صالح عبد الحى وكان من أشهر المطربين فى مصر فى النصف الأول من القرن العشرين، وتمر اليوم ذكرى ميلاده، إذ ولد في مثل هذا اليوم 16 أغسطس من عام 1896 ورحل فى سنة 1962، وكانت حياته غربية فبعد أن ظل 40 عاما يغنى ويشدو ويسيطر بصوته القوى على إعجاب الملايين من عشاق الغناء القديم قد أصبح بعدما قررت الإذاعة حرمانه من تسجيل أغانيه لا يجد قوت يومه، ومعه أسرة كبيرة كان يعولها.
وقد سرد العديد من النقاد والكتاب قصة حياة صالح عبد الحى، ومن بين تلك الكتب "صالح عبد الحى.. فارس الطرب" لمحب جميل، وجاء في مقدمة الكتاب : في بداية علاقتنا بالموسيقى، لم يكن من مصدر لنا لتلقي التسجيلات العربية الأصيلة، سوى صوت صالح عبد الحي، من خلال الأشرطة التي كنّا نحرص على اقتناء الجيد منها، حرصًا على نقاء الصوت ودوام الدوران في آلات التسجيل، وفي تلك الفترة من العمر، لم نكن لنحظى بتسجيلات المنيلاوى ولا "الخال" عبد الحي حلمي، ولا الصفطي ولا محمد سالم ولا عبد الباري ولا أبي داود، إنما كان من حسن حظ الجميع، نحن وصالح عبد الحي، أن يكون صوت صالح هذا هو الطريق الوحيد إلى تراث النهضة الموسيقية في موشحاتها ومواويلها وأدوارها، والضمان السليم لتزويد أسماعنا التقاسيم الشجيّة، خصوصًا على آلة القانون التي تسبق "تسلطن الليالي والعيون"، تمهيدًا للاستقرار في أحوال الطرب.
وكنا نأنس إلى الربط بين صورة صالح المرفقة بالأشرطة، وصوته المنبعث من داخلها، فنعيد جزءًا من نشوة الطّرب إلى طربوشه المائل، وجزءًا آخر إلى صفاء صوته في ذلك الوجه الممتلئ "الناعم"، ونرى أن مصلحتنا هي في تلقي الغناء الجميل، مع التعلق بكل ما من شأنه أن يغنيه ويدعمه ويزيد من منسوبه وفيضان منابعه، كائنة ما كانت النعومة المذكورة، ولم تكن الصور متوافرة إلا في القليل القليل، إذ كان مكتوبًا على متتبعي الطرب أن يكتفوا بترسيخ علاقتهم بالسّمع من دون النظر، فكم كنا نحدق بصورة القصبجي القابع بين العازفين خلف أم كلثوم، متحرّقين لرؤيته منفردًا، قائمًا بذاته وذات عوده، من دون أيّ ذات بشريّة أخرى.
وعلى جانب آخر حكى الشاعر الكبير كامل الشناوى من خلال مقال له تحت عنوان "مأساة صالح عبد الحى"، تم نشره فى صحيفة الجمهورية فى 6 أغسطس سنة 1957، إذ يقول كامل الشناوى: اعترتنى رجفة شديدة وأنا أصغى إلى قصة صالح عبد الحى، كما رواها لى أحد أقربائه، أن هذا الفنان الذى ظل 40 عاما يغنى ويشدو ويسيطر بصوته القوى على إعجاب الملايين من عشاق الغناء القديم قد أصبح بعدما قررت الإذاعة حرمانه من تسجيل أغانيه لا يجد قوت يومه، ومعه أسرة كبيرة كان يعولها.
وتابع كامل الشناوى: صالح عبد الحى اليوم شبح مريض فقير تملكه الشعور بالهزيمة وأحس المذلة والانكسار، إن الصوت الذى كان يملأ الآفاق بالغناء قد انحبس فى غرفة ضيقة يحاول أن يصرخ من الألم فلا يستطيع إلا الأنين، يحاول أن يجأر بالشكوى فلا يقوى إلا على أن يجهش بالبكاء.