خالد دومة يكتب: إشراقة نفس

السبت، 24 يونيو 2023 02:15 م
خالد دومة يكتب: إشراقة نفس خالد دومة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حين تقابل إنسانا، وتتغافل عن مواجهة ما يدور فى نفسه، من أهوال، فلا بد أن يبدو عليك شيء من السكينة، فى نظراتك، فلا تكن ضعيف النفس، وتجعل تلك النظرات، تخبر بما يجيش به صدرك، لا ترفع عنك الغطاء، لا تجاهر بما يؤذيك منهم، يتلف روحك، فأينما تكون، سوف تلقى ما يحاول أن يهدمك، لا لشيء إلا لأنك لا تجيد فنون التحول، والتخفى والنفاق.

لك وجه واحد، وقلب واحد، فى سباقك نحو الحياة لا تجعلهم ينسونك، ما لقنته إياك المبادئ، التى عشت سنوات تنادى بها، وتدعو إليها، إنك قد تواجه أضرار بالغة، ولكنها تهون، حين يهون كل شيء، من أجل الحق الذى يسكنك، وينبت فيك، ستعلو أصواتهم فى وجهك، تدعي! فلا تهاب من أصواتهم، فهو غثاء، فرقعات يكمن بداخلها عمالقة هشة ضعيفة، ما عليك إلا أن تتجاهل ما يصرخون به، فتميت فيهم الباطل المغرور، ظنونهم السيئة، لا تتوقف، أذهب بعيداً، ولا تتحول إليهم، لا تنظر فى وجوهم، ولا تلقى لهم بالاً، أقتلهم بالصمت، بالتجاهل، بالتغافل عما يصنعون، هم يريدون منك أن يلهوك، أن تتعثر فى الطريق، يلقون أقذارهم وأحجار ألسنتهم، لكنك لا تبالى ما يفعلون، إن الكلمات الجارحة التى يحملها الهواء إلى مسامعك، إنما هى عصارة الخسة، الكامنة فى صدورهم، لا تلتفت، وأكمل مسيرك نحو الحياة، التى تريد.. إن تخاذلت! ساعدتهم فى أن يهدموك، أيديهم تحمل المعاول، وتستعد للإجهاز عليك، لكنهم يريدونك أن تنظر إليهم، حتى يبدو كأنهم يردون طعناتك التى يتوهمون، لن تستطيع الصمود أمام زيفهم، أمام صدأ عقولهم، إن تاهت منك حكمتك فى أن تبتذل عقلك، أمام جهلهم، الذى يبنون له معابد، ويطوفون حوله، بطقوسهم المنفرة، إن الحرب دائرة مستمرة، ولكنهم أعداد غفيرة، لا تحترم منطق، ولا تسعى لإصلاح، فهم خواء من كل ما يصلح، ومن كل منطق، يساعد الإنسان على تخطى الأزمات، أن يتحرر.

أن تسير خير لك من أن تقف عاجزا، أمام منطقهم الذى يخلو من كل منطق، إن فرارك ليس هروباً، من مواجهة عادلة، من حرب متكافئة، من نزاع حول منطق يسوقه عقل رشيد، من اختلاف لا يورث ضغينة، إنك تفر من طوفان، لا يفرق بين صغير وكبير، بين عاقل وغافل، بين رجل وامرأة، بين صبى وشيخ مسن، هو لا يرى، يخلف خراباً عميقاً كبيراً، يحتاج إلى سنوات؛ حتى نصلح ما أفسد جيل وخطا به خطوات واسعة نحو الشقاء، لا بد أن نرفع ما خلفه من حطام، نمهد الأرض من جديد، نحمل فوق عواتقنا طيناً مهولاً، نلقى به بعيداً، نغرس الأشجار على جنبات الطريق، نظلل البيوت والنفوس، من الهجير، من حرارة شديدة، تحرق جلود النشأ الجديد، نروى الشجر بماء الدموع، بالعرق المتساقط، من عمل متواصل، ثم نبذر الأرض ببذور المحبة، بالرحمة، نتهيأ لفتح صفحات جديدة، نسطر فى الصفحة الأولى، مبادئ عهد جديد، ودنيا غير الدنيا، التى رحلت، يتعلم منها الإنسان، لا بد أن يتعلم، يراجع عهده القديم، يتلافى الكسور، يشيد من جديد عالماً أخر، ينضج على مهل، أنت على الطريق، لا تقول، لماذا؟ أنا وأنت بداية جيل حكيم، أنت السطر الأول فى العهد الجديد، وسيأتى ألف عهد جديد، بداية ضوء، يشرق فى النفوس، يضيء العالم، من داخل الإنسان، يمحو النكتة السوداء التى تولد معه، فتكبر ثم تكبر، تأكل جسده، فتمحو النور فى داخله، يحل مكانه ضباب يظلم، فلا تتكشف له الأشياء، يظل يتخبط ويموت، فى نهاية الأمر، بتلك المحرقة، أقولها لك، فى وضوح، فى صراحة تامة، لا تتراجع، لا تتخاذل، لا تتنازل عن كسب القضية، عن مساندة الحق، عن نشر الشعاع، المنبعث من داخلك، فلا تجعلهم يطفئوه، ستأثم ستضيع، ستفقد نفسك فى زحامهم، إن تراجعت....







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة