عندما دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى، للحوار الوطنى، بدت مؤشرات على أن الدولة بعد أن هزمت الإرهاب وتجاوزت الكثير من التحديات، تسعى لرسم خارطة المستقبل، وتتيح المزيد من التنوع والانفتاح للأحزاب والتيارات السياسية والمدنية، بما يتيح لها تقديم نفسها وتوسيع مشاركتها بالعمل العام والمجتمع، والسباق فى المحليات والمجالس النيابية.. وتوسع المجال العام، للتعبير والتنوع، ضمن مرحلة تتناسب مع واقع جديد لرسم خارطة المستقبل.
ومنذ الدعوة للحوار هناك خطوة للأمام كل يوم، بدت من حجم وتنوع المشاركين وشكل هذه المشاركة، من كل التيارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والآراء والتفاصيل المتعددة، للقضايا والموضوعات.
كانت النقطة الأهم والمكسب الحقيقى، بناء جسور ثقة بين كل الأطراف تسمح بالكثير من الخطوات على طريق رسم خرائط المستقبل، خاصة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، أكد انفتاح الدولة على الجميع، والاستجابة لمطالب الحوار الوطنى فيما يتعلق بالقضايا العاجلة، حيث تم تفعيل لجنة العفو الرئاسى، وكل ما يدخل منها ضمن سلطاته الدستورية والقانونية، مع تأكيد من الرئيس بتلبية مطالب الحوار الوطنى التى تم التوافق عليها، وسبق واستجاب الرئيس لمطلبى مد الإشراف القضائى على الانتخابات والاستفتاءات، والمجلس الأعلى للتعليم، ووعد بالنظر فى قوانين الوصاية ومفوضية منع التمييز، وقانون تداول المعلومات مع وعد بإحالة أى مطالب أخرى إلى مجلس النواب والجهات المختصة.
اقترب الحوار الوطنى من نهايته، بعد شهور من الجلسات التى تمت بمشاركة واسعة من كل التيارات السياسية، ومشاركات متنوعة تناولت كل الموضوعات والقضايا، حيث تم التوافق على توصيات، وأعلن ضياء رشوان، منسق عام الحوار الوطنى، أن 13 لجنة من أصل 19 أنهت عددًا كبيرًا من القضايا والتوصيات تتعلق بالمحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مشيرًا إلى أن الحوار لم ينته بعد ولا تزال هناك جلسات علنية ستعقد، تعقبها جلسات متخصصة تلخص ما تمت مناقشته، وتقترح ما يتم التوافق حوله، وقال إن إعلان المقترحات لن يتم إلا بعد موافقة مجلس أمناء الحوار الوطنى عليها وأن تكون لاقت توافقًا كبيرًا.
وعقد عدد من لجان إعداد وصياغة التوصيات والمقترحات جلسات بحضور ذوى الشأن من مختلف الأطراف وبالتوازن المطلوب، وعدد من الخبراء والمتخصصين. وانتهت من صياغة التوصيات والمقترحات وقطعت مشوارها ليتم تجهيزها لعرضها على مجلس أمناء الحوار للنظر فيها، خلال اجتماع ستتم الدعوة إليه لإقرارها وتحديد طريقة رفعها لرئيس الجمهورية، لتأخذ طريقها إلى التنفيذ، أو يتم توجيهها إلى مجلسى النواب والشيوخ لتوسيع مناقشتها وإصدارها.
ومن مكاسب الحوار، التوافق حول مشروع قانون المجالس الشعبية المحلية، بما فيه النظام الانتخابى المقترح لها، ويشمل 75% بالقائمة المطلقة المغلقة، و25% بالقائمة النسبية المنقوصة، وأيضًا لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابى التى توصلت إلى زيادة عدد أعضاء مجلسى النواب والشيوخ.
وبعض تعديلات لقانون مباشرة الحقوق السياسية. وثلاثة مقترحات، الأول الإبقاء على النظام الحالى بانتخاب 50% من أعضاء مجلسى النواب والشيوخ عبر القائمة المطلقة المغلقة، و50% بالنظام الفردى على 4 دوائر. والنظام الثانى يتم بانتخاب كل الأعضاء بالقائمة النسبية غير المنقوصة عبر 15 دائرة. والاقتراح الثالث انتخاب 50% من الأعضاء بالنظام الفردى و25% بنظام القائمة المطلقة و25% بنظام القائمة النسبية. ويتم رفع المقترحات إلى مجلسى النواب والشيوخ.
وهناك أيضًا مقترح تشريع لمفوضية منع التمييز، وآخر بشأن الحريات الأكاديمية، و مشروع «قانون التعاونيات الموحد» وتعديلات تشريعية على قانون العمل الأهلى، ومن المحور المجتمعى مقترحات بشأن نظم الرعاية الصحية وتسريع وتيرة التأمين الصحى الشامل، ومشروع قانون الوصاية على المال، وإشراك المجتمع المدنى فى تطوير التعليم، وريادة الأعمال، والمحور الاقتصادى فيما يتعلق بالزراعة والسياحة وتحفيز الصناعة، وغيرها.
كل هذا يشير إلى أننا بصدد خارطة جديدة، أهم عناوينها توسيع المجال والمشاركة، وتعديلات فى قوانين الإجراءات، لتكون علامات جديدة لواقع أكثر تقبلًا لتنوع الآراء، وتكافؤ الفرص، والتحرك نحو المستقبل.