أعد المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة حديثة أكد فيها أن كثير من الدول أصبحت تتبنى نهج أكثر دائرية في الإنتاج والاستهلاك وفرص الدفع بالابتكار كمكون أساسي في سياسات الدول أو المنظمات والشركات حول العالم، وبالتالي، يبرز مفهوم جديد للاقتصاد الدائري تحت اسم اقتصاد الخدمات بمعنى أنه يوجد توجه عالمي للتحول من الملكية الفردية إلى فكرة رخصة الاستخدام وتقاسم الخدمات، وسيكون الاقتصاد الدائري واحدًا من أكثر القضايا الاستراتيجية في السنوات المقبلة، وذلك لأنه يُسهم في الاعتماد على الابتكار ونشر النماذج الاقتصادية المرنة.
وازدادت كمية المواد الأولية المستهلكة من حوالي 27 مليار طن في عام 1970 إلى حوالي 100 مليار طن. وفي المقابل، تقارب نسبة المواد التي يعاد تدويرها حاليًا أقل من 10% من وزن المواد الأولية المستهلكة، وهذا يشير إلى التضخم الكبير في استهلاك الموارد، وكذلك إلى الفجوة الواسعة التي يمكن ردمها لترشيد الاستهلاك من خلال زيادة عمليات التدوير.
ووفقا للدراسة التي أعدها الدكتور أحمد سلطان، يسهم الاقتصاد الدائري في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر، كونه يُشكل وسيلة ضرورية لتحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، وذلك من خلال المساهمة في منع هدر الموارد الطبيعة، وتقليل الآثار البيئية السلبية لاستغلال تلك الموارد.
وتعد مصر هي واحدة من أوائل الدول التي لديها ممارسات للاقتصاد الدائري، حيث تم تسجيل حوالي 46 منشأة وذلك قبل عام 1960 تعمل في جمع ومعالجة وإعادة التدوير، وبعد ذلك تطورت بشكل كبير حيث وصل إجمالي العدد إلى أكثر من 5990 منشأة وذلك حتى عام 2018، وذلك بسبب دعم مصر لأنشطة الاقتصاد الدائري بأشكال عديدة، ولكنه نادرًا ما يتم ذكر مصطلح الاقتصاد الدائري، وكذلك تأكيد قيمة التنمية المستدامة التي تُشكل ركيزة أساسية لتحقيق الازدهار والرفاهية الاقتصادية، حيث تسعى الدولة المصرية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية في كافة المستويات، وكذلك تعزيز ممارسات الاقتصاد الدائري باعتباره توجهًا عالميًا نحو تحقيق أهداف اقتصاديات مستدامة في الموارد، وفي هذا السياق، فإن خطة العمل الوطنية للاستهلاك والإنتاج المستدامين، واستراتيجية النمو المستدام والأخضر كجزء رئيسي من استراتيجية التنافسية المستدامة في الدولة، والبرنامج الوطني لإدارة النفايات الصلبة، والمبادرات الوطنية والوعي بأهمية وقيمة المفهوم الشامل للاقتصاد الدائري، مثل: برنامج الوظائف الخضراء بقيادة منظمة العمل الدولية، وبرنامج ريادة الأعمال؛ كل ذلك من شأنه تعزيز ممارسات نحو الانتقال لاقتصاد دائري على مستوى الاقتصاد الكلي.
واستكمالًا لما سبق، بلغ إجمالي المخلفات المتولدة في مصر حوالي أكثر من 26 مليون طن سنويًا، والاستراتيجية الوطنية الخاصة بالمخلفات خصصت حوالي 20% منها لإنتاج الكهرباء، وحوالي 60% لتصنيع الأسمدة والوقود البديل، وحوالي 20% يتم دفنها،بالإضافة إلى ذلك يبلغ إجمالي الفرص الاستثمارية لتنفيذ مشروعات لإنتاج الكهرباء من المخلفات نحو حوالي 974 مليون دولار، ونحو 319 مليون دولار لتنفيذ مشروعات إنتاج الأسمدة والوقود البديل. ووفقًا لاستراتيجية وزارة البيئة، يجري إعداد البنية الأساسية والمحطات الوسيطة وإنشاء المدافن الصحية للتخلص من النفايات حتى عام 2027 بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع.