فى الوقت الذى يعانى فيه المواطنون فى أغلب أنحاء فرنسا وخاصة فى النصف الجنوبى من البلاد، من وطأة الحر الشديد والجو الخانق مع ارتفاع فى درجات الحرارة، يعيش الباريسيون حياتهم الطبيعية بل ويحاولون الاستمتاع بأشعة الشمس ونسمة الهواء الخفيفة.
ففى الوقت الذي أعُلن فيه حالة التأهب القصوى فى مناطق بجنوب شرق فرنسا، ورفع مستوى الإنذار إلى اللون الأحمر لمواجهة موجة الحر الشديد، إلا أن باريس تشهد ارتفاعا طفيفا فى درجات الحرارة والتي تتراوح بين 19 و31 درجة مئوية، وهذا لا يمنع المواطن من الخروج حتى في وقت الظهيرة حيث تشتد الحرارة .
"سوزان"، تخرج من محطة المترو ومعها طفلتها، لا تشعر بهذا الحر، بالعكس الحرارة بالنسبة لها شيء مفيد، قائلة لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس: "أبدأ يومي بشكل طبيعي، أقوم بالتسوق ثم لدي موعد مع طبيبي، وأعتقد أن هذه الحرارة مفيدة تبلغ الآن 23 درجة تقريبا، خاصة بعد أسبوعين من المطر والطقس البارد، الآن الطقس يتحسن قليلا، إلا أنه إذا وصلت إلى 35 درجة قد يكون الوضع صعب للغاية".
وأضافت "أحب حقا درجة الحرارة هذه، يمكننا الذهاب والجلوس أمام النافورات والاستمتاع هناك بالمياه وتناول الإفطار، فهذا شيء جيد بالنسبة لي".
كذلك بالرغم من الشعور بالحر في العاصمة الفرنسية باريس، إلا أنه مقارنة بالجنوب لا يشكل مشكلة لكثير من المواطنين، وهذا ما لمسته "كارولين"، طالبة تقيم هنا في باريس، قائلة "جئت من جنوب فرنسا وأعلم الوضع صعب، ومقارنة بهناك هذه الحرارة لا تمثل لي مشكلة، وخاصة بعد أسبوع من المطر .. في الأسبوع الماضي أمطرت كثيرا، أصبح الأمر أفضل الآن وليس حارا".
ومن المتعارف عليه أن هذا الارتفاع في درجات الحرارة قد يزعج بعض السائحين خلال زيارتهم لباريس، وقد يصل الأمر إلى تغيير خطتهم لتفادي التعرض للشمس إلا أن هناك آخرين يرغبون في تمضية وقت جميل في عاصمة النور حتى مع ارتفاع درجات الحرارة، هذا هو حال أفراد عائلة كبيرة جاءت من المغرب للاستمتاع بالطقس المعتدل مقارنة بالطقس في بلادهم، وقالوا: "ذهبنا إلى إسبانيا، قبل أن نأتي إلى هنا، هنا الطقس جيد بالمقارنة بإسبانيا وببلادنا حيث تشهد إفريقيا ارتفاعا في درجات الحرارة تصل إلى 48 أو 49 درجة، ونحن نعيش في أغادير أي جنوب المغرب، كانت درجة الحرارة مرتفعة تصل إلى 50 ، لكن بما أننا هنا اليوم، فلنستفيد بكل لحظة ولا نغير شيئا في خطتنا".
أما "جراتسيا"، فقد أعربت عن سعادتها أخيرا بشراء جهاز التكييف لديها، "أعمل طوال اليوم، وهناك تكييف في المكتب وبالتالي الحرارة لا تزعجني، واشتريت أخيرا جهاز تكييف في البيت وهذا أمر رائع" .
"بيير" من جانبه أكد أن المترو فقط هو ما يزعجه في هذا الحر، وقال : "لم أشعر بالحر طوال اليوم بما أني بالعمل إلا أن الآن سأستقل المترو وهو فقط المشكلة لأن الجو حار بالأسفل" مشيرا إلى أهمية الخضرة والذهاب إلى المتنزهات في مثل هذا التوقيت ، "حتى لا نشعر بهذا الحر الشديد".
وموجة الحر هذه أجبرت كثير من المحلات على غلق أبوابها، وخاصة المخابز مع ارتفاع درجات الحرارة وتجنب التعرض إلى الحرارة أكثر، ما تسبب بمشاكل لعدد من المواطنين ، مثل "أنّا" التي بحثت كثيرا عن مخبز في وضح النهار لشراء الخبز ولم تجد، وقالت وهي مستهجنة "بحثت كثيرا ودهشت من غلق عدد من المخابز أبوابهم، هذا غير معتاد!"، لكن هذا ليس حال كل المخابز الباريسية، محل "لو بان" حرص على فتح أبوابه طوال اليوم للمواطنين لتلبية احتياجاتهم.
وقالت "أميمة" من المغرب "لم نغلق بل عملنا في أوقات العمل المعتادة، الحرارة لا تزعجنا بل نوفر للعاملين التكييف وهناك فريقا يعمل في الصباح وآخر يعمل في المساء" مضيفة "نعمل أيضا خلال العطلات وفي فترة ارتفاع الحرارة هذه لأن هناك مخابز أخرى مغلقة، لذا نحرص على تلبية احتياجات المواطنين".
إلا أن "ميرنا" أعربت عن انزعاجها من ارتفاع درجات الحرارة خاصة وأن باريس مدينة مغلقة لاتطل على البحر فهذه الحرارة تزعجها وتشعر بالاختناق، قائلة "الحرارة تزعجني وبشدة" وكانت تفضل أن تذهب إلى المسبح إلا أنها اضطرت النزول لموعد طبي ضروري تم حجزه منذ فترة ولا يمكن إلغاؤه.
هذا وقد أعلنت السلطات حالة التأهب القصوى ورفع مستوى الإنذار إلى اللون "الأحمر" وهو المستوى الأعلى في البلاد بسبب موجة الحر، خصوصا في أربع مناطق من جنوب البلاد، حيث من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة إلى ما بين 40 و42 درجة مئوية بعد ظهر اليوم الثلاثاء، ويتيح هذا القيام ببعض الإجراءات لحفظ سلامة المواطنين كإلغاء مناسبات أو أغلاق مرافق عامة.
ومن المتوقع أن تستمر درجات الحرارة المرتفعة هذه طوال الأسبوع إلا أنه متوقع حدوث انخفاض في درجات الحرارة اعتبارا من يوم الخميس القادم.