كان المشهد مهيباً فى صباح يوم 23 يوليو 1952، استيقظ المصريون ليُشاهدوا الدبابات فى الشوارع وسمعوا "بيان الجيش" فى الإذاعة فى تمام الساعة السابعة والنصف صباحاً، وحينما أنصَتوا للجُملة الأولى من البيان والتى يقول فيها مندوب القيادة "اجتازت مصر فترة عصيبة من تاريخها" خرجوا للشوارع مؤيدين للضباط الأحرار، فى هذه اللحظة تغير تاريخ مصر، وطُوِيَت صفحة بائسة من تاريخنا كان عنوانها "الفساد والرشوة وعدم الاستقرار والاضطرابات"، وبدأنا حُقبة جديدة، فقد تولى أمر البلاد ضباط نثق فيهم، لكن سُرعان ما حدثت محاولة لاغتيال جمال عبدالناصر فى المنشية بالإسكندرية عام 1954 والذى تورطت فيه عناصر إخوانية _ تابعة للتنظيم الخاص السرى _ وبدأت الصدامات، ثم تَبع ذلك العدوان الثلاثى عام 1956 وخرجنا منه بأقل الخسائر، ثم كانت الفترة التالية والتى حَققنا فيها نهضة شاملة _ ثقافية وصناعية وزراعية _ غير مسبوقة، ولم نَهنأ بالاستقرار كثيراً فقد تم الكشف عن ( تنظيم 1965 ) والذى كان يُخطط لأعمال عنف واغتيالات وتفجيرات، تبع ذلك نكسة يونيو 1967.. ما كل هذه الأحداث المريرة والخطيرة والعصيبة؟.. "ياااااه.. دى مصر شالِت فوق طاقتها" بصحيح.
بعد ما حدث فى 1967، كان كل هدفنا رَد الصاع صاعين وإعادة الأرض المسلوبة وعودة الكرامة المصرية وبدأت على الفور "حرب الاستنزاف"، وكانت كل موارد الدولة مُوَجَهة للاستعداد للحرب، توفى "عبدالناصر" وتولى "السادات"، ونجح فى البداية من تثبيت دعائم حُكمه ونَفذ ثورة تصحيح فى 15 مايو 1971، وتَفرَغ للاستعداد للمعركة، كان الشعب المصرى بأكلمَله يُرَدِد: عايزين نِحارب. انتشرت المظاهرات الشبابية فى الجامعات لِتُطالب الرئيس السادات بإعادة الأرض، وكان هو يُخَطط للمعركة بكل دهاء، حققت القوات المسلحة النصر الغالى، وعبرت القوات لشرق القناة وانتصرنا، وبدأنا مشوارا طويلا فى المفاوضات لاستكمال عودة كل حبة رمل من سيناء، ظهرت تيارات الإسلام السياسي، وبدأ التناحُر وبدأ التشدُد ينتشر، وبدأ التطرُف يجد موطأ قَدَم له فى الأوساط السياسية وفى الجامعات وفى المساجد، فكر "السادات" فى التفاوض مع إسرائيل ووقع اتفاقية السلام وزار إسرائيل وألقى خطاباً تاريخياً فى الكنيست، المُتطرفون زايدوا عليه وتَشنَجوا واغتالوه فى احتفاله بالذكرى الثامنة لحرب أكتوبر فى عام 1981.. ما كل هذه الأحداث الرهيبة والغريبة والعجيبة ؟ .. "ياااه دى مصر شالِت فوق طاقتها" بصحيح.
تولى "مبارك" وطوال حُكمه الذى إستمر لنحو 30 عاماً كانت هناك تقلُبات كثيرة، فقد شهدت البلاد أحداث الأمن المركزى فى 1986، واغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب، ومحاولات لاغتيال مكرم محمد أحمد وحسن الألفى ونجيب محفوظ ومبارك نفسه مرتين، وحدثت عمليات إرهابية فى الأقصر فى 1997 وطابا وشرم الشيخ والحُسين ودهب، وتزوير الانتخابات وتعديل الدستور ووجود 88 عنصرا إخوانيا فى برلمان 2005، وتفجير كنيسة القديسين، ثم أحداث 25 يناير، وحَرِق أقسام الشرطة والمحاكم واقتحام السجون وانتشار الفوضى، ودخول سلاح بكميات هائلة، وطفى على السطح المتطرفون فكرياً، فبئس هذه الأيام، ثم أصبحت "مصر" فى جُعبة هؤلاء الضالين، وفعلوا فيها كل ما لا يرضاه الله.. ما كل هذه الأحداث القاسية والكئيبة والبائسة؟.. "ياااه.. دى مصر شالِت فوق طاقتها" بصحيح.
بعد نجاح ثورة 30 يونيو 2013 حاول المُتطرفون خَرق سفينة الوطن، وسَخَروا أنفسهم لإفساد الأرض، وكانت كافة أعمالهم ضد الوطن وضد الإنسانية، كَفّرونا وفَجّرونا وتورطوا فى قِتالنا وإرهابنا، دَفعنا الثمن وواجهنا، واغتالوا خيرة الشباب من الضباط والجنود والنائب العام هشام بركات، وحَرقوا الكنائس وفَجَروا مديريتى أمن القاهرة والدقهلية، لكن ضَل سعيهم، بسم الله الرحمن الرحيم (قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا ، ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا) صدق الله العظيم.. ما كل هذه الأحداث الأليمة والمؤلمة؟.. "ياااه.. دى مصر شالِت فوق طاقتها" بصحيح.
رغم كل هذه الأحداث الصعبة حرَص الرئيس السيسي على تنفيذ خطط التنمية بكل دِقة وبكل سرعة، ولم تتوقف المشروعات القومية، وشاهدنا العاصمة الإدارية و 14 مدينة جديدة، ومنها العلمين والمنصورة، وشاهدنا المزارع السمكية والصوبات الزراعية ومدينة الجلود، ومدينة الأثاث، والطرق والكبارى، وتطوير الموانئ، ومبادرة حياة كريمة التى أعتبرها _ من وجهة نظرى _ بمثابة (مشروع القرن).
أقول ذلك لأن من ينظُر إلى تاريخ مصر الحديث سيجد العجَب العُجاب، سيجد وطنا مُستهدفا _ مع سبق الإصرار والترصُد _ منذ عقودٍ طويلة، ومع ذلك يواجه أبناء الوطن هذا الاستهداف المُستمر بكل شجاعة وبلا هوادة وبلا خوف.. أقول ذلك لأن مصر لديها أعباء كثيرة تزداد يوماً بعد يوم، خاصة بعد تداعيات فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وبعد الأحداث التى طرأت فى عدد من الدول العربية الشقيقة ونتج عن ذلك توافُد أكثر من 9 ملايين ضيف يعيشون معنا على أرض مصر، ويُعاملون أحسن معاملة.. أقول : إن الأعباء والتحديات تتزايد على مصر، لكن قوَتِنا وإرادتنا وإيماننا بأن الله معنا ستجعلنا نحافظ على وطننا ونعبُر به لبر الأمان فى ظل القيادة الحكيمة لسيادة الرئيس السيسي، فساندوه وأعينوه، بسم الله الرحمن الرحيم (رَبَّنَآ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةٗ وَهَيِّئۡ لَنَا مِنۡ أَمۡرِنَا رَشَدٗا) صدق الله العظيم.