ستمر درجات الحرارة المرتفعة فى إثارة حالة من الفوضى والقلق فى العالم، حيث حكمت قبضتها على أوروبا والولايات المتحدة، ومناطق آخرى، وهى الأعلى منذ 50 عاما، مع تسببها فى حرائق كبيرة وحالات وفيات، وتوقعات بأن تستمر موجة الحر فى جزء كبير من العالم طوال أغسطس.
وقالت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية إن أكثر من 40 شخصا لقوا مصرعهم فى الجزائر وإيطاليا واليونان مع استمرار الحرائق التى خرجت عن السيطرة، حيث هددت الحرائق القرى والمنتجعات فى البحر المتوسط، وتم إجلاء آلاف الأشخاص.
إيطاليا
أعلنت الحكومة الإيطالية الطوارئ فى 20 مدينة فى البلاد بعد وفاة 5 أشخاص بسبب حرائق وهبوب رياح قوية، وتمر إيطاليا ببضعة أيام صعبة بسبب موجة الحر التى تعصف بها البلاد، حسبما قالت صحيفة "المساجيرو" الإيطالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن مدن إيطالية تعانى من ارتفاع كبير فى درجات الحرارة تصل إلى 48 عاما، والتى أدت مع الرياح القوية، إلى اندلاع عدد من الحرائق خاصة فى جزيرة صقلية، وأيضا أدت إلى انصهار الأسفلت فى عدد من الشوارع فى المدن الإيطالية، ولذلك فقد قامت الحكومة بإعلان حالة الطوارئ.
فى الساعات الأخيرة، تم الإعلان أن فتاة تبلغ من العمر 16 عامًا توفت فى بريشيا، بعد سقوط شجرة عندما كانت فى أحد المعسكرات، بينما لقى ثلاثة أشخاص مصرعهم بسبب حرائق فى باليرمو وصقلية، من ناحية أخرى، فقد الضحية الخامسة حياته بنيران فى منطقة ريجيو كالابريا، وتعرضت أجزاء من مدينة كاتانيا لانقطاع فى المياه والكهرباء بعد احتراق الكابلات مع وصول درجات الحرارة إلى 47.6 درجة مئوية، وفى شرق صقلية، فى منطقة كالابريا الجنوبية، حوصر رجل يبلغ من العمر 98 عامًا فى منزله وأصيبت ابنته وزوج ابنته بحروق.
وأصيب أكثر من 200 شخص فى بالريمو بحالة من الاختناق نتيجة الدخان الناتج عن الحرائق، كما اجتاحت النيران، مطار باليرمو، مما اضطر إلى الإغلاق لأسباب أمنية، حيث أدت الشمس الحارقة إلى انصهار الأسفلت.
وكانت السلطات الإيطالية ابلغت عن وفاة 5 أشخاص فى حرائق جديدة فى صقلية حيث تعانى من ارتفاع كبير فى درجات الحرارة، وسجلت مدينة كاتانيا الواقعة على الساحل الشرقى 47.6 درجة.
وأشارت صحيفة "المساجيرو" الإيطالية إلى أن الرياح القوية مع ارتفاع درجات الحرارة أدت إلى اندلاع حرائق الغابات فى جزيرة صقلية الإيطالية، وأجبرت النيران السكان والسائحين على الإخلاء وتسببت فى اضطراب شديد فى وسائل النقل العام، حيث تعرضت صقلية إلى 650 حريقًا.
ولجأ السكان المحليون إلى وسائل التواصل الاجتماعى للفت الانتباه إلى الكارثة، حيث عانى أشخاص من صعوبة التنفس بسبب تلوث الهواء والسخونة.
وكتبت إحدى السكان، كارمن، إحدى مستخدمى تويتر: "لا يمكن للناس أن يتنفسوا بسبب تلوث الهواء وسخونة الهواء، فهم مجبرون على الخروج لأن منازلهم تحترق".
وتضررت الحديقة الأثرية الشهيرة فى سيجيستا بشدة من الحرائق، حيث تعد الحديقة موطنًا لبعض أهم المبانى القديمة فى إيطاليا؛ من بينها، معبد دوريك، الذى يعود تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد، والذى اشتعلت فيه النيران ليلة الاثنين بحسب التقارير المحلية.
وهناك مخاوف من تعرض الجزيرة لخسائر اقتصادية بسبب إلغاء الزيارات السياحية، وقال وزير الحماية المدنية نيلو موسوميتشى للصحافة الإيطالية "آمل ألا تتكبد التدفقات السياحية فى المناطق المتضررة بالحرائق خسائر".
اليونان
وتستعد اليونان لمزيد من رحلات الإجلاء من جزيرة رودس، بينما تشتعل النيران أيضًا فى جزيرتى كورفو وإيبويا، ولا تظهر موجة الحرارة الحالية أى علامة على التراجع، حيث من المتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة 44 درجة مئوية فى بعض أجزاء اليونان.
وفى رودس، تم إجلاء أكثر من 20 ألف شخص فى الأيام الأخيرة من منازلهم والمراكز السياحية فى جنوب الجزيرة، وقال مسؤول بالمطار أن أكثر من 5000 مسافر عادوا إلى بلادهم فى أكثر من 40 رحلة طارئة خلال الأسبوع.
وألغت شركتا السياحة جيت 2 وتوى رحلاتهما إلى رودس خلال الأيام القليلة المقبلة، كما تم إجلاء آلاف الأشخاص من إيبويا وكورفو، فى حين أن جزيرة كريت - وهى وجهة سياحية كبرى أخرى - فى حالة تأهب قصوى.
وسُجل أكبر عدد من الوفيات فى الجزائر
وقتل 34 شخصا هناك، بينهم 10 جنود، اشتعلت فيهم النيران خلال عملية إجلاء فى ولاية بجاية الساحلية شرقى الجزائر العاصمة، وتعتبر بجاية هى المنطقة الأكثر تضررا، حيث لقى 23 شخصا حتفهم.
تقول السلطات الجزائرية أن 80٪ من الحرائق تم إخمادها منذ الأحد، لكن الجهود المكثفة لمكافحة النيران مستمرة، والتى تشمل حوالى 8000 عنصر ومئات من عربات الإطفاء وبعض الطائرات.
اشتعلت الحرائق أيضًا فى تونس المجاورة، حيث تم إجلاء 300 شخص من مدينة ملولا الساحلية.
وصرح فريق من علماء المناخ - مجموعة World Weather Attribution (WWA) - أن موجة الحرارة الشديدة التى تؤثر على جنوب أوروبا وأمريكا الشمالية والصين كانت مستحيلة عمليًا بدون تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري.
كندا والولايات المتحدة الأمريكية
تواجه كندا أكثر من 1000 حريق نشطا بينهم 546 حريقا خارج السيطرة، وتجتاح الحرائق بشكل أساسى الغابات الشمالية البعيدة عن المناطق المأهولة، ما يخفف الأخطار المباشرة على المواطنين ولكن العواقب الوخيمة تقع على البيئة.
وتواجه كندا التى ترتفع درجة حرارتها بوتيرة أسرع من بقية الدول بسبب جغرافيتها، ظواهر مناخية قاسية زاد من حدتها التغير المناخي.
وكانت الشرطة الكندية، أعلنت الأسبوع الماضى تحطم مروحية ومقتل قائدها فى غرب كندا خلال مشاركتها فى مكافحة حرائق الغابات التى تجتاح البلاد.
وقال وزير البيئة الكندى، ستيفن جيلبولت، أن الحرائق قضت على أكثر من 11 مليون هكتار هذا العام، ما يعادل عشرة أضعاف المعدل العام الوطني.
وانتشر الدخان الناتج عن أكثر من 1000 حريق غابات مشتعل فى كندا عبر شمال الولايات المتحدة، مما أدى إلى رداءة نوعية الهواء والتلوث الذى يهدد الصحة فى المدن الشمالية ، ولايات مثل شيكاغو ومينيابوليس.
وتعد شيكاغو ومينيابوليس وديترويت الآن من بين أكبر ثلاث مدن أمريكية مصنفة ضمن أكثر 20 مدينة تلوثًا فى العالم ، وفقًا لـ IQAir، حيث تصاعد الدخان عبر منطقة البحيرات العظمى ، على وجه الخصوص، حيث اندلع حوالى 1090 حريقًا فى جميع أنحاء كندا ، أكثر من 670 منها تعتبر "خارجة عن السيطرة" ، وفقًا لمركز Wildland Fire الكندى المشترك بين الوكالات. هذا الرقم أعلى من أكثر من 880 حريق الأسبوع الماضي.
أعلنت السلطات الأمريكية، إخلاء مجمعات سكنية جراء حرائق غابات دمرت أكثر من 10 منازل فى واشنطن، إلا أنها لم تسفر عن وقوع إصابات، والتى أدت إلى وفاة 13 شخصا.