تمر اليوم ذكرى حملة صليبية تسمى "حملة الفقراء" سبقت ما نعرفه فى عالمنا الإسلامى من حملات، كانت سببًا أن عاش العالم الإسلامى معاناة كبرى استمرت أكثر من قرنين متتاليين، وكانت هذه الحملة فى 15 أغسطس 1096، وكان من دعاة تلك الحملة البابا أوربان الثانى الذى دعا إلى المسير نحو الديار المقدسة، وبناء على ذلك هجر بطرس الدير وذهب ليتجول فى أنحاء شمال شرقى فرنسا داعيا لحملة البابا.
وبدأت الحروب الصليبية، في النصف الثاني من القرن 11 م. واستمرت حتى القرن 15 م. واحدة من أكثر الأحداث الحاسمة في العصور الوسطى في كل من أوروبا والشرق الأوسط.
حملة الفقراء
قبل انطلاق أول حملة صليبية بشهور قامت جيوش من الفقراء والعبيد والفرسان المعدمين وبشكل غير متوقع أو غير مخطط بتنظيم حملة إلى الأرض المقدسة وانطلقوا إلى القدس بمفردهم وكان العبيد ابتلوا بالجفاف والمجاعة والطاعون لسنوات قبل 1096 ويبدو أن بعضهم رأى فى الحملة الصليبية مهربا من واقعهم المرير.
الحملة الصليبية الأولى
تحركت فى أغسطس عام 1096 من عدة مناطق من فرنسا وإيطاليا فمن إقليم اللورين قاد جودفرى دى بوبون الرابع أتباعه وانضم إليها "أخوه الأكبر الكونت يوستاس من بولون وأخوه الأصغر بلدوين من بولون أيضًا، كما انضم بودوان له بورغ ابن عم جودفري، والكونت بودوان من اينو والكونت رينو من تول" على إثر الدعوة التى إطلقت لها حملة الفقراء، مشت هذه الفصائل على طريق الراين- الدانوب التى سارت عليها قبلهم فصائل الفلاحين الفقراء. حتى وصلت القسطنطينية نهاية عام 1096.
الحملة الصليبية الثانية
بدأت الحملة الثانية عام 1147 وانتهت عام 1192، وكانت قد أعقبت فترة من الهدوء، دعا إليها برنارد دى كليرفو، وكان قادتها لويس السابع ملك فرنسا وكونراد الثالث هوهنشتاوفن إمبراطور الجرمان "ألمانيا"، وهى أول حملة يشترك فيها الملوك، تعرضت فيها الجحافل الألمانية لضربة قوية تمثلت فى الجوع والمرض بعد هزيمة لحقت بها أمام فصائل الخيالة التابعة لسلطان قونية السلجوقى جوار ضورليوم، كما منيت القوات الفرنسية بهزيمة خطرة بجوار خونة، أنهك السلاجقة الصليبيين بغاراتهم المتواصلة، وفى 24 يونيو 1147 تلاقى لويس السابع وكونراد الثالث ووصية العرش ميليساندا مع أعيان القدس.
الحملة الصليبية الثالثة
دعا إليها البابا جريجوريوس الثامن، عام 1187 رداً على استرداد صلاح الدين للقدس وعودتها للمسلمين. وقاد الجيوش الصليبية ملك فرنسا فيليب الثانى أغسطس، وريتشارد "قلب الأسد" ملك إنجلترا، وملك الجرمان (ألمانيا) فريدريك برباروسا، لكن برباروسا غرق فى 1190 فى نهر اللامس، فتشردت صفوف قواته، أما الفرنسيون والإنجليز، فلم ينتهوا من الاستعداد للحملة حتى 1190، وفى الطريق عمل ريتشارد الأول على توسيع نفوذه فى صقلية مما وتر العلاقات مع الملك الفرنسى وأضعف التحالف بينهما.
الحملة الصليبية الرابعة
دعا إليها البابا اينوقنتيوس الثالث فى 1202، وكانت خطة الصليبيين الأولية تتلخص فى دفع القوات إلى مصر، لضرب القوة الإسلامية الكبرى فى المنطقة، ثم شن الحرب منها باتجاه القدس، لكن البندقيين الذين تولوا أمر توجيه وتوفير وسائل النقل والغذاء للحملة مقابل 85 الف مارك ذهبى، أثروا فى مسار الحملة ووجهوها إلى القسطنطينية عمدًا، لأن الصليبيين لم يوفروا المبلغ المتفق عليه، وأسفرت الحملة عن تخريب وتدمير القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية.
الحملة الصليبية الخامسة
سعى البابا انوسنت الثالث إلى بدء حملة صليبية جديدة عام 1213، فبدأ بحملة وعظ دامت حتى انعقاد المجمع اللاتينى الرابع عام 1215 الذى اتخذ سلسلة من الإجراءات التى تتعلق بتنظيم الحملات الصليبية، تحركت قوات مجرية وجنوب ألمانية بقيادة اندارش الثانى وقوات نمساوية، ووصلت إلى عكا، وتوقفت هناك حتى انضمت إليها قوات ألمانية وهولندية، فتوجهوا إلى مدينة دمياط فى شمال شرق الدلتا بمصر على النيل، ومنيت الحملة الصليبية الخامسة بالفشل الذريع.
الحملة الصليبية السادسة
قادها الإمبراطور فريدريك الثانى هوهنشتاوفن الألمانى الذى أراد أن يحقق مقاصده دون أن يسحب سيفه من غمده فى صيف 1228، ولم تحظ هذه الحملة بمباركة البابوية بل حرم الإمبراطور من الكنيسة لتأخره فى تنفيذ نذره بأخذ الصليب، تفاوض فيها فريدريك مع السلطان الكامل مما أسفر فى فبراير 1229 عن صلح لمدة 10 سنوات تنازل بمقابله السلطان عن القدس باستتثناء منطقة الحرم.
الحملة الصليبية السابعة
أدت الهزيمة التى لحقت بفصائل الصليبيين عام 1244 وخسارتهم التامة للقدس إلى ترتيب الحملة الصليبية السابعة، فقادها الملك الفرنسى لويس التاسع وتوجه بها إلى مصر واستمرت الحملة بين عامى 1248 و1254، فسيطروا فى البدء على دمياط ثم المنصورة، ولكن المسلمين بقيادة السلطان الصالح نجم الدين أيوب (وزوجته شجر الدر فيما بعد) نجحوا فى تدمير قواتهم وفى حصر بقاياها فى المنصورة حتى استسلموا، ووقع لويس فى الأسر حتى تم فديه عام 1250 فعاد إلى عكا وبقى فيها 4 سنوات قبل العودة إلى فرنسا بخفى حنين.
الحملة الصليبية الثامنة
انطلق فى هذه الحملة لويس التاسع ملك فرنسا فى عام 1270 بعد حوالى 3 سنوات من التأخير، وقد قام بها عدد قليل من البارونات والفرسان الفرنسيون، إذ أن فشل الحملات الجلى وانحطاط سمعتها صدهم عنها، حتى أن مؤرخ سيرة حياة لويس التاسع الذى رافقه فى حملته السابقة رفض الانضمام إليه هذه المرة.
الحملة الصليبية التاسعة
وقعت بين عامى (1271 - 1272) حملة عسكرية قادها الأمير إدوارد وانهزمت على يد الظاهر بيبرس الذى هاجم إمارة طرابلس الصليبية، استغل أباقا خان إيلخان مغول فارس الهدوء على الجبهة الشرقية فى شن هجمات كر وفر على حدود سوريا لكنه لم يستغل الموضوع لشن هجمات كبيرة.