استخدم الملايين ChatGPT من OpenAI منذ صدوره فى نوفمبر من العام الماضى، وذلك لكتابة الخطابات، وإنشاء كتب للأطفال، وحتى مساعدة الطلاب فى مقالاتهم وأسباب أخرى مهمة، وفى حين وجدت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد أنه يمكن إلغاء 47% من الوظائف الأمريكية بواسطة الذكاء الاصطناعى، وجدت دراسة حديثة لـGoldman Sachs، وهى شركة عالمية رائدة فى مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية والأوراق المالية وإدارة الاستثمار، أن أدوات الذكاء الاصطناعى التوليدية يمكن أن تؤثر فى الواقع على 300 مليون وظيفة بدوام كامل فى جميع أنحاء العالم، ما قد يؤدى إلى اضطراب كبير فى سوق العمل.
ومع ذلك، قالت أنو مادجافكار، الشريك فى معهد ماكينزى العالمى: إن الحكم البشرى يحتاج إلى تطبيقه على هذه التقنيات لتجنب الخطأ والتحيز، ووجد مستخدمو ChatGPT أيضا أن الروبوت يمكن أن يولد معلومات خاطئة، ويجيب بشكل غير صحيح على مشاكل الترميز، وينتج أخطاء فى الرياضيات الأساسية، لذلك مازال تأثير ChatGPT على سوق العمل يحتاج للمزيد من العوامل حتى يتم الخوف من استبداله بالبشر، وإن كان يضر ببعض الوظائف.
وظائف التكنولوجيا والبرمجة
قد يكون برنامج الدردشة الآلى ChatGPT أقوى مما نتخيله، حيث وجدت Google أن محرك البحث الخاص بها قد يوظف الروبوت كمبرمج إذا تم تقييم مهامه على مستوى العمل والتقدم للوظائف، وقال موظفو أمازون الذين اختبروا ChatGPT: إنه يقوم بعمل جيد جدا للإجابة على أسئلة دعم العملاء، كما أنه قوى جدا فى الرد على الاستفسارات حول استراتيجية الشركة.
ووفقا لما ذكره موقع business insider، يعد الترميز وبرمجة الكمبيوتر من المهارات المطلوبة فى سوق العمل، ولكن من الممكن أن يسد ChatGPT وأدوات الذكاء الاصطناعى المماثلة بعض الفجوات فى المستقبل القريب.
تعد الوظائف التقنية مثل مطورى البرامج ومطورى الويب ومبرمجى الكمبيوتر والمبرمجين وعلماء البيانات قابلة جدا لتقنيات الذكاء الاصطناعى، التى تحل محل المزيد من عملهم، ذلك لأن الذكاء الاصطناعى مثل ChatGPT جيد فى معالجة الأرقام بدقة نسبية.
يمكن للتقنيات المتقدمة مثل ChatGPT أن تنتج كودا أسرع من البشر، مما يعنى أنه يمكن إكمال العمل بعدد أقل من الموظفين، كما قال مارك مورو، الزميل الأول فى معهد بروكينجز، الذى بحث فى تأثير الذكاء الاصطناعى على القوى العاملة الأمريكية.
وأضاف: تفكر شركات التكنولوجيا مثل OpenAI صانع ChatGPT بالفعل فى استبدال مهندسى البرمجيات بالذكاء الاصطناعى.
ومع ذلك، يعتقد أوديد نيتزر، الأستاذ بكلية كولومبيا للأعمال، أن الذكاء الاصطناعى سيساعد المبرمجين بدلا من استبدالهم.
وقال «نيتزر»: فيما يتعلق بالوظائف، اعتقد أنها فى الأساس يعمل الذكاء الاصطناعى كمعزز أكثر من الاستبدال الكامل للوظائف، مضيفا: تعد البرمجة مثالا جيدا على ذلك، فى الواقع يمكن لـChatGPT كتابة التعليمات البرمجية بشكل جيد من أجل مساعدة البشر فى أداء مهامهم الوظيفية.
صناعة الإعلام وإنشاء المحتوى
قالت أنو مادجافكار، الشريك فى معهد ماكينزى العالمى: إن وظائف وسائل الإعلام فى جميع المجالات، بما فى ذلك تلك المتعلقة بالإعلان والكتابة الفنية والصحافة وأى دور يتضمن إنشاء المحتوى، قد تتأثر بـChatGPT وأشكال مماثلة من الذكاء الاصطناعى، وذلك لأن الذكاء الاصطناعى قادر على قراءة البيانات النصية وكتابتها وفهمها جيدا.
ووفقا لما ذكره موقع business insider، تابعت «مادجافكار»: إن تحليل وتفسير كميات هائلة من البيانات والمعلومات المستندة إلى اللغة هى مهارة تتوقع أن تتكثف فيها تقنيات الذكاء الاصطناعى التوليدية.
وقال الخبير الاقتصادى بول كروجمان فى مقال افتتاحى فى صحيفة نيويورك تايمز: إن ChatGPT قد يكون قادرا على القيام بمهام مثل كتابة التقارير والكتابة بشكل أكثر كفاءة من البشر.
بدأت صناعة الإعلام بالفعل فى تجربة المحتوى، الذى تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعى، حيث استخدم موقع أخبار التكنولوجيا CNET أداة AI مشابهة لـChatGPT لكتابة عشرات المقالات، على الرغم من أن الناشر اضطر إلى إصدار عدد من التصحيحات، واستخدم BuzzFeed التكنولوجيا من صانع ChatGPT لإنشاء أشكال جديدة من المحتوى مثل الاختبارات وأدلة السفر.
لكن «مادجافكار» قالت: إن غالبية الأعمال التى يقوم بها منشؤو المحتوى غير قابلة للأتمتة، حيث أكدت: «هناك الكثير من الأحكام البشرية التى تدخل فى كل من هذه المهن».
الوظائف القانونية
وجد تقرير حديث لمجموعة Goldman Sachs، أن الذكاء الاصطناعى التوليدى قد يؤثر على الأرجح على العاملين القانونيين فى الولايات المتحدة، وهذا لأن عدد الوظائف فى الخدمات القانونية صغير نسبيا، وقد تعرض بالفعل بشكل كبير لأتمتة الذكاء الاصطناعى قبل ظهور أدوات الذكاء الاصطناعى الجديدة.
ووفقا لما ذكره موقع business insider، فإن الوظائف فى الصناعة القانونية مثل المساعدين القانونيين مسؤولة عن استهلاك كميات كبيرة من المعلومات، وتوليف ما تعلموه، ثم جعله قابلا للفهم من خلال موجز أو رأى قانونى.
وقالت أنو مادجافكار، الشريك فى معهد ماكينزى العالمى: إن الأدوار اللغوية مثل هذه عرضة للأتمتة، مضيفة: «البيانات فى الواقع منظمة تماما، وموجهة جدا للغة، وبالتالى فهى قابلة تماما للذكاء الاصطناعى التوليدى».
ولكن لن يكون الذكاء الاصطناعى قادرا تماما على أتمتة هذه الوظائف، لأنه يتطلب درجة من الحكم البشرى لفهم ما يريده العميل أو صاحب العمل.
أضافت «مادجافكار »: إن الأمر يشبه إلى حد ما زيادة الإنتاجية التى قد تحصل عليها بعض هذه المهن، فيمكنك استخدام الأدوات التى تعمل بشكل أفضل بالفعل.
وجدير بالذكر، أن الصين هى أول من استخدم الذكاء الاصطناعى فى قاعة المحكمة، ويعمل المحامى الروبوت بتقنيات الذكاء الاصطناعى، بحيث يستمع لادعاء المحكمة، ويخبر المدعى عليه بما يجب قوله من خلال سماعات، وتم تدريبه على ملفات قضائية عديدة شملت موضوعات متنوعة.
الوظائف المالية
قال مورو، الباحث فى معهد بروكينجز: إن محللى أبحاث السوق والمحللين الماليين والمستشارين الماليين الشخصيين والوظائف الأخرى فى التمويل الشخصى، التى تتطلب معالجة كميات كبيرة من البيانات الرقمية، يمكن أن تتأثر بالذكاء الاصطناعى.
أضاف «مورو»: يمكن للذكاء الاصطناعى تحديد الاتجاهات فى السوق، وتسليط الضوء على الاستثمارات فى المحفظة التى تعمل بشكل أفضل وأسوأ، وتوصيل كل ذلك، ثم استخدام أشكال أخرى مختلفة من البيانات من جانب شركة مالية للتنبؤ بمزيج استثمارى أفضل.
محللو أبحاث السوق
كما أوضح مورو: إن الذكاء الاصطناعى جيد فى تحليل البيانات والتنبؤ بالنتائج، هذا هو السبب فى أن محللى أبحاث السوق قد يكونوا عرضة للتغيير المدفوع بالذكاء الاصطناعى.
يعد محللو أبحاث السوق مسؤولين عن جمع البيانات، وتحديد الاتجاهات داخل تلك البيانات، ثم استخدام ما وجدوه لتصميم حملة تسويقية فعالة أو تحديد مكان وضع الإعلانات، وتابع مورو: «هذه أشياء نراها الآن يمكن للذكاء الاصطناعى التعامل معها».
المعلمون
يشعر المعلمون فى جميع أنحاء البلاد بالقلق بشأن الطلاب الذين يستخدمون ChatGPT للغش فى واجباتهم المدرسية، ولكن وفقا لـPengcheng Shi، العميد المشارك فى قسم علوم الحوسبة والمعلومات فى معهد روتشستر للتكنولوجيا: يجب أن يفكروا أيضا فى أمنهم الوظيفى.
وقال: «على الرغم من أنه يحتوى على أخطاء من حيث المعرفة، فإنه يمكن تحسينه بسهولة»، مضيفا: «فى الأساس، تحتاج فقط إلى تدريب ChatGPT».
لكن شانون أهيرن، معلمة الرياضيات والعلوم فى مدرسة ثانوية، التى تستخدم ChatGPT للقيام بأشياء مثل التخطيط للدروس، قالت لـInsider: إنها ليست قلقة من أن يتم استبدالها بالتكنولوجيا، مضيفة: «ستكون هناك دائما حاجة إلينا وللصلة البشرية التى تأتى من خلال التوجيه الشخصى».
مصممو الجرافيك
فى منشور نشر فى هارفارد بيزنس ريفيو سابقا، أشار ثلاثة أساتذة إلى DALL-E، وهى أداة ذكاء اصطناعى يمكنها إنشاء صور فى ثوان، كمعطل محتمل لصناعة تصميم الجرافيك، وكتبوا أن رفع مهارات ملايين الأشخاص فى قدرتهم على إنشاء الصور ومعالجتها سيكون له تأثير عميق على الاقتصاد، مضيفين أن «هذه التطورات الأخيرة فى الذكاء الاصطناعى ستؤدى بالتأكيد إلى فترة من المشقة والألم الاقتصادى لبعض الذين تأثرت وظائفهم بشكل مباشر والذين يجدون صعوبة فى التكيف».
لكن الدكتور كارل بينيديكت فراى، الخبير الاقتصادى فى جامعة أكسفورد، قال: إن أدوات الذكاء الاصطناعى مثل ChatGPT قد تساعد فى الواقع العاملين فى الصناعات «الإبداعية » مثل الفن والتصميم الجرافيكى على إنتاج أعمال ذات جودة أعلى، مضيفا أنه أكثر قلقا بشأن كيفية تأثير التكنولوجيا على الأجور.
وأوضح: «من وجهة نظرى، لا يتعلق الأمر بالأتمتة، ولكن يتعلق الأمر أكثر بالديمقراطية والمنافسة، مما قد يؤدى إلى انخفاض الأجور للأشخاص فى بعض هذه المهن».
المحاسبون
ينظر إلى المحاسبة عموما على أنها مهنة مستقرة، ولكن حتى الموظفين فى هذه الصناعة قد يتعرضون للخطر، حيث قال بريت كاراواى، الأستاذ المشارك فى معهد الاتصالات والثقافة والمعلومات والتكنولوجيا بجامعة تورنتو، على موقع جلوبال: إن التكنولوجيا لم تخرج الجميع من وظائفهم حتى الآن، لكنها تجعل بعض الأشخاص بلا عمل.
وأضاف، أن العمل الفكرى على وجه الخصوص قد يكون مهددا، مؤكدا: «قد يكون هؤلاء محامون ومحاسبون. إنه شىء جديد، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كم هو مؤلم ومضطرب للتوظيف والسياسة».
وكلاء خدمة العملاء
ربما تكون قد جربت بالفعل الاتصال أو الدردشة مع خدمة عملاء إحدى الشركات والحصول على إجابة روبوتية، يمكن أن تستمر ChatGPT والتقنيات ذات الصلة فى هذا الاتجاه.
كما توقعت دراسة أجريت العام الماضى من شركة الأبحاث التقنية جارتنر، أن تكون روبوتات المحادثة هى قناة خدمة العملاء الرئيسية لما يقرب من 25% من الشركات بحلول عام 2027.