستند إلى تراث التخلف.

ونفس الأمر فيما يتعلق بعمل المرأة فى مهن ووظائف معينة مثل النيابة والقضاء والشرطة، وهى مهن كانت محرمة على المرأة حتى وقت قريب، وكانت تخضع لأهواء من يتولون مناصب فى مؤسسات مهمة كالقضاء، ولو راجعنا أرشيف الصحافة نكتشف أن عدد من ينتمون للمؤسسة القضائية كانوا يعارضون جلوس المرأة على منصات القضاء أو فى النيابة أو مجلس الدولة، وهو أمر تغير فى السنوات الأخيرة بقرارات وخطوات مهمة، ونقول هذا لأن مثل هذه القضايا تتم معالجتها حاليا بشكل كبير فى الدراما، وهو أمر يعنى أن الدراما يفترض أنها تعالج قضايا اجتماعية واقتصادية وغيرها، وبالتالى فإن طرح هذه الموضوعات أمر يحسب للدراما، بجانب عدم تجاهل العيوب والسلبيات التى تعشش فى عقول البعض، حول الموقف من المرأة وقضاياها.

لقد تولت المرأة منصب العمدة فى أكثر من قرية الرصد والتحليل، معرفيًا واجتماعيًا ودراميًا، بمحافظات مصر مؤخرا، وهى تجربة تستحق ومعها الكثير من مظاهر التخلف الاجتماعى التى تتطلب معالجة ومواجهة بالتشريعات والقرارات من جهة وبالمعالجة الثقافية والدرامية حتى يمكن تفهم هذه القضايا ومعالجتها، لأنها تتعلق بالمجتمع والسلطات الاجتماعية التى تفرض أوضاعا تتنافى مع العلم والدين والمنطق، ومع هذا تسود، ولهذا فإن دور الدراما أن تعالج قضايا المجتمع بشجاعة ومن دون مداراة، والتعامل معها من دون تهوين أو تهويل.

p.8
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة