لا يزال الفنان العالمى بابلو بيكاسو يثير الجدل ويطرح الأسئلة، وذلك رغم رحيله منذ 50 عاما .. ومؤخرا تعاونت الفنانة الاسترالية هانا جادسبى مع كاثرين موريس أمينة مجموعة الفن النسوى بمتحف بروكلين فى الولايات المتحدة، وليزا سمول، أمينة الفن الأوروبى بالمتحف لإقامة معرض يطرح أسئلة حول فن بيكاسو وإرثه وتحديدا علاقته بالنساء بل وكراهيته لهن.
معرض الحب والشهرة والمأساة
ولم يكن هذه المعرض هو الأول الذي يهاجم أفكار بيكاسو، ففي سنة 2019 انتقدت "مارى بيرد" الأستاذة بجامعة كامبريدج، معرض بيكاسو فى "تيت مودرن" فى لندن، بعدما قالت إن المعرض وصف بيكاسو "بالبطل"، لتمكنه وإدارته فى أن يكون له زوجة وعشيقة.
ووثق المعرض حياة بيكاسو فى عام 1932 تحت عنوان "الحب والشهرة والمأساة"، وركز على حياة الفنان فى تلك الفترة خاصة المرحلة الذى أقام فيها علاقة عاطفية مع مارى تيريز والتر، دون علم زوجته، وبسبب هذه العلاقة أنتج بيكاسو أعظم لوحاته الفنية.
مظاهرات فى سنة 2021
وفى احتجاج فريد من نوعه، نظمت أستاذة جامعية من كلية الفنون فى مدينة برشلونة الإسبانية أمام متحف مخصص للفنان بابلو بيكاسو في سمة 2021، بهدف إلى تسليط الضوء على معاملة الفنان الإسبانى بابلو بيكاسو للنساء التى اتسمت فى بعض الأحيان بالقسوة.
وتوجهت ماريا يوبيس و7 من طالباتها إلى متحف بيكاسو مرتديات قمصانا كتب عليها "بيكاسو الذى يسيء معاملة النساء" وعبارات أخرى تشير إلى دورا مار، الفنانة الفرنسية التى يُعتقد أنها عانت من سوء المعاملة على يد بيكاسو خلال فترة علاقتهما بين ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.
والمحتجات يرن أن بابلو بيكاسو كان قاسيا مع نسائه، لفتن إلى أن رائد المدرسة التكعيبية كان سيئا فى معاملته السيدات من عشاقه ومعجباته، فهل حقا كان "بابلو" يكره النساء أو يعاملهن بقسوة؟.
ماذا عن نساء بيكاسو؟
"المرأة عود ثقاب يشعل رغبتى فى الرسم، أريدها دائمة الحضور، متجددة، ونارها لا تنطفئ"، هكذا اختصر بابلو بيكاسو كلامه على المرأة لصديقه الشاعر جيوم أبولينير.
يقول كتاب نساء بيكاسو لـ"جوزف أبى ضاهر" والصادر عم دار الفارابى، لم يكن بيكاسو يكتفى بامرأة واحدة كان يمل، يضجر يسعى إلى التجديد والتغيير، كما فى ألوان لوحاته، وعلاقاته بالمرأة توزعت بين الشغف والامتلاك، بين الجنون والمزاجية، وصولاً إلى الرفض فالإهمال، والبحث عن وجه جديد.
كان بيكاسو فنان "ماجن" كما وصفه الشاعر ماكس جاكوب، وقد سعى ليكون النموذج الأشد التزاما بفنه، عدا ذلك، تخضع الناس والأشياء لتقلباته، وكاد يظن، وهو أمام المرآة، أنها أجمل لوحة رسمها.
يقول الكتاب إن ييكاسو كان يمارس الجنس أولاً حتى الظهر، ثم يرسم مثل وحش، وإلى ساعة متأخرة فى الليل "إنه البركان الذى يتحرك مثل لوحاته، حادة مثل خطوطه، ومتنوعة مثل ألوانه".
ويتابع الكتاب، مع كل امرأة تبدأ مرحلة، وتنتهى مرحلة، ولا واحدة اختصرتهن، ولا واحدة استطاعت القول "بيكاسو أحبنى وحدى مثل نفسه، مثل فنه، أو حتى مثل لوحة من لوحاته الكثيرة".
لقد أحبهن جميعا، وأهملهن جميعا، لأنه لم يخلق لهن "أنا خلقت للفن، خلقت للرسم، صرت بيكاسو"، كذلك أهمل الفنان أولاده ورفض طويلا الاعتراف بأبوته الشرعية لكلود وشقيقته بالوما (ولدا فرنسواز)، ورفض رؤيتهما له حتى سنواته الأخيرة، ومثلهما أهمل حفيده بابليتو الذى انتحر لأنه لم يستحمل إهمال جده له.
يقول الكتاب إن بيكاسو كان وحيد والديه وأختيه، استرخى فى دفء تدليلهن، وسرعان ما تعلم سبل النفاذ إلى قلوب النساء وإغرائهن.
أما النساء فى حياة بيكاسو فمنهن، فرناند، ايفا، أولجا، مارى، تريز، دورا مار، فرنسواز، جنفياف، وصولا إلى جاكلين.
اثنتان تزوجهما: أولجا وجاكلين، واثنتان انتحرتا: مارى تريز أسفا على حياتها معه، وجاكلين أسفا على غيابه عنها، واثنتان دفعهما إلى الجنون: أولجا ودورا مار، وإيفا ماتت قبل أن يملها ويتركها أو تتركه.
وحدها فرنسواز كانت أكبر من "الكارثة" هجرته وسط استهاجانه "لا تستطيع امرأة أن تهجرنى" وكتبت عنه فظهرت نساء أخريات كن فى الظل (جرمين، مادلين، جرترود، ناش، إيناس، دومنيك".