جرى اكتشاف حجر رشيد على يد الضابط الفرنسى بيير فرانسوا، منذ 224 عاما، حيث كان ذلك يوم 19 يوليو من عام 1799م، إبان الحملة الفرنسية على مصر، وتم الاستيلاء على الحجر بواسطة الاستعمار البريطانى، بطريق غير قانونى، ومنذ عدة سنوات تطالب مصر بعودة حجر رشيد من المتحف البريطاني، ولمن ما نستعرضه خلال السطور المقبلة السبب وراء وجود ثلاثة نصوص "الإغريقي والديموطيقي و الهيروغليفي".
تم فك رموز حجر رشيد على يد عالم المصريات الشهير شامبليون، وذلك فى 27 سبتمبر من عام 1922، ويحتوي مرسوم "منف" الذي عثر عليه في رشيد على ثلاثة نصوص، وهي "النص الإغريقي، والنص الديموطيقي، والنص الهيروغليفي أو الكتابة المصرية المقدسة.
وقد كان المفهوم أن كلا من هذه النصوص الثلاثة يعتبر ترجمة حرفية للآخر، غير أن الواقع غير ذلك إذ نجد بعض الاختلاف في كل منها عن الآخر، ويرجع السبب في ذلك إلى أن لكل لغة من هذه اللغات مصطلحاتها وتعابيرها الخاصة بها، ومن أجل ذلك كان لزامًا علينا أن نورد هنا ترجمة كل نص من هذه النصوص الثلاثة بقدر المستطاع، وهذا ما ذكره لنا الدكتور سليم حسن فى موسوعته مصر القديم حيث ذكر أن اللغة المقدسة القديمة التي تضرب بأعراقها إلى عهد "مينا"، واللغة الديموطيقية وهي لغة الشعب التي بدأت تظهر منذ العهد الكوشي حوالي 750 قبل الميلاد ، واستمرت تنمو وتتطور على حسب الأحوال حتى نهاية العهد الروماني، ثم احتلت مكانتها اللغة القبطية، وأخيرًا اللغة الإغريقية وهي اللغة التي كانت تُعتبر في وقت إصدار المنشور اللغة الرسمية للبلاد.
وجاء فى موسوعة مصر القديمة: لا بد أن المطلع على تراجم هذه المتون سيلحظ فروقًا محَسة بين كل ترجمة وأخرى، وإن كان المعنى العام الذي من أجله صدر هذا المنشور يمكن الوصول إليه من أي متن من هذه المتون الثلاثة على حدة، غير أنه يلحظ في كل متن تعابيره الخاصة ومصطلحاته الخاصة، ومن أجل ذلك نجد أن هذا المنشور عند نقشه قد روعي فيه أن يصل إلى أذهان كل سكان مصر عامة، فالمتن الهيرغليفي قد دون لجماعة الكهنة الذين كانوا يعدون طائفة خاصة تكاد تكون بمعزل عن الشعب من حيث الثقافة والتفكير، هذا على الرغم من أن هذه الطائفة كانت هي المسيطرة على عقول الشعب المصري الأصيل من الوجهة الدينية. والواقع أنه كانت لهم لغتهم المقدسة التي كانت تُستعمل في صلواتهم وفي نقش معابدهم وتعاليمهم الخاصة التي كانت معرفتها قاصرة عليهم في معظم الحالات.
أما المتن الديموطيقي فقد كتب لعامة الشعب المصري الأصيل، وقد نقشه الكهنة باللغة العامية التي يفهمها هؤلاء ويتخاطبون بها في رسائلهم ومعاملاتهم العامة، ولا نزاع في أن عامة الشعب كان لا يفهم اللغة المصرية المقدسة إلا القليل منهم، يضاف إلى ذلك أن مثل هذا المرسوم كان يُنشر في المعابد التي من الدرجات الأولى والثانية والثالثة، وبعبارة أخرى كان يقرأه كل الشعب المصري المثقف وغير المثقف منهم، ولذلك كان لزامًا إصداره باللغة التي يعرفها المصريون أهل البلاد، وأخيرًا دون المنشور باللغة الإغريقية وهي كما ذكرنا كانت لغة الحكومة المصرية.