أبدع الإنسان المصرى القديم في صناعة التماثيل، وتختلف أشكالها حسب الحقبة الزمنية التي تعود إليها، إذ أن هناك تأثير واضح لتماثيل "خفرع" و"منكاورع" فى صناعة تماثيل الأفراد في الأسرتين الخامسة والسادسة، كما أن هناك فرق بين تماثيل الجيزة وسقارة.
وفى هذا الشأن يقول العالم الكبير سليم حسن من خلال موسوعته مصر القديمة، إنه يوجد في المتحف المصرى أكثر من مائة تمثال جالس من عهد الدولة القديمة، ويشمل ذلك العدد المجاميع من التماثيل، وقد لوحظ أن ستين تمثالًا منها قد نحتت حسب التقاليد المتبعة في تماثيل "خفرع" من حيث الوضع، ومنها نحو 36 قد انحرفت عنه بتغيير بسيط، وذلك في كيفية وضع اليد اليمنى المقفلة، فمثلًا نلاحظ في هذه التماثيل أن راحة اليد تكون مقلوبة إلى أسفل بدلًا من جعل الإبهام إلى أعلى، وقد عثر على 31 تمثالًا من الستة والثلاثين في سقارة ويرجع تاريخها إلى الأسرة الخامسة، والظاهر أن هذه التماثيل قد أخرجتها مدرسة واحدة على رأسها فنان واحد، وتلاميذه الذين عاشوا معه في منف، وابتدعوا هذا التجديد الذي يختلف بشيء بسيط عن إنتاج فناني الجيزة وتقاليدهم، ويغلب على الظن أن تقاليد الجيزة هي التقاليد الرسمية، إذ وجدنا التمثال الوحيد الملكي الذي عثر عليه من الأسرة الخامسة، وهو للملك "نوسررع" قد وضع على هيئة وضع تمثال الملك "خفرع".
وأضاف الدكتور سليم حسن، أننا إذا استبعدنا هاتين المجموعتين أي الستين تمثالًا التي نحتت في مدرسة الجيزة والـ 36 تمثالًا التي نحتت في مدرسة سقارة لم يبق لدينا إلا بضعة تماثيل قد ظهر فيها بعض تغيير مخالف لكل ما سبق، ففي اثنين منها نجد أن اليد اليسرى مقفلة وموضوعة على الركبة، وفي اثنين آخرين نجد أن اليدين مقفلتان، أما تماثيل الرجال الواقفة وتماثيل السيدات الجالسات فليس فيها اختلاف تقريبًا، ومن بين تماثيل السيدات الواقفة ثلاثة نجد في كل القدم اليسرى تخطو إلى الأمام قليلًا، ونجد ذلك الوضع في تمثال الملكة زوجة "منكاورع"، وتمثال "مرسي عنخ" هذا إلى تمثال سيدة مع رجل واقفين فنجد يديها مقفلتين ومتدليتين على فخذيها كالرجل.
وعلى هذا يمكننا أن نستخلص بعض حقائق عن تماثيل الدولة القديمة تكاد تنطبق على كل ما عثر عليه حتى الآن، فمثلًا نجد أن قطعتين مؤرختين، وهما تمثال الأميرة "نزم رعنخ" والملك "خع سخموي" لكل منهما كرسي خشبي، وأن الذراع الأيسر موضوع أمام الجسم، غير أن الصناعة في كل منها مختلفة جدًّا، وكذلك تمثال الملك "زوسر" له كرسي خشبي، وذراعه الأيمن أمام جسمه، ويلاحظ أن صناعة تمثالي "خع سخموي" و"زوسر" يظهر فيهما الصناعة الملكية التي سارت في عهد الأسرة الثالثة، أما صناعة تمثال "نزم عنخ" فيظهر فيها الصناعة الشعبية لهذه الفترة.