تشغل الصناعة اهتماما واضحا فى الحوار الوطنى، ويحظى ملف الصناعة بمساحة توافق كبيرة، خاصة فيما يتعلق بتوطين الصناعات التحويلية واستغلال المواد الخام لخلق قيمة مضافة إلى الخامات والمعادن.
نظريا مصر لا تمتلك ثروات بترولية أو محفوظة، لكنها تمتلك مواد خام تتطلب أفكارا وأبحاثا لتتحول إلى ثروات.
خلال أقل من عام واحد افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى، عددا من المصانع أو المجمعات الصناعية التى تضاعف القيمة المضافة للثروات التعدينية والمواد الخام مرتفعة القيمة التى كان يتم تصديرها كمواد خام أو تركها للنهب والتهريب، بجانب سوابق التعامل مع ثروات مصر التعدينية باعتبارها مجرد قيمة مهملة، مصنع الرمال السوداء بكفر الشيخ، شهر أكتوبر، ثم فى مارس مجمع الصناعات الأزوتية، وأخيرا مجمع صناعة الكوارتز بالعين السخنة أمس.
وهذه الصناعات تأتى ضمن توجه توطين الصناعات، والاستفادة من الخامات الطبيعية لتحقيق قيمة مضافة، وتوفير منتج محلى بجودة عالية للسوق المحلى، وفائض للتصدير، فضلا عن توفير فرص عمل وتحقيق خبرات محلية فى هذه الصناعات، حدث ذلك فى الرمال السوداء ويتجه للرمال البيضاء، بجانب الصناعات التى تمتلك فيها مصر ميزات تنافسية ومنها صناعات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والجلود والألومنيوم، وأخيرا الأسمدة والمخصبات.
فى أكتوبر الماضى افتتح الرئيس مصنع منتجات الرمال السوداء فى كفر الشيخ، لاستخلاص 6 معادن رئيسية وهى الألمانيت والزيركون والجارنت والروتيل والمونازيت والمجانتايت، تدخل فى إنتاج التيتنايوم الإسفنجى وأجسام الطائرات والصواريخ والغواصات، والبويات والورق والجلود، والسيراميك والأدوات الصحية والزجاج وتبطين المفاعلات النووية، وصناعة الحراريات، والحديد الإسفنجى، وتغليف أنابيب البترول والخرسانات الثقيلة، والأصباغ والبويات وأسياخ اللحام، بينما يستخدم المونازيت كمصدر مشع لليورانيوم والتوريوم، وكذلك الصناعات عالية التقنية، تأسست الشركة المصرية للرمال السوداء كإحدى شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية عام 2016 برأس مال مصدر قدره نصف مليار جنيه، تمت زيادته إلى 4 مليارات جنيه بين الجهاز وهيئة المواد النووية ومحافظة كفر الشيخ والشركة المصرية للثروة التعدينية وبنك الاستثمار القومى، كما تم تأسيس الشركة المصرية الصينية للرمال السوداء، بهدف سرعة تغطية معظم مناطق الرمال السوداء على أرض مصر.
وفى مارس الماضى افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى، مجمع الأسمدة الأزوتية ويتكون من 6 مصانع لإنتاج الأسمدة الأزوتية، ويتضمن المجمع مصنعا لإنتاج الأمونيا وهى أساس إنتاج الأسمدة الأزوتية، بطاقة 400 ألف طن سنويا، ومصنع إنتاج اليوريا السائلة بطاقة 300 ألف طن، ومصنع اليوريا المحببة بطاقة 300 ألف طن، ومصنع إنتاج حامض النيتريك بطاقة 165 ألف طن، ومصنع إنتاج نترات النشادر بطاقة 200 ألف طن، ومصنع نترات النشادر الجيرية بطاقة 300 ألف طن سنويا، نفذ المجمع تحالف شركتى تيسن كروب الألمانية وبتروجت المصرية، ضمن توجه لتوطين الصناعة، وتمثل صناعة الأسمدة أحد أهم الأنشطة المرتبطة بالزراعة، خاصة مع التوسع الأفقى والرأسى فى استصلاح وزراعة الدلتا الجديدة وجنوب الوادى بتوشكى، ومستقبل مصر والصعيد وسيناء، مع الأخذ فى الاعتبار أن صناعة الأسمدة تأثرت بالأزمة العالمية وانعكاسات الحرب فى أوكرانيا، وواجهت الزراعات فى أكثر من دولة أوروبية أزمة بسبب نقص الأسمدة.
وفى المجمع الصناعى بالعين السخنة أيضا افتتح الرئيس السيسى، أمس الخميس، واحدا من المجمعات الصناعية المهمة، التى تعالج الخامات التعدينية وتحولها إلى قيمة مضاعفة عشرات ومئات المرات، وهو مجمع صناعات الكوارتز الذى أقامته الشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات، حيث تمتلك مصر المقومات الكاملة لإنتاج «الكوارتز» ، من خلال منجم كوارتز، من أجود وأنقى أنواع الكوارتز على مستوى العالم فى مدينة مرسى علم بالبحر الأحمر، بجانب مجمع المصانع «5 مصانع» بنطاق محافظة السويس، والذى يضم مصنعين للتكسير الأولى بجوار المنجم، والثانى للتكسير الرئيسى، ومصنعين للطحن، ومصنعا لإنتاج الكوارتز فى العين السخنة.
و«الكوارتز» من الخامات المهمة التى تتميز بالعديد من الصفات، فهو مضاد للبكتيريا والفيروسات والأشعة تحت الحمراء والبنفسجية ودرجات الحرارة العالية وجميع أنواع الأحماض، كما أنه أكثر صلابة من ألواح الجرانيت بأنواعه، لذلك تستخدمه المستشفيات وغرف الرعاية المركزة.
ويوفر مجمع «الكوارتز» 2600 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ويحافظ على الثروات التعدينية ويوفر منتجا للسوق المحلى وفائضا للتصدير، ويضاعف من القيم المضافة ويلبى مطالب الصناعة والاقتصاد.
p