بعد ساعات من الارتباك، أعلنت مؤسسة الطيران الفيدرالية الروسية في الساعات الأخيرة من ليل الأربعاء، مصرع يفجيني بريجوجين، قائد مجموعة فاجنر المسلحة وآخرين علي متن طائرة كانت في رحلة داخلية، وذلك بعد شهرين من محاولة قائد المجموعة التمرد علي الكرملين في ازمة انتهت بوساطة من بيلاروسيا .
ونشرت مؤسسة الطيران الفيدرالية الروسية "روس أفياتسا" مساء الأربعاء قائمة بأسماء ضحايا تحطم الطائرة المدنية التي كان علي متنها بحسب بياناً رسمياً "قائد مجموعة فاجنر يفجينى بريجوجين ، ودميتري أوتكين، ويفجيني ماكاريان، وسيرجي بروبوستين، وألكسندر توتمين، وفاليري تشيكالوف، ونيكولاي ماتوسيف".
وكان يقود الطائرة ليفشين أليكسي وكريموف روستان، والمضيفة راسبوبوفا كريستينا ، في رحلة داخلية من موسكو إلى سان بطرسبورج.
وذكرت وزارة حالات الطوارئ أن "طائرة خاصة من طراز "إمبراير ليجاسي" وعلى متنها عشرة أشخاص تحطمت في منطقة تفير"، مشددة علي أن "عشرة أشخاص كانوا على متن الطائرة، من بينهم ثلاثة من أفراد الطاقم، وقُتل جميع من كانوا على متنها".
وبعد ساعات من تضارب المعلومات حول مصير قائد فاجنر وحديث مقربين عن إمكانية تسجيل اسمه في الرحلة والتحاقه بطائرة أخري علي سبيل المناورة، أقدم القائمين علي مقر شركة فاجنر علي اضاءه المبني الخاص بهم في مدينة سان بطرسبورج ونوافذه على شكل صليب كنوع من الحداد ، في إشارة إلى اعترافهم بمقتله.
ونعت مجموعة فاجنر زعيمها وقال منشور على قناة (جراي زون) على تلجرام "رئيس مجموعة فاجنر.. بطل من روسيا.. وطني حقيقي لوطنه الأم.. يفجيني فيكتوروفيتش بريجوجين قتل نتيجة أفعال خونة لروسيا".
وأضاف المنشور "لكن حتى في الجحيم سيكون الأفضل! المجد لروسيا!".
وفتحت الوكالة الفيدرالية الروسية للنقل الجوي تحقيقا فنيا بالحادث، وكذلك لجنة التحقيقات الروسية تحقيقا جنائيا.
وجاء في بيان لجنة التحقيق على قناة "تلجرام": "بعد حادث الطائرة الذي وقع في مقاطعة تفير، فتحت إدارة التحقيق الرئيسية التابعة للجنة التحقيق الروسية قضية جنائية على أساس جريمة بموجب المادة 263 من القانون الجنائي الروسي (انتهاك قواعد التنقل واستخدام وسائل النقل الجوي)".
وأضاف البيان أن فريق تحقيق توجه إلى مكان الحادث للبدء بكشف ملابسات الحادث واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعرفة الأسباب.
الوفاة المأساوية، جاءت بعد توتر العلاقات بين الكرملين وفاجنر ، برغم الدور الذي لعبته الأخيرة لصالح نظام فلادمير بوتين في روسيا داخل وخارج البلاد ، وبالأخص في الحرب الدائرة حتي الان في الأراضي الأوكرانية.
وفي الأسبوع الأخير من يونيو، أعلنت قوات فاجنر تمردها على القيادة العسكرية الروسية، واستولت بالفعل على مدينة روستوف (جنوب غربي البلاد) ، لكنّ تدخُل الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أدى حينها إلى خفض التوتر، وتراجُع قوات فاجنر إلى ثكناتها.
وحسبما تردد حينها، وعد الكرملين بريجوجين بالحصانة من الملاحقة القضائية، وكان أحد شروط العفو رحيله إلى بيلاروسيا المجاورة. ومع ذلك، تردد أن بريجوجين ظهر مرة أخرى في روسيا على هامش قمة أفريقيا في سان بطرسبورج نهاية يوليو الماضي.
وبالتزامن مع تتابع الأحداث في موسكو، كان لأنباء مقتل قائد فاجنر ردود فعل واسعة علي الصعيد العالمي، حيث قالت الرئاسة الأوكرانية إن تحطم الطائرة رسالة تحذير من بوتين للنخب الروسية.
وقال ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني إن بريجوجين "وقع قرار إعدامه حين صدق وعد بوتين وضمانات الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو"، وتابع : "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان ينتظر اللحظة المناسبة للتخلص من بريجوجين الذي وقع علي مذكرة إعدامه في اللحظة التي صدق فيها ضمانات رئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشينكو الغريبة، وكلمة الشرف السخيفة التي أطلقها بوتين".
وأوضح: "التصفية الواضحة لبريجوجين وقيادة فاجنر بعد شهرين من محاولة الانقلاب إشارة من بوتين إلى النخب الروسية قبل انتخابات عام 2024: احذروا! عدم الولاء يساوي الموت".
وأضاف بودولياك: "هي أيضا إشارة إلى الجيش الروسي: لن يكون هناك أبطال من قوات العمليات الخاصة. إذا لم تكن المحكمة الأوكرانية، فستكون رصاصة من جهاز الأمن الفيدرالي".
وفي الولايات المتحدة، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في تعليق مقتضب علي الحادث: "لست متفاجئا من احتمال مقتل قائد فاجنر في روسيا .. لا يوجد أشياء كثيرة تحدث هناك من دون أن يكون الرئيس الروسي فلادمير بوتين وراءها.. لكنني لا أعرف ما يكفي كي أعطي إجابة"، مؤكدا أنه لا يعرف على وجه اليقين ما حدث لكنه ليس مندهشا.
بدورها، قالت لمتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أدريان واتسون "اطلعنا على التقارير بشأن تحطم الطائرة الروسية، وليس مستغربا إذا تأكد وجود بريجوجين على متنها.. الحرب الكارثية في أوكرانيا دفعت جيشاً خاصاً للزحف إلى موسكو، والآن، على ما يبدو، إلى هذا هو المصير.