في حديث أبى هريرة عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم يقول :" إن العبد ليتكلم بالكلمة _ من رضوان الله_ لايلقى لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة _ من سخط الله_ لايلقى لها بالا يهوى بها في جهنم"، وهو إشارة واضحة ومباشرة حول قيمة الكلمة و آثرها فى المحيط، وذلك فكلمة تذهب بك لدرجات أعلى، وكلمة تهوى بك لمصير سيئ، ولأننا شعب يعشق الكلام بطبيعته، فلذلك كل حديث _ خاصة مايتعلق بالمجال العام_ يجب أن نركز فيه في كل لفظ و إشارة، ونتابع آثره، فربما تعاملك في موقف ما يؤثر على الموجه إليه الكلام لعدة شهور، بل يغير حياته بأكمله، وكما يقول المثل الشعبى الشهير " لاقينى ولا تغدينى"، أي أن الشخص ينتظر الكلمة الطيبة أفضل له من الطعام الذى قد يشبعه، فقدم المثل الشعبى الكلمة وآثرها في النفس، عن الأكل والشرب.
وتقدير الناس ترطيب للقلوب بالفعل، فالناس تنتظر كلمات الشكر والامتنان، وتقدر المجاملة والذوق في التعامل، وتحترم أصحاب اللياقة المهذبة، لا أصحاب الياقات الذين يتكبرون على الناس ولا يقدرونهم، فكلما كان هناك مساحة لقول الكلام الطيب والمجامل، يجب ألا نتردد في قوله، فقد قال رسول الله في حديث حسن رواه الترمذى :" ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذئ"، وكلها إشارات سماوية تتواجد في كل الديانات تقريبا، فالقول الطيب قول مقدم على فكرة السفور في المكاشفة، لأن تقدير الناس سرا وعلنا هو نوع من أنواع الإنسانية الطبيعية والمنطقية، فحينما ترى " الواتس آب" أو تطبيقات المراسلة تحمل رسالة لك، فعليك من باب التقدير أن تتفاعل مع صاحبها، وكذلك في كافة التفاصيل، كذلك من باب التقدير الانسانى أن تتفاعل مع من تعرفهم في المناسبات الاجتماعية، و يكون ذلك التفاعل بالحضور أو الاتصال، وأضعف الايمان بالتعليق و بالرسالة.
وعلى ذكر الكلمات، فهناك مقالات نتعرض فيها لبعض الأشخاص سلبا و إيجابا، و ربما يكون التعرض للأحداث العامة ونقدها مقبولا نوعا ما، لكن هنا أتحدث عن الحديث بإيجابية حول شخصيات نذكرها فى حديثنا أو نتوجه إليها بالكلام، فربما اسم في مقال نكتبه يظل صاحب الاسم المذكور يتذكر ذلك المقال طوال عمره، و عليها فإنه من الواجب الانسانى أن نعرف قيمة الكلمة، وتقدير الناس بما له من آثر طيب في النفوس، وهذا دور الكتاب و الفاعلين في المشهد العام، وأيضا دور الساسة والشخصيات العامة، التي كل كلمة لهم تنتشر ولو في محيط صغير، فعليهم كما على الجميع، ذكر الحسن والايجابى والحديث فيه، وكذلك فتح باب النقد والتعديل لما هو دون المستوى وخارج السياق السليم، فكلما زادت مساحات الكلام والتفاعل مع الأحداث، كلما كان هناك شخصيات على قدر المسئولية المجتمعية والسياسية، ومع الوقت تولد لديهم ذلك الإحساس الخاص بتقدير الناس والتواصل معهم.