يُسهم الاستثمار الأمثل للثروة البشرية في رقي وتقدم المجتمعات؛ إذ به يكتسب الفرد المقدرة على اكتشاف ذاته وما يمتلكه من مهارات وقدرات خاصة، تحقق له ولمجتمعه جودة الحياة من خلال إتاحة المزيد من الفرص والخيارات التي يستغلها بصورة إجرائية.
ويُعد تمكين المرأة هدفًا رئيسًا ومهمًا لتفعيل دور المرأة التنموي، كونها شريكًاً فاعلاً في التنمية بكافة صورها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية والبيئية؛ لذا فإن تعزيز وضع المرأة ومكانتها وتمكينها في المجتمع، يؤكد الاهتمام بحقوق الإنسان، ورفض التمييز بين الجنسين، وتعضيد المساواة والإيمان بما تمتلكه المرأة من مقومات، وتلكما من تطلعات الجمهورية الجديدة التي نعيش بداياتها.
ويستهدف تمكين المرأة القضاء على مظاهر التمييز ضدها وتفعيل مشاركتها في عملية التنمية من خلال اندماجها التام في الأنشطة الخدمية الاجتماعية والصحية والتعليمية، والأنشطة المدرة للدخل، ويتطلب ذلك المزيد من الشراكة التي تضمن تفعيل العلاقات النوعية الاجتماعية في الاتجاه الذي يساعد على تحقيق التوازن والاستقرار وتغيير العلاقات المهنية في اتجاه الانحياز للخبرة والكفاءة وليس النوع.
وهنالك ممارسات وظيفية يرتكن إليها تمكين المرأة تقوم على المشاركة الحقيقية والشعور بمشكلاتها وتهيئة الفرصة لحلها وإتاحة الموارد كي تستثمرها وفق المخطط التنموي الذي تتبناه الدولة في استراتيجيتها الطموحة المتعددة الأبعاد؛ لتنغمس المرأة في أبعاد التنمية المستدامة في مجالاتها الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية، والقانونية، والصحية، والبيئية، والتعليمية.
وقد أضحت التحديات المحلية والإقليمية والعالمية موجهًا رئيسًا نحو تمكين المرأة لتحتل مكانتها في السلم والحرب وفي التنمية والإعمار وفي الديمقراطية وتمثيلاتها المختلفة وفي صناعة القرار واتخاذه وفي الإدارة وتدرجاتها، ولا ريب فقد ساعدت السياسات الدولة على تفعيل أدوارها عبر تغييرات جذرية في القوانين الدولية التي خلقت للمرأة المكانة اللائقة بكيانها.
ويتأتى إيمان المجتمع المصري بدور المرأة وتقديره لها من رأيه الجمعي الذي ترجمه دستور البلاد؛ حيث كفل لها حقوقها كاملة، ورسخ عبر مواده التي أقرها الشعب لقيم العدالة والمساواة لها دون تمييز بينها وبين الرجل، كما تحققت ماهية تكافؤ الفرص في كافة المجالات العلمية والعملية والحياتية المختلفة.
والمُتمعن في رسائل رئيس الجمهورية عبر خطاباته المتعددة يلاحظ مدى اهتمامه بالمرأة التي بها يرتقي المجتمع؛ فقدر لها تضحياتها وما تبذله من جهود في المجالات المختلفة من أجل كيانها الصغير المتمثل في أسرتها، وما تقدمه من تضحيات لأجل وطنها الكبير؛ لذا شرعت قوانين الحماية لها، ونالت المزيد من الاستحقاقات التي علت من قدرها وتمكينها بالصورة التي تليق بها في المجتمع.
وتحقق تمكين المرأة بالجمهورية الجديدة بفضل توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وفر لها صور الحماية والرعاية كونها الشريك الفاعل في نهضة الوطن؛ حيث تخوض معارك لا تنتهي على كافة المستويات، وتتحمل من الأعباء والمسئوليات الكثير؛ لذا نالت التقدير والاحترام والتكريم؛ فأطلق عام 2017 عام المرأة المصري، صاحبة الكفاح، والنضال، والعزة، والكرامة.
وقد صدقت مصر على المعاهدات والاتفاقيات الدولية لتعزيز مساهمة المرأة في الحياة العامة والسياسية؛ حيث وقعت على الاتفاقية الدولية لمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وكذلك الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة، وهذا ما أقرته مواد الدستور المصري مسبقًا وترجمته القوانين والتشريعات التي فتحت المجال أمام المرأة لمزيد من المشاركات الحقيقة على أرض الكنانة.
وترجمت رؤية مصر 2030 تمكين المرأة بصورة إجرائية؛ إذ حددت عبر استراتيجيتها معايير بناء المجتمع الذي يتسم بالعدالة ويضمن من خلال قيمه النبيلة الحقوق والفرص ومن ثم مشاركة المرأة بفعالية في كافة أوجه العمل الوطني والتنموي، ووضعت لذلك محاور أربعة تمثلت في التمكين السياسي المتمثل في تعزيز الأدوار القيادية للمرأة، والتمكين الاقتصادي، والتمكين الاجتماعي، والحماية؛ كي تتحقق النهضة والازدهار ونصل إلى حالة من الاستقرار والرضا المجتمعي.
وتمثلت أهداف التمكين السياسي في تحفيز المشاركة السياسية للمرأة بكافة أشكالها بما في ذلك التمثيل النيابي على المستويين الوطني والمحلى، وتقلد المناصب القيادية في المؤسسات التنفيذية والقضائية وتهيئة المنُاخ الداعم لها للنجاح في هذه المناصب.
ويكمن التمكين الاقتصادي للمرأة في تنمية قدراتها العملية، وتوسيع خيارات العمل أمامها وزيادة مشاركتها وتحقيق تكافؤ الفرص في توظيفها بكافة القطاعات بما في ذلك القطاع الخاص وريادة الأعمال، مع معالجة العوامل التي تعيق تمكنها بشكل جذري.
ويقوم التمكين الاجتماعي للمرأة على منع الممارسات التي تكرس التمييز ضدها أو التي تضر بها سواء في المجال العام أو داخل الأسرة، بالإضافة إلى المساندة القانونية وتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية ومساندة نوعية للفئات الخاصة.
وتهدف الحماية للمرأة إلى القضاء على الظواهر السلبية التي تهدد حياتها وسلامتها وكرامتها وتحول بينها وبين المشاركة الفعالة في المجالات كافة بما في ذلك كافة أشكال العنف ضدها، وحمايتها من الأخطار البيئية التي قد تؤثر بالسلب عليها من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية.
وواقع المرأة في الجمهورية الجديدة يشير إلى أنها حظيت بمكتسبات فريدة وغير مسبوقة؛ إذ حرصت الدولة المصرية على دعمها ضمن الاستراتيجيات القومية للتغيير نحو الإيجابية، والمبادرات والبرامج المجتمعية الداعمة التي تتكفل بها جهات حكومية وغير حكومية ومنها: إطلاق برنامج مودة للحفاظ على كيان الأسرة المصرية، وبرنامج تكافل وكرامة، وبرنامج وعي للتنمية المجتمعية، وبرنامج (100) مليون صحة، وبرنامج اثنان كفاية للتوعية بأهمية تنظيم الأسرة، وبرنامج توعية ما قبل الزواج لتوجيه الشباب إلى مسؤوليات الزواج، وبرنامج القيادة النسائية التنفيذية لبناء قدرات موظفات الحكومة، وبرنامج سيدات يقدن المستقبل للشابات لتنمية مهاراتهن القيادية والإدارية وبناء قدراتهن.
وهناك مبادرة الإتاحة؛ فقد التزمت محافظات مصر بتطبيق مفاهيم الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة في الهيئات الحكومية والمشاريع المتطورة الجديدة، وتم إطلاق الكود الأخلاقي للتعامل مع المرأة ذات الإعاقة بخصوص تقديم الخدمات الحكومية.
ودشنت الجمهورية الجديدة العديد من الاستراتيجيات والمشروعات الوطنية بشأن المرأة؛ حيث وضعت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الختان، والاستراتيجية الوطنية لمناهضة الزواج المبكر، ورعت المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية في قرى مصر "حياة كريمة"، كما نالت المرأة المصرية رعاية قرينة رئيس الجمهورية، برعاية مبادرتا دوي ونورة، اللتان تدعمان تمكين الفتيات وترفعان الوعي بتغير المناخ.
إن الثقة في القيادة السياسية كبيرة في مساندة المرأة وتمكينها لتثبت للمجتمع أنها على قدر المسئولية، وشريكة في الانجاز للارتقاء بمقدرات الوطن والحفاظ على كيانه، حفظ الله رئيس الدولة ووفقه لما فيه الخير والصواب.