حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، من أن البيئة العالمية مازالت حافلة بالمخاطر والأزمات، مشيرا إلى الأزمات التى لم تشهد الساحة الدولية لها مثيلا منذ عقود طويلة وامتدت آثارها وتبعاتها إلى كل بقعة في العالم، مخلفة مخاوف جمة وحالة خطيرة من انعدام اليقين.
ونبه أبو الغيط، في كلمته خلال اجتماع وزراء الخارجية التحضيرى للقمة العربية فى جدة ، اليوم الأربعاء، إلى أن صراع القوى الكبرى التى تمثل الحرب في أوكرانيا واحدة من حلقاتها، تخصم من الأمن العالمي وتشيع الاضطراب في الاقتصاد الدولي وتضع على كاهل الكثير من الدول تكاليف إضافية سواء في تعزيز الأمن أو الحصول على الموارد لاسميا في الطاقة والغذاء.
ورحب أبو الغيط، بحضور وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للاجتماع، متمنيا أن تكون استعادة سوريا لمقعدها بالجامعة العربية مقدمة لنهاية أزمتها واستعادتها لحيويتها وحضورها في العمل العربي.
وشدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على أن هذه الصراعات تمثل تطورا سلبيا خاصة على الدول البازغة الساعية إلى النمو والأسواق الناشئة التي تحتاج إلى الاستقرار ومن بينها الكثير من دول منطقتنا العربية.
وتابع " وبالرغم من الصعوبة الشديدة في اتخاذ المواقف في زمن الاستقطاب بين الدول الكبرى فإن علينا دائما التشبث بالمصالح الوطنية لدولنا كبوصلة هادية لمواقفنا وهذا بالضبط ما فعلته الجامعة العربية إبان اندلاع الحرب في أوكرانيا؛ وعلينا الاستمرار في التحرك والعمل ككتلة موحدة تنسق في المواقف وتتحدث بلسان واحد؛ مما يعطي مواقفنا ثُقلا ويمنحها وزنا ويوفر المظلة الحامية لمنطقتنا من شرور الاستقطاب والصراع في قمة النظام الدولي".
وتطرق إلى أن الصورة في المنطقة العربية خلال الشهور الماضية مختلطة تحمل بعض المؤشرات المطمئنة جنبا إلى جنب مع مخاطر جديدة تثير القلق الشديد.
وعن الوضع في السودان، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن الجميع شاهدوا النزاع المسلح الذي اندلع في السودان، ومدى خطورته على شعب السودان الذي رٌوع أبناؤه وواجهوا الموت والتشريد جراء صراع لم يتسببوا فيه، وخطورته على الدولة السودانية واستقرارها ووحدتها وسلامة مؤسساتها الوطنية.
وأضاف أبو الغيط -خلال فعاليات الاجتماع الوزاري للقمة العربية في جدة- أن السودان بلد عربي مهم واشتعال الصراع العسكري في مدنه وشوارعه على هذا النحو المؤسف، أدمى قلوب العرب جميعا، مؤكدا أن قمة جدة فرصة يتعين اغتنامها من أجل وضع حد لكافة المظاهر المسلحة كخطوة أولى نحو استعادة الهدوء والعودة إلى مسار السياسة.
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن العرب لن يتركوا إخوانهم في السودان وحدهم، بل يواكبوا التطورات ويقدموا كل الدعم الممكن، حيث قامت المملكة العربية السعودية بجهد كبير متواصل للوساطة هنا في جدة، ولكن الأمر مرهونا في المٌحصلة بإرادة السودانيين وقياداتهم لوضع حد لهذا الانحدار وإسكات البنادق في أسرع وقت.
وأشار إلى أنه على الرغم من أن الأزمات في سوريا وليبيا واليمن مازالت قائمة من دون حل شامل أو تسوية نهائية، إلا أنها تمر بمرحلة من الجمود التي تسمح بمقاربات جديدة، وقد حدث بالفعل في عدد من هذه الأزمات واتخذ المجلس الموقر قرارا في 7 مايو، حول سوريا انطوى على مقاربة شاملة للأزمة ومهد الطريق لانخراط عربي أكبر وأكثر فعالية في تعزيز التسوية ومعالجة التبعات والآثار التي لحقت بسوريا ودول الجوار في السنوات الماضية.
ونوه بأن سوريا لها إسهام حضاري بارز في هذه المنطقة على مر تاريخها، وهي دولة مؤسسة في هذه الجامعة، معربا عن تطلعه لتفاعل سوري بناء وإيجابي مع هذا الحراك العربي لصالح شعبها وتعزيزا لدورها وحضورها.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط "نلمس بعض التطورات الايجابية في مواقف دول الجوار وإدارتها لعلاقاتها مع المنطقة العربية ، أتحدث هنا عن إيران وتركيا على وجه التحديد ، وليس خافيا مع عانته المنطقة العربية ولازالت من الآثار السلبية الخطيرة للتدخل في شئونها الداخلية".
وأضاف أبو الغيط - في كلمته خلال فعاليات الاجتماع الوزاري للقمة العربية في جدة - "إننا ننشد علاقات تقوم على الاحترام المتبادل ومبدأ السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول ، مرحبا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية بمبادرة مشكورة ومحمودة من الرئيس الصيني ، ونتطلع إلى أن يمثل هذا الاتفاق خطوة حاسمة لحل الخلافات والنزاعات الإقليمية بالطرق الدبلوماسية وأن يؤسس لعلاقة جديدة قوامها حسن الجوار واحترام السيادة والالتزام بمبادئ الأمم المتحدة الناظمة للعلاقات بين الدول".
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أن الوضع في الأراضي المحتلة وفلسطين يقترب من مرحلة الانفجار ، ونعرف جميعا أن استمرار الاحتلال في إغلاق الطريق أمام التسوية التي تسمح بانهاء الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية هى الأسباب الرئيسية والجذرية لما يعانيه أخواننا في فلسطين ولكن زاد على هذه المعاناة في الشهور الأخيرة عامل جديد يتمثل في حكومة اليمين الإسرائيلي التي تباشر سياسة بالغة التطرف والتهور أدت الى زيادة منسوب العنف منذ بداية العام الحالي على نحو بالغ الخطورة وينذر بما هو أسوأ.
وشدد على أن مبادرة السلام العربية بكافة عناصرها تظل الخيار الاستراتيجي الأول لإنهاء الاحتلال ، محملا الحكومة الإسرائيلية المسئولية عن هذا التدهور الخطير في الوضع ، ومؤكدا أن ممارساتها المنفلتة ونهجها المتطرف سينعكس دون شك على التعامل العربي معها وفق محددات مبادرة السلام العربية والفلسفة الحاكمة لها.
وشدد أبو الغيط- في ختام كلمته - على أن هذه القمة وبرغم انعقادها في أجواء مفعمة بالتحديات والأزمات تؤشر لانخراط عربي أكبر في الأزمات والمشكلات ، منوها بأن العرب أكثر من أى طرف آخر هم من يدفع ثمن استمرار الأزمات وتعثر الحلول، لذلك نتطلع جميعا إلى قمة ناجحة تكون عند مستوى تطلعات الرأي العام وعلى قدر التحديات القائمة وتقدم حلولا عربية للمشكلات وتعزز من هذه الكتلة الإقليمية وتماسكها وتوحد كلمتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة