تمر اليوم ذكرى رحيل الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور أشهر من كتب قصائد عن الحزن، وقد توفى فى 13 أغسطس من سنة 1981 عن عمر يناهز الخمسين عامًا.
يقول فى قصيدة الحزن:
يا صاحبي، إنى حزين
طلع الصباح، فما ابتسمت، ولم ينر وجهى الصباح
وخرجت من جوف المدينة أطلب الرزق المتاح
وغمست فى ماء القناعة خبز ايامى الكفاف
ورجعت بعد الظهر فى جيبى قروشْ
فشربت شاياً فى الطريق
ورتقت نعلى
ولعبت بالنرد الموزع بين كفى والصديق
قل ساعة او ساعتين
قل عشرة او عشرتين
وضحكت من اسطورة حمقاء رددها الصديق
ودموع شحاذ صفيق
وأتى المساء
فى غرفتى دلف المساء
والحزن يولد فى المساء لأنه حزن ضرير
حزن طويل كالطريق من الجحيم الى الجحيم
حزن صموتْ
والصمت لا يعنى الرضاء بأن أمنية تموت
وبأن أياماً تفوت
وبأن مرفقنا وَهَنْ
وبأن ريحاً من عَفَنْ
مس الحياة، فأصبحت وجميع ما فيها مقيت
حزن تمدد فى المدينه
كاللص فى جوف السكينه
كالأفعوان بلا فحيح
الحزن قد قهر القلاع جميعها وسبى الكنوز
وأقام حكاماً طغاه
الحزن قد سمل العيون
الحزن قد عقد الجباه
ليقيم حكاماً طغاه
يا تَعْسَها من كِلْمة قد قالها يوماً صديق
مغرى بتزويق الكلام
كنا نسيرْ
كفى لكفيه عناق
والحزن يفترش الطريق
قال الصديق:
يا صاحبي!...
ما نحن إلا نفضة رعناء من ريح سموم
أو منية حمقاء...
أو أن اسمينا ببرج النحس كانا، ياصديق
وجفلت فابتسم الصديق
ومشى به خدر رفيق
ورأيت عينيه تألقتا كمصباح قديم
ومضى يقول:
"سنعيش رغم الحزن، نقهره، ونضع فى الصباح
أفراحنا البيضاء، افراح الذين لهم صباح"..
ورنا إليَّ...
ولم تكن بشراه مما قد يصدقه الحزينْ
يا صاحبي!
زوِّق حديثك، كل شيء قد خلا من كل ذوق
أما أنا، فلقد عرفت نهاية الحدر العميق
الحزن يفترش الطريق...
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة