مؤتمر «المصريين فى الخارج» الذى عقد فى القاهرة بنسخته الرابعة، بمشاركة وزارات: «الهجرة والمالية والثقافة والتعليم والتعليم العالى»، وبرعاية من رئيس الوزراء، يمثل إحدى خطوات التقارب بين المصريين بالخارج، وبين الوطن، هناك رسائل وكلمات من الوزراء وبعض المسؤولين، حيث تحدث بعضهم عن الاهتمام بالمصريين فى الخارج، وما يمكن أن تقدمه الدولة لهم من فرص أو تسهيلات.
انعقاد المؤتمر فى هذا التوقيت له دلالة مهمة وكل عام تتطور العلاقة مع المصريين فى الخارج، خاصة من يعيشون هناك منذ أكثر عقدين، وأبناءهم من الأجيال الجديدة الذين ولدوا فى المهجر، والمصريون موزعون بين أغلبية فى دول الخليج، وبعدها تأتى أوروبا وأمريكا وكندا، وعلى مدى سنوات ساهم المصريون فى الخارج بصورة إيجابية فى الاقتصاد من خلال التحويلات المباشرة، وأيضا بتحويلات غير مباشرة من خلال ما يجلبونه معهم من أموال عند عودتهم.
لكن الحقيقة أن مساهمات المصريين بالخارج ليست فقط تحويلات، وبالرغم من أهمية هذا إلا أن كثيرا منهم يساهمون فى تبنى وجهات نظر مهمة فى تقديم مصر بشكل إنسانى وثقافى ومنهم من يحافظ على هويته وثقافته، بالرغم من أنهم يندمجون فى مجتمعاتهم بالخارج ويتفاعلون معها ويمارسون دورا مزدوجا فى نقل وتبادل الأفكار والثقافات .
ومن خلال لقاءات مع المصريين فى الخارج أثناء السفر، نحن أمام أغلبية تحمل كل الانتماء وبالرغم من أن بعضهم يمتلك أعمالا ومكانة فى بلاد الإقامة، يحافظون على الارتباط بالوطن والحرص على التفاعل معه، بل إن منهم من تطوع خلال السنوات الماضية فى مواجهة الأكاذيب وحملات التضليل ودعايات التنظيمات المتطرفة التى تروج الأكاذيب، وساهم مصريون فى تصحيح كثير من المعلومات المزورة والمفبركة من دون أن يطلبوا مقابلا، وهؤلاء أغلبية يستحقون كل الاحترام والتقدير.
وفى بعض الأحيان يعبر المصريون بالخارج عن عتاب وأحيانا غضب، من النظر لهم على أنهم مجرد تحويلات أو حقائب أموال، مثلما جرى مؤخرا فى تصريحات بعضهم فى الحوار الوطنى حول فرض تحويل نصف دخلهم، وهو تصريح فردى، وقد أكد المنسق العام للحوار ضياء رشوان أن كل من يتحدث يطرح رأيه الخاص، وليس رأى الحوار أو أى من مؤسسات الدولة، مثل كثير مما يطرح ويتم التعامل معه على أنه موقف رسمى بينما هو مجرد رأى شخصى يعبر عن صاحبه.
وبمناسبة انعقاد النسخة الرابعة من مؤتمر المصريين بالخارج، هناك حاجة لأن نستمع لهؤلاء وآرائهم التى يمكن أن تفيد وتمثل قيمة مضافة للبلد، وأن يكون التعامل مع المصريين بالخارج باعتبارهم أصحاب تجارب عملية وإنسانية، وأن لكل منهم التزامات فى البلاد التى يعيشون ويعملون فيها، ولكل منهم تجربته وأيضا طريقته فى الحياة، وبعضهم لهم وجهات نظر ومطالب فى الطريقة التى يريدون المساهمة بها فى مشروعات أو أعمال.
وفى نفس الوقت فإن المصريين بالخارج لديهم رغبة فى التعرف على مشروعات أو فرص تضمن لهم استفادة، وتراعى مصالحهم.
المؤتمر شهد حديثا عن شركة توفر فرصا استثمارية، أو شركات ومشروعات وأنواع من تسويق المشروعات العقارية، ربما تكون هناك حاجة لصيغ تفتح الباب لمساهمات من المصريين بالخارج بمشروعات صناعية أو شركات من خلال طرق تضمن لهم عوائد وتحافظ على أموالهم.
المهم هو الاستماع إلى مطالب المصريين فى الخارج بجدية وفتح المجال للتفاعل معهم بوصفهم مواطنين لهم مطالب ووجهات نظر ربما تسهم فى مضاعفة مساهماتهم بأكثر مما يتم طرحه أو التفكير فيه منا نحن الذين فى الداخل، والمساعدة فى المشروعات، وأن تكون لهم تصورات مختلفة ممكن أن تكون ذات دور مهم فى صياغة خريطة المستقبل فى الحوار الوطنى وغيره.
هناك قطاعات كبيرة من المصريين بالخارج لديهما رغبة فى المشاركة وصياغة المستقبل بالرأى والفكرة وتستحق أن نتعامل معهما بنفس الثقة والتعاون والاحترام.