بما أنها بلادنا وحضارتنا التى تمتد جذورها لآلاف السنين، والتى سبقت وقادت حضارات الدنيا، وعلمت البشر أجمعين ما هو الضمير وما هى الإنسانية وكيف تكون الدولة وبناء الحضارة، إذن فمهمتنا جميعاً كل بما يملك من أدوات، إعادة الوعى، وتعريف عدد من الأجيال الحديثة بحضارة بلادهم، وما يملكون من تاريخ وتراث وآثار وكنوز مادية وأدبية لا يمتلكها جنس آخر على وجه الأرض، والتى يتسارع المتسارعون لاختطافها ونسبها لأنفسهم، واستنزاف خيراتها كما شهد التاريخ على مر الزمان.
فقد كانت مصر وحضارتها وثرواتها وأسرارها محط أنظار بنى البشر من كل حدب وصوب، وقد جاء غزاة وذهبوا، ثم جاء غيرهم وذهبوا مرات ومرات، لكنها صامدة شامخة لم تتبدل ملامحها، ولم تتأثر هويتها الصلبة العريقة التى تأبى أن تخفض رأسها لأى معتد، ولا تتأثر بثقافته أو تتحدث لغته مهما تعرضت للقهر والظلم.
فيذهب هذا وذاك من حيث أتوا، لتستعيد ترتيب أوراقها وتصلب قامتها، لتنظر للجميع من أعلى حيث مكانتها التى تستحق مهما كاد لها الكائدون.
فبعد أن اعتدنا على تطاولات إسرائيل ومزاعمهم بأنهم بناة الأهرام وأصل الحضارة المصرية، لنقف وقفة جادة ونضيء جميع لمبات الإنذار، ونشن حملة بغير أسلحة مادية، بل بأسلحة الثقافة والفنون والاهتمام بإحياء حضارتنا وتاريخنا، والاحتفاء به وتجسيده فنياً ووثائقياً بما يليق به كما وكيفا، ونأخذ بحساباتنا أن هناك خطراً يستهدف هويتنا بخبث وهدوء كالسم الذى يدس فى العسل.
من جديد تتجدد التطاولات ومحاولات تشويه وتزييف هويتنا ومظاهر عظمة حضارتنا من هذه المنظمة الأفريقية المركزية المعروفة بالأفروسنتريك، ومزاعمها أن الجنس الأفريقى الأسمر هو أساس الحضارة المصرية، وأننا جميعا كمصريين مجرد عرب جاءوا لمصر مع الفتح الإسلامى، وسرعان ما تم إنتاج فيلم وثائقى يظهر الملكة كليوباترا ببشرة سمراء، والذى طرحته المنصة الأمريكية المسيسة التى تغزو العالم أجمع، لنتأكد مجدداً أن هناك مخططاً لا نهائى المدى لا يكل ولا يمل يستهدف حضارتنا ومقدراتنا وتاريخنا الذى يؤرقهم ويقضى مضاجعهم.
وما زالت محاولات الاختطاف والاستنزاف مستمرة، وما زلنا غير مستوعبين أن صاحب النفس الأطول هو من سيفوز بنهاية المطاف، وأنه علينا الحذر وإضاءة جميع لمبات الخطر والعمل على خطة منظمة تشترك بها كل الجهات المعنية لتوثيق تاريخنا ومظاهر حضارتنا وجذور هويتنا بكافة أشكال التوثيق، والتى يكون على رأسها إعداد فريق عمل متكامل من كتاب للأعمال التاريخية المدققة، تختص تاريخ مصر الذى بزغ منذ آلاف السنوات، وكان شعاع النور الذى جاءت على إثره كافة الحضارات الإنسانية من بعده، بهدف تناول الحقب التاريخية المصرية من خلال الأعمال الدرامية والوثائقية المختلفة والبرامج المتخصصة بتاريخ مصر الطويل، لنتمكن من المنافسة المتكافئة بحرب شرسة من دون أسلحة ظاهرة، تستهدف سرقة تاريخنا وجذورنا والعبث بهويتنا من خلال الفنون التى لا نحسن استغلال قوة تأثيرها واستدامتها تلك التى ستبقى لأجيال قادمة قد لا تعرف شيئاً عن تاريخها وحضارتها وأصولها من خلال الكتب المدرسية التى قد لا يقرأها غالبية الطلاب.
نهاية:
لا سبيل للمواجهة والانتصار فى معركة تزييف الهوية وغياب الوعى سوى بالسلاح الأقوى والأبقى والذى يتمثل بالثقافة والفنون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة