أثار مسلسل Queen Cleopatra الملكة كليوباترا جدلا منذ الإعلان عن إنتاجه وموعد طرحه على منصة "نيتفيلكس" وذلك لأسباب عدة منها تزوير التاريخ، ومع ذلك عندما تم طرحه شاهدناه ورأينا ما فيه من تواضع فى كل عناصره، من أول المحاضرين وحتى عناصر التمثيل وفنون الإخراج والمونتاج وغير ذلك، وقبل كل ذلك الكتابة، لكن أكثر ما لفت انتباهى فى ضعف العمل الفنى أن يمر على الأحداث الكبرى مرور السلام، فلا يعطيها حقها ومن ذلك "حريق مكتبة الإسكندرية".
الحادث الكبير تجاهله المسلسل ولم يعطه حقه سوى مجرد إشارة بسيطة قالها المشاركون فى المسلسل الوثائقى بأن الحرب الأهلية التى اندلعت فى مصر بسبب يوليوس قيصر قد تسببت فى حريق مكتبة الإسكندرية، ولم يعرض العمل لتاريخ المكتبة وكيف أن هذا الحريق حرم الإنسانية من كنوز معرفية لا أول لها ولا آخر، ولم يشيروا من قرب أو من بعيد أن مسئولية يوليوس قيصر عن الحريق يبرئ المسلمين بعد ذلك من تهمة حريق المكتبة، ليواصل المسلسل مهمته فى طمس الحقائق وتزوير التاريخ.
وعن مسئولية البطالمة عن حرق المكتبة يمكن الاطلاع على كتاب "كشف الحلقة المفقودة بين أديان التعدد والتوحيد" للكاتب خزعل الماجدي، والصادر عن المركز الثقافى العربي، ومؤمنون بلا حدود".
ويقول الكتاب، كان ظهور كليوبترا السابعة (ابنة بطليموس الثانى عشر – الزمار) بمثابة صحوة الموت للمملكة البطلمية، فلم يشهد التاريخ امرأة تستخدم أنوثتها بهذه القوة وهذه المهارة كما استخدمتها ملكة مصر الجديدة كليوباترا، فحين اعتلت العرش بعد وفاة والدها، كانت مصر دولة ضعيفة لا حول لها ولا قوة، فقد فقدت جميع ممتلكاتها لروما، ولا يستقر لها ملك إلا باعتراف روما ووجود جيش رومانى يسنده فى الإسكندرية، ومن مركز هذا الهوان الشديد خرجت كليوباترا على العالم كامرأة سافرة بغير جيش أو مال وتقتحم معترك السياسة العالمية فتواجه بشخصها المجرد أقوى دولة فى العالم.
ويتابع الكتاب أنه بعد أن شاركت أخاها العرش وانشق عليها استعانت بيوليوس قيصر الذى وقع فى شباكها، ولكن أخاها حاربها فى حرب الإسكندرية التى كادت تؤدى بقيصر إلى الهلاك وأحرقت ميناء الإسكندرية ومكتبتها وأنجبت من قيصر ولدها "قيصرون" الذى حملته وذهبت به إلى قيصر وكان آنذاك محاطا بمؤامرة اغتياله. وفور موته عادت إلى الإسكندرية لتبدأ قصة حب جديدة وعنيفة مع أنطونيو الذى كان مسئولا عن الممالك الشرقية لروما وأنجبت منه ثلاثة أبناء، فأعلن أنطونيو زواجه منها ووزع ممالكه بين عائلته الجديدة، فما كان من أوكتافيوس إلا التحريض عليه وجمع جيوش روما ليحاربه، والتقيا فى معركة أكتيوم عام 31 قبل الميلاد، وانتصر أوكتافيوس وقام بملاحقتها إلى مصر وفتح مصر وانتحر كل من أنطونيو وكليوباترا فى مشهدين مأساويين وقتل أوكتافيوس أبناءهما وانطوت آخر صفحة من صفحات الدولة البطلمية.
وفى دراسة ذكرها موقع My Modern Met.، تقول:
ترك الحاكم الشهير الإسكندر الأكبر إرثًا هائلا، وبعد وفاته عام 323 قبل الميلاد، تم تقسيم الإمبراطورية المقدونية الشاسعة إلى عدة ممالك مختلفة مع حكام جدد، وأصبح بطليموس الأول (367-282 قبل الميلاد) حاكم مصر، وكانت رغبته فى الترويج للثقافة الهلنستية وجعل الإسكندرية عاصمة للمعرفة والتعلم مصدر إلهام لإنشاء مكتبة الإسكندرية الكبرى - إحدى أكبر المكتبات وأكثرها تأثيرًا فى العالم القديم.
ويتابع الموقع، إن المكتبة فى ذروتها، تشير التقديرات إلى أنها كانت تضم ما بين 40.000 إلى 400.000 مخطوطة يونانية ومصرية، وهو ما يعادل تقريبًا 100.000 كتاب، وتوافد العديد من العلماء اليونانيين على المكتبة للعمل، مما ساهم فى تعزيز سمعة الإسكندرية كمدينة رائدة، وفى نهاية المطاف، جمعت المكتبة الكثير من الوثائق لدرجة أنه تم إنشاء السيرابيوم لإيواء بعض مخطوطاتها، ومع ذلك، لم يبق شىء من مكتبة الإسكندرية الكبرى.
ويعتقد الكثيرون أنه تم تدمير المكتبة فى حريق كارثى فى الواقع، ولكن يبدو أن الأمر أكثر تعقيدا من ذلك.
وتحت عنوان "إنشاء مكتبة الإسكندرية الكبرى" يقول الموقع، إن الفكرة الأصلية لمكتبة الإسكندرية الكبرى ربما أتت من الإسكندر الأكبر نفسه، فعندما بدأ تشييدها فى عهد بطليموس الأول كانت جزءًا من مؤسسة أكبر تسمى Mouseion، أو "مؤسسة Muses"، والتى تضمنت غرفًا مخصصة للموسيقى والشعر والفلسفة وعلم التشريح وعلم الفلك.
وتم الانتهاء من المكتبة على الأرجح بعد وفاة بطليموس الأول، فى وقت ما خلال عهد بطليموس الثانى (حوالى 309-246 قبل الميلاد)، بعد ذلك، بدأ هو والحكام البطالمة الذين تبعوه فى تجميع النصوص عن طريق إرسال عملاء ملكيين لديهم مبالغ كبيرة من المال لشراء أكبر عدد ممكن من الوثائق، بغض النظر عن الموضوع أو المؤلف، وكانت هذه الاستراتيجية فعالة للغاية، وسرعان ما وسعت المكتبة مجموعتها - وتطلبت فى النهاية بناء إضافيا فى القرن الثالث لاحتواء بعض مخطوطاتها.
ومع انتشار شهرة المكتبة فى جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط، توافد العلماء اليونانيون عليها للعمل والدراسة، كانت لها جاذبية كبيرة، ليس فقط للكم الهائل من المخطوطات ولكن أيضًا لحريتها الأكاديمية، حيث لم تكن المكتبة تابعة لأى مدرسة فلسفية معينة، بالإضافة إلى ذلك، حصل جميع العلماء الذين درسوا فى المؤسسة على وجبات مجانية وإقامة مجانية، ومن بين أبرز الأشخاص الذين عملوا فيها أرخميدس وإقليدس.
وفى عام 145 قبل الميلاد، انخرط رئيس أمناء المكتبة السادس، أريستارخوس (حوالى 216-145 قبل الميلاد)، فى صراع بين اثنين من الحكام البطلميين، بعد وصول بطليموس الثامن (184-116 قبل الميلاد) إلى السلطة، حيث طُرد أريستارخوس وجميع العلماء الأجانب من الإسكندرية، وأجبر هذا التطهير المدرسى الأكاديميين على إيجاد أو إنشاء أماكن جديدة للبحث فى جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط. ونتيجة لذلك، بدأ تأثير المكتبة والإسكندرية فى التضاؤل - ولم يعد يُنظر إليها على أنها مركز المعرفة - ورغب عدد أقل من العلماء فى العمل أو الإقامة هناك.
وعلى الرغم من ذلك، إلى أن المكتبة كانت لا تزال تعمل عندما سافر يوليوس قيصر فى سنة 48 قبل الميلاد، وكان هدفه الأول هو العثور على الجنرال بومبى وهزيمته، ولكن بعد اكتشاف أن عدوه قد مات بالفعل، شارك فى الحرب الأهلية فى الإسكندرية بين بطليموس الرابع عشر وكليوباترا السابعة .
بينما كانت قوات قيصر محاصرة فى الإسكندرية، حاول بعض الجنود منع أسطول بطليموس الرابع عشر عن طريق إشعال النار فى السفن الراسية بالفعل فى الميناء، ومن المفترض أن هذا الحريق انتشر فى المدينة وحرق جزءًا من المكتبة الكبرى بالإضافة إلى عدة آلاف من المخطوطات فى هذه العملية.
لكن المكتبة لم تسقط بعد الحريق كما يعتقد الكثيرون، فى الواقع، تشير المصادر بقوة إلى أن مبنى الرامسيوم الإضافى واصل المهمة، واستمر فى العمل كمكان للدراسة الأكاديمية، وإن كان تدريجيًا أقل تأثيرًا من ذى قبل.
وبعد أن أصبحت مصر جزءًا من الإمبراطورية الرومانية فى 30 قبل الميلاد، أصبحت الإسكندرية - وبالتالى المكتبة أنشأ الرومان مكتبات عديدة فى جميع أنحاء أراضيهم، مستخدمين أحيانًا مخطوطات الإسكندرية لتخزين هذه المؤسسات الأحدث.
وفى القرون اللاحقة، تبادلت المدينة عدة سلطات ونتيجة لذلك صارت مثقلة بالحروب، على الرغم من أن التاريخ الدقيق لتدميرها غير مؤكد، ويعتقد المؤرخون أن كل ما تبقى من المكتبة قد تم تدميره على الأرجح عام 272 م - أثناء اشتباك الإمبراطور أوريليان مع ملكة بالميرين فى زنوبيا - أو أثناء حصار دقلديانوس للإسكندرية عام 297 م.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة