أعتقد أن رجال الجمارك المصرية في مطار القاهرة الدولي صالة ٢ يستحقون تحية كبيرة وتقدير عظيم على يقظتهم وعلى منعهم لجريمة تهريب كان يمكن أن تشكل خطرًا كبيرا لا يحتمله هذا المجتمع ، وتطورًا مؤسفا في حياتنا الاجتماعية ، بعد أن شوهت التكنولوجيا عقول الكثيرين وخربت نفوس مريضة تعمل على الهدم بقصد أو بغير قصد ، لكنها في النهاية تسيء إلى هذا المجتمع وتقضي على ما بقي له من قيم وأخلاق .
لقد نشر مؤخرا أن جمارك مطار القاهرة الدولي أثناء إنهاء الإجراءات الجمركية لركاب طائرة الركاب العمانية القادمة من مسقط ، وأثناء خروج أحد الركاب ، قام السيد حسام عبد العال مأمور الجمرك والسيد محمد عبد المنعم رئيس القسم بضبط راكبًا مصريا وفي حوزته كمية من الساعات والأقلام والنظارات ، وكلها مزودة بكاميرات وميكروفونات ، وحين قامت الأستاذة نورا نعمان مأمورة الجمرك بتفتيش حقائب الراكب يدويا عثرت على عشرة نظارات وعشرة ساعات مكتب وثمانية أقلام كلها مزودة بكاميرات وميكروفونات ، إضافة إلى كاميرتين صغيرتا الحجم تعملا لاسلكيا ، وثلاثة أجهزة GPS ، وباتخاذ الإجراءات القانونية تمت إحالة الراكب إلى النيابة العامة لكونه يحمل أجهزة غير مصرح بها .
انتهى الخبر الذي تستحق عليه إدارة الجمارك بمطار القاهرة كل التحية ، خاصة إذا ما تصورنا ما الذي يمكن أن يترتب على هذه الإجهزة إذا ما تم تداولها وانتشرت داخل هذا المجتمع ، وإذا ما أصبحت في حوزة مرضى النفوس الذيت يستبيحون الحياة الخاصة ويقتحمون كل ما هو محرم وخاص ، وقد رأينا في الفترة الأخيرة كم جرائم الابتزاز وما يترتب عليها من سرقة وقتل وتدليس ، والمشاكل تزداد يوما بعد يوم بسبب استخدام التصوير والتسجيل والتزوير بكل الطرق والوسائل الفاسدة التي تؤثر تأثيرا سلبيا على هذا المجتمع .
لكن من الواضح أن هذه الضبطية هي مقدمة لهجمة شرسة ستتعرض لها البلاد ، وعلينا أن نستعد لها بكل حزم ، بتشديد العقوبات وتجريم كل من تسول له نفسه الاقدام على هذا الفعل الشنيع ، الذي من المؤكد ان تلك الأجهزة لاستخدمات مريبة ، وجرائم يمكن أن تحطم أسر كاملة ، وتلك هي الخطورة الأكبر .
منذ عدة أشهر وفي شهر نوفمبر الماضي كتبت في هذا المكان عدة ملاحظات حول واقعة الفنانة منة شلبي مع جمارك مطار القاهرة ، لكنني اليوم أكتب لأحيي هذا الجهاز المهم ، الذي يمثل بوابة الأمان لهذا البلد ، خاصة إذا ما علمنا انه واحدا من أعرق المصالح الجمركية في العالم ، حيث أنشئ في عهد الخديوي إسماعيل عام ١٨٦٥ ، تحت اسم ( مصلحة عموم الجمارك المصرية) ، ومن أعرق المصالح الحكومية في مصر .
كما أتمنى أن تمتد يقظة هذا الجهاز وكفاءته لبقية المنافذ الجمركية في جميع أنحاء مصر جوا وبحرا وبرا ، وأن تتغير صورته من مجرد تحصيل ضرائب ورسوم جمركية أو تتبع للمسافرين إلى مصر ، إلى كونه خط الدفاع الأول الذي يحمي هذا البلد وشعبه من أخطار كثيرة وتربص لا يتوقف ، وانه ليس فقط يحمي إيرادات الدولة المصرية ، لكنه يحمي أيضا قيم هذا المجتمع وأخلاقياته .