قصة "سره الباتع" لـ يوسف إدريس.. الجزء الثالث عشر

الأحد، 09 أبريل 2023 02:00 ص
قصة "سره الباتع" لـ يوسف إدريس.. الجزء الثالث عشر سره الباتع
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

سره الباتع .. قصة للكاتب الكبير يوسف إدريس، تحولت إلى مسلسل للمخرج خالد يوسف بعد مرور 65 عامًا على صدورها ضمن مسلسلات رمضان 2023، وتزامنًا مع عرض مسلسل سره الباتع، ينشر "اليوم السابع" قصة "سره الباتع" التى نشرت لأول مرة عام 1958 ضمن مجموعة قصصية بعنوان "حادثة شرف".

سره الباتع لـ يوسف إدريس.. الجزء الثالث عشر

ولحُسْنِ الحظ ولسُوئِه أيضًا، لم يُتَحْ لي أن أكمل مرافعتي، فقد هجموا علينا، لم نكن ندري من أين جاءوا، ولكن امتلأتِ الساحة بتلك العِصِيِّ اللعينة التي يسمُّونها النبابيت وبالحناجر المتوحِّشة الرهيبة التي تصرخ: لهكبر لهكبر، ولن أحدِّثَك عن الرُّعْب المجنون الذي انتابَنا محكمةً واتهامًا ودفاعًا وحُرَّاسًا، فقد كنَّا لا نزال نُعانِي من فوبيا الفلاحين التي تكوَّنتْ لدينا، فقد حدَثَ بعد الاستيلاء على القاهرة أن أرسل نابليون جيشًا بقيادة مارتن ليحتلَّ المنطقة الشرقية من الدلتا، وخرج الجيش في الفجر، وما انتصف النهار حتى كانتْ قوَّاتُه عائدةً في حالة يُرثَى لها، الجنود يرتجفون وعيونهم تنطق بالرعب المجنون، وملابسهم في حالة تمزُّق كامل، وكلٌّ منهم يروي قصةً مختلِفةً غريبة عن قوم متوحِّشين خرجوا عليهم مسلَّحين بالنبابيت والعِصِيِّ والفئوس والمناجِل وكانوا يصرخون كأَكَلة لحوم البشر وتخرج صرخاتهم كالرعد وهي تردِّد: لهكبر لهكبر (ومعناها أن الإله أكبر من كل الأعداء) وجنودنا كما تعلم هم صفوة الجيش الفرنسي المختارة، الصفوة التي فتح بها قائدنا العظيم نابليون النمسا وإسبانيا وبولندا وانتصر بها في سالزبورج وإيطاليا، الصفوة التي شتَّتَتِ المماليك الشُّجْعان الأقوياء في معركتين، تصوَّر هذه الصفوة المسلَّحة بالبنادق والمدافِع تواجِه قوةً مسلَّحة بالعِصِيِّ والمناجِل فتفِرُّ مفزوعة هالِعةً لا تملك حتى أن تُطْلِقَ بنادِقها أو تتجمَّع صفوفها «ولماذا أُخْفِي عليك أنَّ بعض جنودِنا تبوَّلُوا على أنفسِهم من شدة الرعب؟!» ولم يستطيع أحدٌ أن يفسِّر هذه الظاهرة أبدًا، وهل هي راجعة لوحشية هجوم الفلاحين أو لأسباب أخرى غير معلومة.

وكانتْ لهذه الحادثة نتائج رهيبة، فقد كان لرجوع جنود مارتن بهذا الشكل الدرامي أسوأ الأثر على الرُّوح المعنوية لجيشنا كلِّه.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة