ربما يتذكر القراء الأعزاء أن فريقا مصريا مشرفا من طلبة كلية الهندسة جامعة الأسكندرية قد شاركوا في مسابقة دولية عام 2018 ، أقيمت في الولايات المتحدة الأمريكية، وحققوا نجاحًا كبيرًا وحصلوا بجدارة على المركز الأول على بقية الفرق من دول العالم .
منذ عدة أيام ساقتني الصدفة للقاء أحد هؤلاء الشباب وهو أيضا عضو في هذا الفريق الفاخر، وهو المهندس محمد جمال .
عرفت منه الرحلة التي قطعها هذا الفريق منذ عام 2016، والتي بدأت بالمشاركة في مسابقة تقيمها الأكاديمية البحرية لعلوم التكنولوجيا MATE، والذي فاز بالمركز الثالث على مستوى العالم في عام 2017 ، ىقد بدأ الفريق بسبعة أعضاء ثم انضم له أعضاء جدد حتى أصبح عددهم 29 عضوا ، وأطلقوا على الفريق اسم VORTEX .
تقوم الأكاديمية البحرية لعلوم التكنولوجيا في كل عام بوضع تحد للشباب من الفرق المشاركة من أنحاء العالم ، وفي عام 2018 كان التحدي عمل روبوت للغواصات الآلية ذات التحكم عن بعد ، وهو الإنجاز الذي فازوا فيه بالمركز الأول ، وهو ما دفع هذا الفريق المصري بألا يكتفي بما حققه ، لكنه عمل على تدريب الطلاب الذين يرغبون في دخول مثل هذه المسابقات.
لكن الأمر المؤسف أن هذا الفريق اصطدم بمشاكل كثيرة صادفته ، وعقبات لم يستطع معها الصمود ، وبدلا من أن يتلقفه المصريون فخرا واعتزازًا ، وتُمد له يد العون سواء من الدولة أو حتى من الجهات الداعمة للبحث العلمي أو لشباب الباحثين فقد قابلتهم مشاكل الروتين سواء في الجمارك أو إيجاد تمويل ، ناهيك عن أزمة كورونا وغيرها من المشكلات التي تفسد أي حلم وتوقف أقوى الطموحات !
هؤلاء الشباب الواعد مع الأسف وجد الكثيرون منهم من يمد له يد العون ويقدر قيمتهم في دول أخرى ، حتى تفرق معظمهم بين الولايات المتحدة وألمانيا والصين وغيرها من الدول التي تعرف قيمتهم ، ولم يتبق منهم سوى أربعة يعملون في التدريب حسب ما قاله المهندس محمد جمال ، وهم ينتظرون أن تحدث المعجزة ويتنبه المجتمع المدني أو حتى الجهات المعنية أن هناك ثروة عظيمة تتبدد لشباب كان حلمه أن يساهم في نهضة هذا البلد .
الحقيقة أن هذا الوضع المؤسف مثير للحزن ، ففي الوقت الذي نسمع فيه عن أرقام خيالية لشراء اللاعبين وتداولهم، والصراعات بين الأندية بملايين الدولارات من أجل لاعب، وما يحققه مطربوا المهرجانات الذين ابتلينا بهم وبأخبار السيارات والڤيلات التي يستعرضون امتلاكها بعد فترة وجيزة من أعمالهم المتدنية، والحياة الصاخبة التي يعيشونها والتفاهة التي يحاصروننا بها، وغيرها من النماذج الفجة التي نتلقاها بسخرية – نجد على جانب آخر أن هناك شباب جاد ملتزم يدرك قيمة العلم ويسعى ليحقق إنجازات وطموحات نحن في حاجة إليها، ثم لا يجدون من يساعدهم في إكمال مشوارهم المحترم .
صحيح أن هذه المعادلة المغلوطة ليست في مصر وحدها ، بل هي تمتد إلى دول كثيرة ، لكننا مازلنا نملك الأمل أن ندرك أهمية الحفاظ على مثل هذه النوعية من الشباب الواعد الذي نحتاج إلى دعمه أكثر مما يحتاج هو إلى دعم مجتمعي وحكومي .
أتمنى أن تتنبه الدولة والمنظمات المدنية والمؤسسات العلمية لهؤلاء حتى لا يضيعوا من بين أيدينا ثم نتساءل لماذا يرحل شبابنا ولماذا لا يشعرون بالانتماء ؟! .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة