استكمالاً للحديث المفتوح عن مشكلة الزيادة السكانية المخيفة بمصر، والتي تعد أهم عائق أمام التنمية، فقد أطلقت الدولة مؤخرًا مبادرة 2 كفاية، ضمن الاستراتيجية القومية للحد من الزيادة السكانية، والتي تشارك في تنفيذها عدة وزارات، إذ يهدف المشروع إلى رفع وعي السيدات بمفهوم الأسرة الصغيرة وتطوير عيادات تنظيم الأسرة التابعة للجمعيات الأهلية، وتنفيذ حملات للتوعية بالقضية السكانية.
آلية عمل مبادرة 2 كفاية
تعمل المبادرة بالتركيز على السيدات المستفيدات من برنامج تكافل في المرحلة العمرية من 18 إلى 49 عامًا بالمحافظات العشر الأكثر فقرًا والأعلى خصوبة (البحيرة - الجيزة - الفيوم - بنى سويف - المنيا - أسيوط - سوهاج - قنا - الأقصر - أسوان).
وكشفت دراسة أعدها الخبير السكاني دكتور عمرو حسن، المقرر السابق للمجلس القومي للسكان، عن أهم النجاحات التي تحققت في تجارب برامج تنظيم الأسرة في العالم، والتي التي أدت إلى تحقيق الاستفادة القصوى من التنمية الاقتصادية، والتخفيف من سرعة النمو السكاني مما أدى إلى زيادة قدرة تلك البلدان على التصدي للفقر، وحماية البيئة وإصلاحها، وبناء القاعدة اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة، وتحسين الدخل القومي مما انعكس مباشرة على نصيب الفرد منه.
وكانت بعض تجارب الدول الناجحة في مجال تنظيم الأسرة وخفض معدلات الزيادة السكانية، كالتالي :
التجربة المغربية
أدرج المغرب استخدام شريحة منع الحمل؛ بمثابة تقنية جديدة في مجال تنظيم النسل، ضمن الخطة الوطنية المتواصلة لتنظيم الأسرة، وكشف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، عن إطلاق مشروع مجتمعي، يسعى لاعتماد شريحة تُزرع في الكتف لمنع الحمل، وتعد من إحدى وسائل منع الحمل المتطورة التي شُرع العمل بها في المغرب.
وأوضح المسؤول الحكومي، قبل أيام في البرلمان، إذ تُزرع هذه الكبسولة تحت جلد المرأة لتقليل فرص حدوث الحمل، مضيفا أن "مدة صلاحيتها تصل إلى 5 سنوات".
وصرح وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أن معدل الولادات في المغرب يشهد انخفاضًا، إذ انتقل من 31 إلى نحو 14، فيما يتجه الهرم السكاني المغربي في السنوات الأخيرة نحو الشيخوخة.
و قد أدى تحسن الوضع المعيشي لعدد من المغاربة، إلى تقلص عدد المواليد الجدد في مقابل ارتفاع معدل العمر، وانخفاض معدل الوفيات لدى المغاربة.
التجربة الصينية
تطبيق برامج تنظيم الأسرة في الصين أدي إلى توقع انخفاض عدد سكان الصين فى الفترة من 2018 إلى 2050، ما يقدر بنحو 50 مليونًا وستصبح أعلى دولة فى العالم تحقق انخفاضاً فى عدد السكان فى تلك الفترة من 2018 إلى 2050، وستنتقل لتصبح ثانى دولة فى التصنيف العالمى من عدد السكان بعد الهند التى ستحتل المرتبة الأولى، بينما سيزيد عدد سكان مصر 69.5 مليون، لتكون مصر سابع أعلى دولة فى العالم تحقق زيادة سكانية فى الفترة من 2018 إلى 2050 .
ومن أهم عوامل نجاح تجربة برامج تنظيم الأسرة في الصين:
1- تطبيق برنامج محدد وقوي لتنظيم الأسرة بطريقة صارمة في كل المناطق الجغرافية.
2- ارتفاع سن الزواج إلى أكثر من 25 سنة.
3- زيادة عدد السنوات بين الطفلين الأول والثاني في الريف وفي الأصول العرقية بالصين مع اكتفاء بطفل واحد في الحضر.
4- تطبيق كل من الحوافز الإيجابية والحوافز السلبية.
5- الالتزام بالتنمية البشرية من خلال الاهتمام بالتعليم والصحة، وتحسين وضع المرأة، وزيادة معدل مساهمتها في العمل، ومشاركة الرجال في تنظيم الأسرة.
6- شدة الحزم في دمج برامج تنظيم الأسرة مع كل أبعاد العملية التنموية، حيث ألزمت كل زوجين بإنجاب طفل واحد فقط .
التجربة الأندونيسية
وجاءت أسباب نجاح تنفيذ برامج تنظيم الأسرة في إندونيسيا، كما يلي :
- وجود نظام مؤسسي مسئول، إذ تم في عام 1999 إنشاء وزارة لشئون المرأة من ضمن مهامها متابعة برنامج تنظيم الأسرة.
- التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة ودفعها إلى التعليم والعمل واعتبار ذلك محوراً أساسياً في مواجهة قضية السكان.
- دعم كامل من جانب رجال الدين، وتبنيهم قضية تنظيم الأسرة.
- إشراك الأزواج بمسئولية كاملة في تنظيم الأسرة.
- إعداد المقبلين على الزواج، وإعطاء برامج للإقناع بمزايا الأسرة صغيرة الحجم.
- الاهتمام بمحو الأمية، والاهتمام بالتعليم بصفة عامة.
التجربة الإيرانية
من أهم عوامل نجاح التجربة الإيرانية في مجال تنظيم الأسرة :
- المساهمة الإيجابية لرجال الدين وإباحتهم كافة وسائل تنظيم الأسرة بدون استبعاد لأي وسيلة، مما رفع الحواجز الثقافية والنفسية لدى الإيرانيين لقبول مفهوم الأسرة الصغيرة، والإقبال على تنظيم الأسرة.
- محو الأمية وتوسيع نطاق التعليم لاسيما بالنسبة للمرأة.
- توفير وسائل تنظيم الأسرة مجاناً، وإزالة العوائق الاقتصادية والاجتماعية أمام موردي هذه الوسائل مع العمل على توفير الدعم المالي.
- مسئولية مشتركة بين الأزواج والزوجات في تنظيم الأسرة.
- نجاح البرنامج الإعلامي في إزالة العقبات الثقافية والاقتصادية لتنظيم الأسرة، وتأكيد الحملة الإعلامية للشعب على أن تنظيم الأسرة يتفق مع المبادئ الإسلامية ولا يهدد القيم العائلية.
التجربة التونسية
أهم عوامل نجاح التجربة التونسية في تنظيم الأسرة :
- التركيز على البعد التنموي، وانتهاجها منهجاً ذا أبعاد متعددة عمل على دمج خدمات تنظيم الأسرة ضمن الخدمات الصحية الأساسية واستهدف شرائح اجتماعية متنوعة.
- العمل على التثقيف السكاني للشباب، خاصة في مجال الصحة الإنجابية والثقافة الجنسية، الأمر الذي ساهم في خلق الاتجاهات الإيجابية لدى الشباب تجاه القضية السكانية.
- تفعيل دور المنظمات الحكومية وغير الحكومية في إطار منظومة عمل متكاملة عملت على مخاطبة الشباب في مراحل التعليم المختلفة، بهدف فهم وجهات نظرهم كخطوة أساسية لتعديل اتجاهاتهم وتثقيفهم وخلق إرادة فاعلة لديهم في مواجهة المشكلة السكانية.
- تناول القضايا السكانية ضمن منظومة مؤشرات التنمية البشرية (الصحة – التعليم – الدخل – الخدمات) في محاولة للعمل على مقاومة الفقر ورفع سن الزواج وخفض معدلات وفيات الأطفال والاهتمام بالصحة الإنجابية، والاهتمام بالتثقيف السكاني وخلق ثقافة جنسية سليمة لدى الشباب.. إلخ.
- الاهتمام بقضايا الشباب والاستماع إليهم من خلال إنشاء النوادي الصحية والثقافية في إطار الاهتمام بالقضية السكانية مما سمح بسماع وجهات نظرهم والاستفادة منها في التعامل مع المشكلة السكانية.
نهاية:
لابديل لتحقيق التنمية ورفع مستوى المعيشة الذي سيؤدي بدوره لرفع مستوي دخل الفرد سوي خفض معدلات المواليد، والعمل بشكل مكثف علي نشر الوعي بضرورة تنظيم الأسرة بكافة الطرق والوسائل التوعوية وبفرض العقوبات إن استلزم الأمر، ليقتنع ويقر كل فرد في المجتمع بأن الأسرة الصغيرة تعني بدون شك حياة أفضل.
وللحديث بقية.