أكرم القصاص

أمريكا و«بريكس».. ثورة بيضاء على الدولار والبنك الدولى

الإثنين، 28 أغسطس 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من المهم قراءة تشكيل تجمع «بريكس» من زوايا متعددة، خاصة أنه تجمع اقتصادى يحمل قدرًا واسعًا من السياسة، من باب المنافسة والسباق الاقتصادى الذى بقى قائمًا على مدى عقود، هناك محللون غربيون وأمريكيون اعتبروا أن توسع مجموعة «بريكس» وانضمام دول جديدة يدل على ثورة عالمية وترجمة لمطالبات متوالية لإصلاح النظام المالى والاقتصادى العالمى، وفى فرنسا وصف رئيس حركة «الوطنيون» الفرنسية، فلوريان فيليب توسيع بريكس «قبول 6 دول، أعضاءً جددًا فى بريكس الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات»، بمثابة ثورة جيوسياسية عالمية. وأشار إلى أنه من الآن أصبحت 6 من أكبر 9 دول منتجة للنفط جزءًا من مجموعة «بريكس»، الأمر الذى يمكن أن يضعف أمريكا، وفى نفس السياق ترى عضو الكونجرس الأمريكى، مارجورى تايلور، أن «بريكس» تهدد الاقتصاد الأمريكى. 
 
والواقع أن بريكس هو نتاج طبيعى لتفاعلات لم تتوقف وانتقادات تجاه نظام الاقتصاد العالمى القائم ما بعد الحرب العالمية الثانية الذى وضعت أسسه وقواعده فى اتفاقية بريتون وودز، الاسم المعروف لمؤتمر النقد الدولى الذى انعقد فى يوليو 1944 فى غابات بريتون فى نيوهامبشر بالولايات المتحدة الأمريكية. حضر المؤتمر ممثلون لأربع وأربعين دولة. وقد وضعوا الخطط من أجل استقرار النظام العالمى المالى وتشجيع إنماء التجارة بعد الحرب العالمية الثانية. وتم تثبيت عملات أجنبية مقابل الدولار، وتشكيل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى للإنشاء والتعمير، بشعار تشجيع الاستقرار المالى الدولى وتوفير المساعدات للأعضاء الذين يواجهون عجزًا فى ميزان المدفوعات.
 
لكن الممارسة الاقتصادية جعلت المنظمتين تحت سيطرة الولايات المتحدة والسبع الصناعية، خاصة وقد تم تشكيلهما فى ظل انتصار الحلفاء وبدايات الحرب الباردة، ومع الوقت اختلفت السياقات الاقتصادية مع السياسية، حيث عانى النظام الدولى من اختلالات دعت الدول والتجمعات الإقليمية والسياسية للمطالبة بإصلاح الأمم المتحدة ومعها المنظمات التى قامت ما بعد الحرب العالمية الثانية، لكن لم تتم الاستجابة، رغم صعود اقتصادات دول مثل الصين والبرازيل والهند، بجانب دول مثل مصر وجنوب أفريقيا، ورغبة دول مثل السعودية والإمارات العربية فى امتلاك طموح فى التنمية والتقدم، لا يساعده النظام الاقتصادى الحالى. 
 
وبالتالى فإن بريكس تترجم مساعى الصين والدول الناشئة لتحقيق نمو سريع للكتلة التى تضم الاقتصادات الناشئة الكبيرة وسط المنافسة المتزايدة مع الولايات المتحدة، وقال الرئيس الصينى شى جينبينغ أمام القمة 15 لبريكس فى جوهانسبرج «علينا أن نسمح لمزيد من الدول بالانضمام إلى أسرة بريكس، من أجل إنشاء عالم أكثر «إنصافا وعقلانية»، وهو ما يعنى نظامًا اقتصاديًا موازيًا وربما منافس يضمن مصالح أطراف متعددة، وليس طرفًا واحدًا مثل الولايات المتحدة وتابعيها. 
 
فى الولايات المتحدة وبينما يعرب المحللون وبعض السياسيين عن مخاوف من إضعاف قدرات أمريكا وتأثيرها على الاقتصاد العالمى، يقلل المسؤولون الأمريكيون من أن تكون «بريكس» منافسًا يضعف أمريكا، ووصفوا التجمع بأنه يضم مجموعة شديدة التنوع تضم دولًا صديقة وكذلك خصومًا ومنافسين.
متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية قال إن «الولايات المتحدة تكرر التعبير عن قناعتها بأنّ للدول خيار الشركاء والتجمعات التى ترتبط بها.. وسنواصل العمل مع شركائنا وحلفائنا فى إطار ثنائى، إقليمى، ومتعدد الطرف لتعزيز ازدهارنا المشترك وتعزيز السلام العالمى والأمن».
 
بينما كتبت «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن التوسع الجديد للبريكس يعد الأول والأكبر للتكتل منذ انضمام جنوب أفريقيا فى عام 2010، وهو ما يمثل انتصارًا قويًا للصين التى دعت إلى التوسع السريع للمجموعة قبل القمة من أجل صياغة منافس أكبر لمجموعة السبع الصناعية.
 
بينما يراهن الأمريكيون على الوقت، ويرى بعض المحللين أن التجمع قد يؤثر بالفعل على الدولار، لكن هذا لن يتم فورًا، خاصة أن أمام التجمع وقتًا لإطلاق عملته الموحدة، بما قد يعنى إمكانية معالجة اختلالات النظام الاقتصادى العالمى ومحاولة استقطاب للأعضاء من خلال إصلاحات فى نظام اقتصادى أصبح يعانى من الجمود ويواجه عداءً من كثيرين. 
 
لكن عدد قليل من المحللين يرون إمكانية أن يتم إصلاح النظام العالمى، مما يدعم اتساع بريكس، لتكون أداة جديدة للتوازن العالمى، وتكوين ثقل يوازى القوى الغربية.
 

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة