كما عقدنا العزم على تسليط الضوء وتكثيف الاهتمام بكل ما هو إيجابي بالمجتمع المصري، وكل ما يبعث على الأمل والتفاؤل ليضىء شعاعا من النور الإلهي، وسط أجواء معتمة تسودها السلبية، وتحتل أبرز عناوينها الإحباطات والشكاوى والبكاء على أطلال الماضي البعيد.
فبكل أسف قد تعودنا أن نوجه أنظارنا لهذا النصف الفارغ من الكوب، ونغض البصر عن سواه، وتفوقنا ببراعة في تصدير الإحباط وإغلاق كافة نوافذ الأمل والتفاؤل، ولم نعد نشحذ طاقاتنا ونجدد إيماننا بأنه دائماً ما بعد العسر يسر، وأن هناك من الإيجابيات والنماذج المضيئة ما يشحذ الهمم المتكاسلة وما يثير تجديد الشغف وشحن الطاقة.
وبما أننا نولي تلك النماذج الملهمة اهتمامنا، تلك التي تستحق أن تتصدر ما يشتهر حديثاً بالتريند، ليطرد هذه العملة الرديئة من تصدره واعتلائه بكافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة، كما نرى ونسمع ونستشيط غضباً، لكننا في النهاية لا نملك أدوات المنع لمثل هذه الرداءات ولا مريديها ممن تلوثت أذواقهم بفعل التكرار والإلحاح.
إذن:
فلا نملك من أمرنا لمواجهة تلك المهازل التي ضربت القدوة بمقتل، سوى المنافسة بطرح كل ما هو إيجابي، مشرف، في محاولة جادة لاستعادة القيمة والقدوة التي تم تشويهها سنوات وسنوات.
نتحدث في مقال اليوم عن:
الدكتورة فاتن عبدالسلام حمدي، ابنة الـ 31 سنة، وابنة قرية ميت جراح بمدينة المنصورة، الحاصلة على جائزة التميز لأفضل رسالة دكتوراة من جامعة طوكيو.
-فقد كانت إحدى مقولات الدكتورة فاتن حمدي:
«نصحني أساتذتي بالسفر لليابان، ثم حصلت على واحدة من أهم المنح التي يمنحها البلد الآسيوي لطلاب الماجستير، ولم أستطع السفر بسبب ظروف الولادة، وانتظرت حتى أكمل ابني سن السنتين».
وبعدها، سافرت بدون منحة وبدون إمكانيات مادية تكفي ولو لمدة شهر، ثم بدأت رحلة المشقة، فعملت بدوام جزئي، وكان الأمر صعب بسبب النقاب، ولم أكن أجيد اللغة اليابانية، كنت بصحى الصبح بدري جدا أبدأ مذاكرة وبعدين أروح الجامعة لحد الساعة 5، وبعدين أروح أشتغل وأغسل أطباق، ولإن حلمي كان أكبر من أي حاجة واجهت صعوبات كتير، وبعدين دقت حلاوة النجاح ، ركزت مع دراستي، وتفوق وحصلت على امتياز، وبالتالي الجامعة أعطتني منحة كبيرة غطت كل المصروفات الدراسية، وبدأت رحلة الدكتوارة بعد سنة من السفر».
فحصلت الدكتورة فاتن بعد جهد واجتهاد على أفضل رسالة دكتوراة متعلقة بالهندسة الوراثية، تسعى للحد من انتشار السرطان عن طريق مكافحة الآفات الزراعية، بما يسهم في تقليص نسبة الكيماويات التي تتشبع بها الأطعمة المختلفة، في سابقة هي الأولى من نوعها، إذ عملت على دراسة زيادة استخدام الكيماويات لمكافحة الآفات، وما قد ينتج عنها من ضرر للإنسان وزيادة في معدل الإصابة بالسرطان، الناجم عن أضرار أصابت السلاسل الغذائية نفسها.
نهاية:
تحية وتقدير وعرفان لكل مبدع، مجتهد، متميز، رفع اسم مصر عالياً ببلاد أخرى تقدر قيمة العلم والعلماء، وهنيئاً لمصر أبنائها وبناتها الذين يثبتون للقاصي والداني أن الإرادة والإصرار والتحقق لا تمنعه الإحباطات ولا تقهره المستحيلات، فما أسهل الاتكاء على شماعات الفشل، وما أجمل لذة النجاح والانتصار رغم الصعوبات والمعوقات.
إلى لقاء غير منقطع مع نموذج مضىء للتريند المصري.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة