قرية المعصرة من أشهر وأهم قرى مركز الداخلة بمحافظة الوادي الجديد نظراً لكبر مساحتها ووجود عدة قرى وتوابع تندرج تحت إدارتها ومنها قرية أسمنت وقرية الشيخ والى والتوابع الأخرى حيث أنها منطقة عامرة منذ فجر التاريخ وتعود أقدم آثار الاستيطان بالقرب من قرية المعصرة إلى العصر الحجري القديم ، وهي الفترة الانتقالية بين العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث والاكتشافات المحلية تعود إلى عام 7200-6500 قبل الميلاد. في عصور الهولوسين بدأت فترة من الرطوبة مرة أخرى في الصحراء الغربية ، والتي وفرت ظروف معيشية مناسبة للصيادين الرحل وجامعي الثمار، بالإضافة إلى الأدوات الحجرية تم العثور على حلقات حجرية من الحجر الرملي يبلغ قطرها من ثلاثة إلى أربعة أمتار ، والتي كانت بمثابة الأساس للأكواخ، وتم العثور على حلقتين إلى 20 من هذه الحلقات في مواقع استيطانية مماثلة ، وتقع كل منها في منبع وتنتشر على الوادي بأكمله ويشير هذا إلى نوع من الاستقرار لدى هؤلاء الأشخاص ، الذين أنتجوا طعامًا مثل الخبز وأداروا إدارة المستودعات.
و تقع قرية المعصرة إلى الجنوب من الطريق الرئيسي الذي يربط بين الخارجه والداخله ، وعلى بعد حوالي 9 كيلو مترات شرق مدينة موط وفي المنطقة المحيطة بالقرية تعد الحرفة الرئيسية هي الزراعة و يتم زراعة الزيتون والتمر والمحاصيل المختلفة ويتم سحب المياه اللازمة للري من حوالي 15 بئراً يصل عمق بعضها إلى 1200 متر، وكانت القرية مشهورة قديما بمعاصر الزيت وهو سبب تسميتها وكان يتم إنتاج زيت الزيتون عالي النقاء كما كانت تشتهر أيضا باتساع محيط زراعات الأرز حولها وهو ما لفت انتباه كل المؤرخين الذين مروا على القرية ووثقوا شهاداتهم عنها وهو ما أصبح مستحيلاً حدوثه حاليا حيث جرى حظر وتجريم زراعة الأرز فى كل ربوع محافظة الوادي الجديد حفاظاً على الخزان الجوفي.
كما نجحت قرية المعصرة فى تنفيذ أول مشروع متكامل للصرف الصحي لخدمة 3 قرى منذ أكثر من 20 عام ومع تزايد عدد السكان وعدم رفع كفاءة مرفق الصرف الصحي بالقرية تسبب ذلك فى إلحاق الضرر بخطوط الطرد فى المناطق منخفضة المنسوب من شوارع القرية وهو ما تسبب فى مشكلة كبيرة تكررت فيها عملية تسرب مياه الصرف إلى الشوارع وتدخلت الوحدة المحلية لمركز الداخلة لحل المشكلة من خلال إحلال خطوط الصرف بالمناطق المنخفضة.
وقدمت المعصرة نموذجاً مثالياً للقرية المنتجة من خلال تنفيذ مشروع صوب الخير تحت إشراف الجمعية الخيرية للتنمية بالمعصرة والتى نفذت مشروع الصوب البيئيه الخالية من الملوثات لصالح شباب القرية تحت إشراف أيمن حنفى رئيس مجلس إدارة الجمعية بالتعاون مع مؤسسة آفاق للتنمية ودعم الوحدة المحلية لمركز الداخلة برئاسة المهندس مجدى الطماوى رئيس المركز.
ويقول الباحث فى التراث الواحاتى محمود عبد ربه أن أول ذكر للمعصرة ورد للمؤرخ المصري إبراهيم بن محمد بن دقماق (1349-1407) ، الذي سمى المكان لأول مرة في قائمته المكونة من 24 قرية في الوادي وذكر انها كانت تزرع الأرز حول القرية حيث لاحظ الرحالة في القرن التاسع عشر القرية ولقد تجاهلوها لأنه لم تكن هناك مواقع أثرية ذات أهمية ظاهرة.
كما ذكرت المعصرة في القاموس الجغرافي لمحمد رمزي انها من القرى القديمة ، ووردت في مباهج الفكر، باسم المعصرة، وفي الانتصار، المعيصرة الغربية ، من نواحي الواحات الداخلة، وتزرع الأرز. ووردت في دفاتر الأموال من سنة 1274 هـ .
وأضاف عبد ربه أنه في عام 1819 زار الإيطالي برناردينو دروفيتي (1776-1852) الوادي وذكر أن القرية تبعد حوالي ساعة سيرًا على الأقدام غرب إسمنت وذكرها عالم المصريات البريطاني جون جاردنر ويكينسون (1797-1875) الذي زارها عام 1825وقال انه يوجد بها 250 ذكرًا على الأقل، كما ذكرها البريطاني ويليام جوزيف هاردينغ كينغ (1869-1933) ، الذي زار الداخله في عام 1912 ، وذكر أن الأرض التي كانت خصبة في هذه المنطقة الواقعة بين إسمنت والمعصرة كانت مغطاة بقشرة ملحية كثيفة أو مغطاة بقشرة ملحية.
وأكد عبد ربه أن عامل الجذب السياحي الرئيسي للقرية هو مركز القرية القديمة ، والذي يقع في غرب القرية ولا يزال مأهولًا جزئيًا وتُركت المنازل المهجورة دون اهتمام او ترميم و يتم استبدال المنازل القديمة بمنازل جديدة مصنوعة من الهياكل الخرسانية والطوب الحجري و تم بناء المنازل المكونة من طابقين في الغالب من الطوب اللبن وكان الطوب محاطًا بجدار في روابط نقالة أو تروس ، ولكن ليس نادرًا أيضًا استخدام الطوب اللبن المستقيم كطبقة عازلة وعلى وجه الخصوص تم تلييس جدران المنزل والجدران بالطين وتبييضها ، بل وأحيانًا مطلية بالطين ويعمل الطوب المائل أيضًا كديكور للمباني وشرفات السطح محاطة بحدود من الطوب اللبن أو سعف النخيل.
وأشار عبد ربه إلى المنازل لديها عدد قليل من النوافذ الصغيرة. تكون فارغة أو بها نافذة متقاطعة أو مصاريع نافذة مصنوعة من الخشب أو عناقيد النخيل. لا توجد نوافذ زجاجية. تتكون الأسقف المتوسطة والمسطحة من جذوع نخيل أو شجرة متشابكة مع عناقيد النخيل. المنافذ والسلالم في المنزل مصنوعة أيضًا من نفس البناء، مؤكداً على أن أشهر منطقة أثرية بالقرية هى بيت العرائس وهى مقبرة بيت العرائس على بعد أربعة كيلومترات ونصف جنوب شرق المعصرة وحوالي أربعة كيلومترات ونصف جنوب جنوب غرب إسمنت الخراب ، وعلى بعد حوالي 300 متر جنوب الأراضى المثمرة في الصحراء، و يعود تاريخ المقبرة الى العصر الروماني على الأرجح من القرن الأول إلى القرن الثالث الميلادي ، وهي عبارة عن سبع غرف او مصليات للدفن من الطوب اللبن والعديد من القبور العمودية التي تم حفرها في تربة الحجر الجيري.
وأكد عبد ربه أن مقابر الدفن تتشابه مع تلك الموجودة في إسمنت الخراب ، لكنها أصغر وأبسط منها ، وتم بناء المقابر من الطوب الطيني المجفف بالهواء في طبقات متبادلة ، و تم تزيين الكنائس بأنصاف أعمدة مسطحة. يقع مدخل جميع المصليات في الشمال وتتكون الكنائس الكبيرة من غرفتين واحدة خلف الأخرى. الجزء العلوي من المصليات مغطاة بأقبية وقباب برميلية ولم يتم التحقيق في الموقع أثريًا حتى الآن ، ونادرًا ما تمت زيارته ووصف من قبل الرحالة في الماضي ، حيث كان هربرت يوستيس وينلوك (1884-1950) أحد المستكشفين القلائل ، الذي زار الداخلة عام 1908 وأشار إلى الموقع باسم الطائر كما أن الارض في منطقة المقبرة رملية ، وإلى الجنوب خلف المصليات الجنائزية يوجد العديد من مقابر ذات الأعمدة ، لذا يجب أن تكون حذرًا عند المشي هناك و الموقع الأثري محمي بالفعل ، بحيث لا يمكن رؤيته إلا من المنحدر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة