كثيرًا ما نبحث عن الكوميديا في حياتنا هروبًا من متاعب ومشاغل الحياة وكثير من الضغوط اليومية التي يتعرض لها الفرد بطبيعة الحال.. كوميديا نظيفة لها القدرة على جذب المشاهد ليحيا بداخلها مُستمتعًا بكل لحظة بها مُتعايشًا مع أحداثها. لعل سنوات كثيرة افتقدت الأعمال الدرامية التي تهتم بالجانب الكوميدي، حتى بعض الأفلام التي كانت تُصنف بالكوميدية وتكتسب شهرة واسعة نظرًا لكونها مُنفردة على الساحة الفنية؛ كانت ليست على القدر الذي يرضي رغبة المشاهد في متابعة عملًا كوميديًا يُعيده إلى الزمن الجميل، تلك الكوميديا التي كانت تحترم عقلية المشاهد وعاداته وتقاليده، ولا تحتوي على اسفاف أو مضمون لا أول له من أخر.
لقد نجح مسلسل "الصفارة" في استعادة كوميديا الزمن الجميل، تلك الكوميديا الهادئة التي تشعر معها وكأنك انتقلت إلى عالم آخر تحيا فيه حياة بطل المسلسل بتفاصيلها في عالم "شفيق" والذي قام بدوره الفنان أحمد أمين وأخوه "وجيه" والذي قدمه الفنان طه دسوقي، لتنتقل بين حلقات المسلسل وكأنك تقوم بنفسك بالانتقال فيما بينها وأحداثها ومغامراتها، فهو يوميًا كان يُقدم حالة جديدة بشكل مختلف تحمل الكثير والكثير من المعاني والرسائل الهادفة في مضمونها.
المسلسل كوميديًا خالصًا فلا تمُر حلقة دون أن تُجبرك على الضحك والابتسام لتتركك بعد نهايتها في حالة من "الروقان"، وفي الوقت نفسه تُقدم لك معنى وهدف، فهي كوميديا ليست فقط لمجرد الضحك وإنما للتأمل والتفكر في الحياة وإدراك مفهوم الرضا بالمقسوم، والسعي في طريقك وما تؤمن به إلى جانب التأكيد على أهمية القيام بالعمل الذي تجيده وتُحبه وتجد نفسك به، دون النظر إلى حيوات ناس أخرى ومتابعتها والسعي لتحقيق أحلام يتم استنساخها من آخرين، فلكل منا أحلامه التي يجب أن تكون خاصة به وتتناسب مع حياته وظروفه والأدوات التي وفرها الله سبحانه وتعالى لكل منا؛ فهي تختلف من شخص إلى آخر، لأن الله خلقنا مختلفون ليسعى كل منا في طريقه بما يعود في النهاية بالنفع على الجميع.
وحتى نهاية المسلسل والإعلان عن جزء ثاني منه، فقد جاءت مُشوقة إلى حد كبير، فبعد أن اقتنع "شفيق" بأهمية السعي في طريق ما قسمه الله له، إلا أن الفضول يبدو أنه سيتسبب في تخليه لما وصل له من نجاح؛ بعد تجربة أقر أنها كانت صعبة وأنها أعطته الدرس الأهم في حياته؛ ليُلقي المسلسل بذلك للمرة الثانية الضوء على إحدى الصفات البشرية السيئة، التي ربما تتسبب في كثير من الإضرار بحياة الإنسان؛ فتحية لكل فريق عمل "الصفارة" الذي نجح في إعادة الابتسامة الهادفة، مع تقديم وجبة توعوية تحمل نفحات الزمن الجميل.. ومستنيين نعرف أيه اللي حصل في جمصة"!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة