منذ أن اعترفت بروكسل بأن الطاقة النووية خضراء، على نفس مستوى مصادر الطاقة المتجددة، تعيد العديد من البلدان التفكير فى إستراتيجيتها للطاقة، خاصة الآن بعد أن أدت حرب أوكرانيا إلى ارتفاع كبير فى التكاليف، خاصة وأن سعر الغاز ارتفع مجددا فى القارة العجوز بنسبة 40%.
وتسبب الصراع بين روسيا وأوكرانيا فى مشاكل إمداد خطيرة للدول الأوروبية، وخاصة تلك التى تعتمد بشكل شبه كامل على الكرملين. وقد حذرت فرنسا وبولندا وفنلندا بالفعل من زيادة الاستثمار فى المحطات والآن أصبحت السويد هى التى أعلنت عزمها على مضاعفة إنتاجها النووى ثلاث مرات فى العقدين المقبلين، حسبما قالت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية.
وأشارت الصحيفة فى تقرير نشرته على موقعها الإلكترونى إلى أن هناك قيود تعيق الرؤية الحديثة للطاقة النووية، لقد أضر النقاش السويدى فى العقود الماضية بتطوير الطاقة النووية بينما تطورت هذه التقنية فى بلدان أخرى، وقالت وزيرة البيئة السويدية رومينا بورمختارى "نحتاج لمراجعة القواعد السويدية للاستفادة منها".
فى عام 2016، وقعت أطراف مختلفة اتفاقية بهدف إلغاء الطاقة النووية بحلول عام 2040 من أجل الاعتماد حصريًا على مصادر الطاقة المتجددة. إلا أن ارتفاع سعر الكهرباء بعد إغلاق المعامل دفع العديد من الموقعين إلى إعادة النظر فى قرارهم.
فى أوروبا، يتم إنتاج ما يقرب من نصف الكهرباء المولدة فى محطات الطاقة النووية فى فرنسا. وفقًا لبيانات يوروستات، فى عام 2021، أنتجت الدولة الفرنسية 379361 جيجاوات ساعة، متقدمة جدًا على ألمانيا (69130 جيجاوات ساعة) وإسبانيا (56564 جيجاوات ساعة).
ارتفاع أسعار الغاز
ارتفع سعر الغاز الطبيعى القياسى فى أوروبا فوق 40 يورو للمرة الأولى منذ يونيو بسبب احتمال إضراب العمال فى حقلين للغاز الطبيعى الأسترالى، مما يسلط الضوء على مخاوف السوق بشأن اضطرابات الإمدادات المحتملة.
وأشارت صحيفة "ثينكو دياز" الإسبانية إلى أن العقود الآجلة المعيارية ارتفعت بما يصل إلى 40٪، وهو أكبر ارتفاع فى الأسعار منذ مارس 2022، ولذلك يشعر المتداولون بالقلق من إضراب طويل الأمد، حيث يقول محللو سيتى جروب Citigroup أن هذا قد يضاعف أسعار عقود الغاز الطبيعى المسال الأوروبية والآسيوية بحلول يناير 2024، مشيرة إلى أنه تعالت الأصوات بإصدار قرار حظر توصيل الغاز للمنازل الجديدة فى ولاية نيو ساوث ويلز الاسترالية اقتداء بما حدث فى ولاية فيكتوريا قبل أيام، وأعلنت وزيرة العمل المناخى بفيكتوريا حظر توصيل الغاز إلى المنازل الجديدة بدءا من عام 2024، فى إطار خطة خفض الانبعاثات، والهبوط بتكلفة فواتير الطاقة.
وقال نيك كامبل، مدير فى شركة إنسبايرد الاستشارية، أن المشترين الآسيويين "من المرجح أن يزيدوا وارداتهم من الغاز الطبيعى المسال" ليحلوا محل الأحجام الأسترالية فى حالة حدوث اضطرابات، مما سيؤثر بشكل مباشر على أوروبا"، مضيفا "لقد أصبح الغاز الطبيعى المسال مصدرًا أساسيًا فى مزيج الغاز الأوروبى، لذا فإن أى علامة على أن هذا التدفق فى خطر يؤدى إلى دعم الأسعار".
ومن المحتمل أيضًا أن يكون ارتفاع الأسعار هذا الأسبوع قد أثار موجة من التحوط من قبل المستثمرين الذين راهنوا سابقًا على المزيد من الانخفاضات فى الغاز، وأدت تحركات مماثلة إلى تقلبات شديدة فى يونيو، وارتفعت المراكز المكشوفة لصناديق الاستثمار المشتركة فى العقود الآجلة للغاز الهولندى القياسى الأسبوع الماضى، بعد أن هبطت إلى أدنى مستوى منذ يناير من الأسبوع السابق، وفقًا لبيانات نشرت يوم الأربعاء من قبل بورصة إنتركونتيننتال.
تشير الزيادة إلى أنه لا تزال هناك مخاطر على إمدادات الغاز بعد أزمة العام الماضى، على الرغم من أن مخزونات المنطقة مرتفعة بشكل غير عادى لهذا الموسم، حيث وفر هذا بعض التأكيد على أن أوروبا تتجه إلى أشهر الشتاء دون مخاطر كبيرة. ولا يزال الطلب على الغاز الصناعى منخفضًا، وتعد التخفيضات المستمرة فى الإنتاج أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض أسعار الغاز الأوروبية بنسبة 50٪ هذا العام.
وقال باتريسيو ألفاريز، المحلل فى الشركة: "كان التدمير الكبير للطلب عاملاً معوضًا رئيسيًا، لكن الانخفاض فى تجمع الغاز الطبيعى المسال العالمى يترك أوروبا معرضة لمنافسة أسعار الشحنات المتاحة فى آسيا، لا سيما فى مواجهة الطلب الموسمى المتزايد فى الشتاء المقبل".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة