بحكم عملي، كنت أذهب إلي اعتصامي “رابعة والنهضة” عام 2013 لتغطية الأحداث أولا بأول، ونقل ما يدور في محيط الاعتصامات الداعمة والموالية والمنظمة من قبل تنظيم الإخوان وأتباعهم، ورصد تحركاتهم وهتافاتهم وشعاراتهم فضلا عن تدريباتهم داخل دائرة الاعتصام، وحركة دخول قياداتهم وشيوخهم لمحيط الاعتصام.
خلال هذه الفترة وقعت أحداث مازالت محفورة بالذهن ومواقف لن تمحوها الأيام والسنوات، ضمن هذه المواقف التي أذكرها جيدا عندما كانت جالسا باعتصام النهضة، محتميا بفروع شجرة من الشمس وارتفاع درجات حرارتها، وطالبت إذاعة منصة اعتصام النهضة، بخروج المعتصمين من الخيام المنتشرة بمحيط الاعتصام لورود نبأ عاجل لا يمكن تأجيل إذاعته.
هرول الجميع إزاء المنصة، ملبين النداء في التو واللحظة، وتلبية النداء سمعا وطاعة وفقا لأدبيات التنظيم، بجانب أن المنصة غلفت ما في جعبتها من أخبار بحبكة من الإثارة والتشويق، والتف الجميع حول المنصة من جميع الجوانب منصتين منتبهين لسماع النبأ العاجل.
بعدما ظلت المنصة الإخوانية تواصل إثارتها وتشويقها ومطالبتها للمعتصمين بالتكبير قبل النطق بالخبر، أذاع قيادات التنظيم الإخواني الخبر الهام والعاجل بأصوات تمتزج بالبهجة، وكان مفاده، قدوم سفن حربية تابعة للولايات المتحدة الأمريكية “الأسطول الأمريكي” نحو جمهورية مصر العربية لإعادة محمد مرسى لرئاسة مصر فصاح الجميع “الله أكبر.. الله أكبر”.
عقب إذاعة هذا الخبر، الدال والكافي على عدم وطنية الإخوان وخيانتهم للأوطان وتدميرهم للشعوب وتبديدهم لثروات البلاد، ظل المعتصمون يكبرون ويهللون ويسجدون شاكرين لله على استجابة القوي الدولية لمطالبهم ضد الشعب المصري.
في هذه اللحظة ذرفت الدموع من عيني، وتسارعت دقات قلبي، وخيم الحزن علي وجداني، بسبب أناس يرحبون بأي شيء وكل شيء من أجل مصالحهم الزائفة حتي لو علي حساب البلاد والعباد.
تزامنا مع إذاعة منصة اعتصام النهضة بالجيزة لهذا النبأ، في ذات اللحظة أذاعت منصة اعتصام رابعة بمدينة نصر، ذات الخبر وبذات الطريقة، وكان استقبال المتلقين للخبر هو نفس طريقة استقبال المعتصمين في ميدان النهضة.
شهدت خلال اعتصامي “رابعة والنهضة” الكثير من المواقف والأحداث التي لن تنسي، ولعل أبرزها ما كان يطلق من أعلى منصات الاعتصامات من تصريحات “دينية وعنترية” لإيهام عناصر التنظيم، بأن عودة محمد مرسى للحكم حقيقة لا شك فيها ويقين راسخ، كما طغى على منصات الاعتصامات تصريحات وخطابات وفعاليات وشائعات أصبحت فيما بعد أحاديث الساعة، واعتبرها الإخوان علامات من السماء تبشر وتؤكد عودة محمد مرسى للحكم، بينما اعتبرها الجميع فصلا من فصول الخزعبلات والأكاذيب والأباطيل الإخوانية.
- نقلا عن تنسيقية شباب الاحزاب