أزمة سياسية تنذر بأعمال عنف تشهدها الولايات المتحدة بعد ارتفاع وتيرة التحريض من قبل انصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وعدد من قيادات الحزب الجمهوري، بعد محاكمة الرئيس السابق في قضية الوثائق الرئاسية وإصدار لائحة اتهام تضم 37 تهمة ، في مواجهة قضائية يعتبرها مقربون من ترامب بمثابة تصفية سياسية لعرقلة فرص ترشحه في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 .
وتيرة التحريض المرتفعة داخل الولايات المتحدة أعادت ملف حيازة السلاح داخل البلاد لدائرة الاهتمامات بعدما فشلت إدارات أمريكية متعاقبة علي البيت الأبيض ، وفشل الكونجرس في إقرار قيود صارمة علي ضوابط شراء وتداول الأسلحة داخل البلاد.
مع انتشار حوادث إطلاق نار في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة الأمريكية، حذرت مؤسسات بحثية من خطورة تنامي انتشار السلاح في يدي المدنيين على مستوى الداخل الأمريكي، مقدرة عدد الأسلحة الفردية بين يدي المدنيين بحوالي 400 مليون قطعة ما يمثل نصف الأسلحة الفردية المنتشرة بين المدنيين في دول العالم بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.
وذكر التقرير أن الولايات المتحدة شهدت طفرة في انتاج الأسلحة النارية التي يستخدمها الأفراد في الداخل الأمريكي لتتخطى 140 مليون قطعة سلاح منتجة داخليا بحسب موقع ATF وهو المكتب الأمريكي للكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، والذي يوفر بيانات متعمقة حول تصنيع الأسلحة النارية وبيعها، ففي عام 2020 ، بلغ انتاج المصانع الأمريكية 11 مليون قطعة سلاح، وفي الفترة نفسها ، استوردت 71 مليون قطعة سلاح ناري صدرت منها 7.5 مليون قطعة فقط ، الأمر الذي يعكس الكم الهائل من الأسلحة النارية المتوفرة في البلاد والذي ساهم في تصاعد أعمال العنف المسلح وجرائم القتل وعمليات الانتحار.
ووفق التقرير، فإن قطاع صناعة الأسلحة النارية زاد أضعافاً خلال السنوات العشرين الماضية، إذ إن عدد شركات صناعة السلاح العاملة في الولايات المتحدة زاد من 2222 شركة في العام 2000 إلى 16,936 شركة في العام 2020.
وتشهد الولايات المتحدة عمليات إطلاق نار شبه يومية في الأماكن العامة وتسجّل المدن الكبرى على غرار نيويورك وشيكاغو وميامي وسان فرانسيسكو، ارتفاعاً لمعدل الجرائم التي ترتكب بواسطة أسلحة نارية، تصاعدت حدتها منذ بدء جائحة كورونا في 2020.
وبلغت حصيلة ضحايا عنف السلاح خلال العام الماضي ما يقرب من 40 ألف قتيل، بحسب ما رصدته منظمة "أرشيف عنف السلاح" ، وهي منظمة غير ربحية تتعقب عمليات إطلاق النار في الولايات المتحدة والتي ذكرت أن هناك ما لا يقل عن 604 عمليات إطلاق نار جماعي وقعت في عام 2022.
ووفقا لموقع "إنسايدر" الأمريكي، لدى الولايات المتحدة قوانين وسياسات متعلقة بالأسلحة النارية أكثر تساهلاً مقارنة بالدول الأخرى - حتى أن الحق الفيدرالي في امتلاك سلاح ناري قد تم إدراجه في الدستور من خلال التعديل الثاني. وتختلف قوانين ولوائح الأسلحة أيضًا من ولاية إلى أخرى. بعض الولايات لديها قوانين أكثر تقييدًا ، بينما تسمح بعضها بمعدلات أكبر لملكية الأسلحة النارية للحماية والصيد.
وقال آر ثورمان بارنز، مساعد مدير مركز نيو جيرسي لأبحاث العنف في جامعة روتجرز وعضو هيئة التدريس في كلية روتجرز للصحة العامة ، لـ إنسايدر: "في بلد مثل بلدنا .. لدينا الكثير من الأسلحة "وعندما يكون لديك العديد من الأسلحة - فسوف تتعرض لعنف السلاح في جميع أشكاله."
ويشهد ملف حيازة السلاح في الولايات المتحدة انقساما تاريخيا بين الحزب الجمهوري والديمقراطي بشأن تفسير نصوص الدستور في هذا الصدد حيث ينص التعديل الثاني للدستور (تم سنه 1971) على "حرية امتلاك السلاح"، وهو النص الذي يراه الديمقراطيون حقاً مقصوراً على الولايات المكونة للاتحاد الأميركي، وأن الآباء المؤسسين للولايات المتحدة أرادوا هذا الحق للبلد كسلطات فيدرالية، وليس حقاً مطلقاً للأفراد.
في المقابل، يرى الحزب الجمهوري أن امتلاك السلاح وحيازته حق أصيل يكفله الدستور للأفراد، وصوّت الجمهوريون في مناسبات عدة داخل الكونجرس ضد أي قانون يعدل ضوابط حيازة السلاح، التي تعد حقاً شخصياً بموجب الدستور للدفاع عن النفس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة