أصدرت دار الإفتاء المصرية كتاب "دليل الأسرة من أجل حياة مستقرة" بالتعاون مع وزارة العدل، وغطَّى كافَّة الموضوعات التى تهمُّ الأسرة المصرية.
وقامت دار الإفتاء بتوزيع الدليل على المأذونين الشرعيين على مستوى الجمهورية لإهدائه إلى الأزواج عند عَقْدِ القران، كما تعتزم تحويل محتوى الدليل إلى برامج تدريبية وتأهيلية للمُقبلين على الزواج، بالإضافة إلى إطلاقها حملات إعلامية لنشر أهداف الدليل، فضلًا عن نشر محتوى الكتاب على هيئة "بوستات" عبر منشورات على منصَّات التواصل الاجتماعى.
وفى صدر الكتاب قدمت نصائح وإرشادات فى العلاقة بين الزوجين، حيث راعـت الشريـعة الإسلاميـة، نظام العلاقة بين الرجل والمرأة وفــق الاستـعداد الفطـرى والتكويـن الجسـدى لكل منـهما، وذلـك لإعمـار الأرض وتحقيـق معنى السكن والمودة والرحمة، مـع غرس روح التـعاون والمشـاركة لصالح الطرفيـن ولصالح المجتـمع كله، فتتسق بذلك دواعى الطبع مع دواعى الشرع، وذلك على النحو الآتى:
1. احرصا على اختيار صحبة الخير لأولادكما.
وجِّها الأولاد لاختيار أفضل الأصدقاء، فمتى كان أصدقاء طفلكما صالحين تعلَّم منهم الصلاح، ومتى كانوا غير ذلك انتقل سلوكهم السيئ إليه، ففي الحديث قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله».
فلا تهملا تحذيره من أصدقاء السوء في الشارع والمدرسة والنادي، كل ذلك في رفق ولين مع ضرب الأمثلة ولفت الانتباه إلى أهل القدوة المرموقين في المجتمع، واحذرا الانتقاد المباشر واللاذع لأصدقاء طفلكما، فربما زاد ذلك من تمسكه بهم عنادًا.
ولا بد من متابعتهم في ذلك حتى تحافظوا عليهم من أصحاب السوء من المنحرفين والمجرمين، وكذلك حمايتهم من المتطرفين والإرهابيين ممن يحرصون على تجنيد الأطفال وتربيتهم تربية متطرفة، ليكونوا وقودًا لدمار البلاد ونشر الإرهاب.
2. احذرا من تنشئة ولدكما مدللًا، والزما الاعتدال والتوسط فى تلبية رغباته.
نظرًا للعاطفة الكبيرة والرحمة التي أودعها الله تعالى قلوب الآباء والأمهات نحو أولادهم، فإنهم يحاولون تلبية جميع طلباتهم وتنفيذ كل رغباتهم، وهذا أمر محمود لو كان في حد الاعتدال والتوسط، أما إن جاوز ذلك فإنهم يضرون أبناءهم من حيث لا يشعرون، فإن الطفل سيتعود على ذلك فينشأ أنانيًّا محبًّا لنفسه لا يشعر بغيره، وربما نشأ خجولًا يرى حقه يضيع فلا يتحرك لرده، أو إنه متى لم يحصل على ما يريد أخذه بطريق السرقة وهكذا.
فاحرصا على تنشئة طفلكما تنشئة سليمة بعيدة عن التدليل أو الحرمان، ففي القرآن الكريم قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ﴾ [الأنعام: 141]، وفي الحديث الشريف قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الأمور أوساطها».
3. احرصا على تعليم الأولاد التوسط في الأمور وعدم الإسراف والتبذير.
الإسراف والتبذير مذمومان بالنسبة للكبير والصغير فعليكما تعويد طفلكما اجتنابهما، وذلك من خلال التوسط في الإنفاق عليه وتدريبه على ذلك من خلال إعطائه النقود لشراء بعض السلع ومراقبة سلوكه لتقويم ما يلزم.
4. التزامكما الصبر في التعامل مع أولادكما يجنبكما الكثير من المخاطر.
الصبر معناه: ضبط النفس وكظم الغيظ وعدم الاستسلام للغضب عند رؤية تصرف لا يعجبك من طفلك، والتعامل معه بحكمة، قال الله تعالى: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ﴾ [الشورى:43]، وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصبر ضياء».
5. عالجا أخطاء طفلكما بالملاطفة والنصح والتوجيه برفق، ولا تكون الشدة إلا عند تكرار الخطأ، وتكون من باب التأديب لا الإهانة.
تيقنا أنه لا يوجد طفل لا يخطئ، فالخطأ وارد من الصغير والكبير، فعليكما باستعمال الرفق في معالجة أخطاء ابنكما، مع استشارة المختصين واسترشاد الناصحين، والتعلم من تجارب الآخرين، والاقتداء بهدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث عن عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي: «يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ».
ولتعملا على خلق الدوافع اللازمة لتربيته وتهذيبه وتنويع الأساليب والصور للوصول إلى أهم ما يصلح معه، وعدم اللجوء للشدة إلا في أضيق الظروف.
6. تغلبا على سلوك طفلكما بالرفق واللين معه.
لا تجبرا طفلكما على شيء ولا تشكواه لأحد، مع التحفيز المستمر بالكلمات الطيبة، والهدية عند الاستجابة، وكذلك عليكما مدح أفعاله الحسنة، وعليكما استبدال نشاطه المرفوض بنشاط آخر، وفي الحديث قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف» وقال صلى الله عليه وسلم: «لم يدخل الرفق في شيء إلا زانه، ولم ينزع من شيء إلا شانه».
7. احذرا مقارنة طفلكما بغيره، فمن أشد الأمور تأثيرًا بالسلب عليه مقارنته بغيره.
فلا بد من مراعاة الفروق الفردية بين البشر، فلكلِّ طفل ما يميزه عن غيره، فحاولا البحث عما يوجد عنده من مهارات ومواهب واعملا على دعمه وتشجيعه، وابذلا له الجوائز ليستمر فى تميزه.
8. احذرا أن تلوما طفلكما أمام الآخرين، فذلك يضعف من شخصيته، ويعطي الآخرين الفرصة للومه، وليكن بينك وبينه، ومتوجهًا للفعل لا للطفل.
من الأخطاء التي يقع فيها بعض الآباء والأمهات كثرة لوم أطفالهم أمام الآخرين وإحراجهم نفسيًّا، ولا يتنبَّهون أن ذلك يُضعف من شخصيتهم، ويعطي الآخرين الفرصة للومهم، لا سيما قرناؤهم، ومن هنا ينشأ العناد لدى الطفل فلا يستجيب لتوجيهات أبويه.
لذا عليكما بالحذر من ذلك واجعلا اللوم على فترات متباعدة وبينكما وبين أطفالكما وليس أمام الآخرين، كأن تقولا له بطريق غير مباشر: إن هذا الفعل مذموم وقبيح والناس يكرهونه وهكذا، ولا تكثرا من اللوم حتى لا يفقد اللوم فائدته وتأثيره.
9. عوِّدا بناتكما على الاحتشام، والصيانة والعفة، والتحلي بالحياء في الأقوال والأفعال.
عوِّدا بنتكما أن تمشي باعتدال وبما يليق بها، وألا ترفع صوتها بالكلام أو الضحك المستهتر في حضور الغرباء، وأن تلبس الثوب الذي لا يصف ولا يشف ولا يكشف، تدريبا وتهذيبا لها، وحتى تسهل عليها أحكام الشرع الحنيف إذا وصلت مرحلة التكليف.
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك ففي الحديث: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رِقاق، فأعرض عنها، وقال: «يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لن يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا - وأشار إلى وجهه وكفيه»، ووصف الله المرأة التي جاءت إلى سيدنا موسى عليه السلام بالمشي على استحياء فقال: ﴿فَجَآءَتۡهُ إِحۡدَىٰهُمَا تَمۡشِي عَلَى ٱسۡتِحۡيَآءٖ﴾ [القصص:25].
10. احرصا على التفريق بين الأبناء والبنات فى موضع النوم.
بحيث يكون لكل منهم مضجعه وسريره الخاص به قدر الإمكان، قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وفرقوا بينهم في المضاجع»، يعني: بين الذكور والإناث من الأولاد في أماكن النوم، لقربهم من البلوغ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة