على مدار سنوات، تواصل الدولة المصرية بناء علاقاتها مع أفريقيا، باعتبار القارة هى إحدى الدوائر المهمة لمصر، مع دوائرها الطبيعية العربية والإسلامية، والمتوسطية، حيث تعد مصر جسرا للتواصل بين هذه الدوائر.
وترى مصر أن التنمية تتطلب استقرارا سياسيا يُمكّن من إقامة بنية أساسية، من طاقة وطرق، وأن الاستقرار يتحقق بتقوية الدولة الوطنية القوية، والمؤسسات التى يمكنها العمل فى ظل الاستقرار، وأن التنمية تسهم فى الاستقرار وتخفض التوترات، وبناءً على ذلك فهى طريق للسلم والاستقرار.
الأسبوع الماضى، استضافت مصر قمة دول جوار السودان، بهدف إنهاء الصراع فى السودان واستعادة قدرة الدولة من خلال مسار سياسى يسمح بخفض الصراع والدفع نحو حل سياسى، وأن يستعيد السودان قدراته الاقتصادية والسياسية، مصر، ومنذ إبريل الماضى، عند اندلاع الصراع بين قوات الجيش الوطنى السودانى، وقوات الدعم السريع، اعتبرت أن ما يحدث قضية داخلية سودانية، وسعت إلى وقف الاقتتال، والدفع نحو مسار سياسى يجنب الأشقاء ثمن التدهور، وتعمل مصر بشكل مباشر من خلال السعى بين الأطراف المختلفة، أو من خلال الشركاء الدوليين الإقليميين والمنظمات الدولية والمنظمات الأفريقية والقمة العربية الأخيرة، وغيرها من الجهود، بجانب هذا، تدفع مصر نحو سياق عمل أفريقى مشترك.
ويحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، على المشاركة فى كل الفعاليات الأفريقية بتمثيل كبير، ويدفع، مع زعماء الدول الأفريقية، لأن تكون المنظمات والمؤسسات الأفريقية فاعلة وقوية، وقادرة على التدخل والتفاعل مع قضايا القارة، ويؤكد دائمًا، وفى كل محفل أفريقى، أن التنمية طريق للاستقرار، وأن توافر الاستقرار وتقوية الدولة الوطنية، يدعمان التنمية، ويقللان من توترات المجتمعات، بما يوافره من فرص عمل وعوائد وقيم مضافة.
من هنا تأتى مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى الدورة الخامسة من قمة منتصف العام التنسيقية، التابعة للاتحاد الأفريقى، والتى تعقد بالعاصمة الكينية نيروبى، وهى القمة التى تم استحداثها عام 2019 تحت الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى، اتصالا بجهود الإصلاح المؤسسى للاتحاد، وفى إطار محور تقسيم العمل والمهام بين مفوضية الاتحاد الأفريقى والتجمعات الاقتصادية الإقليمية، وتعزيز مسار التكامل الإقليمى بين دول القارة، خاصة ما يتعلق بالتكامل الاقتصادى، والذى تعد أبرز خطواته إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية تحت الرئاسة المصرية عام 2019.
ويلقى الرئيس كلمة يستعرض خلالها خطة مصر فى ظل ترؤسها الحالى للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الأفريقية للتنمية «النيباد»، وكلمة بصفته الرئيس الحالى لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ أمام جلسة البيئة والتغيرات المناخية، لاستعراض الجهود المصرية فى مواجهة تأثيرات التغيرات المناخية على دول القارة الأفريقية، وخلال العامين الماضيين ومنذ قمة جلاسكو 26، ثم القمة 27 ، قدمت مصر رؤية أفريقيا ودول العالم الثالث تجاه أزمة المناخ، حتى تستطيع مواكبة المتغيرات والتهديدات التى تواجه الكوكب وتهدد البشر، حيث يسدد فقراء العالم فاتورة أنشطة ومنافسات وطموحات الدول الصناعية، التى تعهدت سابقا بتقديم 100 مليار دولار لمساعدة الدول النامية والفقيرة فى تخطى تأثيرات التغيرات المناخية والتلوث والانبعاث الحرارى، والتى تسببت فيها الدول الصناعية، ولم تلتزم بتعهداتها السابقة، هذه التعهدات لم تعد كافية الآن، وربما أضعافها، وبالتالى أصبحت هناك ضرورة لبدائل تمويلية بجانب ما هو مقرر.
ويحرص الرئيس السيسى، باعتبار مصر ترأس قمة المناخ لحين تسليمها للإمارات فى القمة المقبلة على متابعة توصيات القمة التى عقدت فى شرم الشيخ، على ضمان حصول الدول الأفريقية على تعويضات تمول، من خلالها، مشروعات الطاقة الجديدة، وتقلل من انبعاثات الكربون، وهو طريق بدأته مصر وتحرص على استمراريته.
بجانب هذا، يشغل الإصلاح المؤسسى والاقتصادى فى أفريقيا أحد أهم شواغل الدولة المصرية على مدار سنوات، أثناء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى أو بعدها، بجانب أن مصر تضع قضايا القارة الأفريقية فى مركز الاهتمام، سعيًا إلى عقد قمم بين أفريقيا وتجمعات العالم الفاعلة، «أوروبا، روسيا، اليابان الصين»، بجانب الحرص على تقوية أواصر التجمعات الأفريقية الاقتصادية.
وأثناء رئاستها للكوميسا، قدمت مصر مبادرة التكامل الصناعى الإقليمى، فى إطار استراتيجية التصنيع بالكوميسا 2017 - 2026 والتى تهدف إلى تعميق الإنتاج الصناعى، وتفعيل دور وكالة الاستثمار الإقليمية بالكوميسا التى تستضيفها مصر، لجذب الاستثمارات إلى دول التجمع، مع ضرورة الاستمرار فى الجهود الجارية، لتوجيه تلك الاستثمارات إلى القطاع الصناعى.
وتهدف مصر إلى صياغة رؤية تعميق التكامل الاقتصادى مع الدول الأفريقية وزيادة الروابط بين تجمعات الأعمال لدعم التكامل الاقتصادى، بما ينعكس على زيادة حركة التجارة والاستثمارات البينية، وتبادل الخبرات المصرية مع الأشقاء الأفارقة فى القطاعات الاقتصادية ذات الميزة التنافسية مثل: «النقل، والطاقة، والاتصالات، والصحة»، وزيادة التعاون المشترك وتحقيق مزيد من التكامل الاقتصادى.
اليوم السابع