لا أحد ينكر ما تفعله المبادرة الرئاسية حياة كريمة في قرى ونجوع مصر التي كانت نسيا منسيا، ودخلت غياهب الجُب منذ عصور، وتفشي فيها الإهمال وعم عليها الظلام، وانتشر فيها الفقر المدقع، وطغى بداخلها عيشة متعبة لأصحابها وزوارهم، ورغم كل هذا وذلك لا زالت تتمتع بالبساطة، وناسها أصحاب سلامة نية وصفاء قلوب ولذلك يستحقون "حياة كريمة".
الأهداف الرئيسية للمبادرة الرئيسية حياة كريمة، التخفيف عن كاهل المواطنين بالمجتمعات الأكثر احتياجا في الريف والمناطق العشوائية في الحضر، وكل هذا يشرح الصدور ويزيد الفرحة ويصنع البهجة ويدخل السرور على أناس يستحقون منا العمل ليل ونهار لنقلهم من اللا حياة إلى الحياة، ليست الحياة فقط، بل حياة كريمة.
بالأرقام دخل قطار حياة كريمة 4584 قرية بـ20 محافظة و175 مركزا لتخدم ما يقرب من 60 مليون مواطن مصر أي ما يزيد عن نصف الكثافة السكانية لمصر، وهي أرقام مهولة تحتاج جهدا كبيرا ودأبا حثيثا، وسعي كبير.
حياة كريمة، في تصوري يمكن استمرارها ومواصلتها وأن تظل قائمة حال وجود محليات منتخبة، فعلي عكس ما يروجه البعض بأن المحليات، من الممكن أن تعرقل الأجهزة التنفيذية من القيام بأعمالها، عليك أن تدرك أن المجالس المحلية تختص بمتابعة تنفيذ خطة التنمية، ومراقبة أوجه النشاط المختلفة، وممارسة أدوات الرقابة على الأجهزة التنفيذية من اقتراحات، وتوجيه أسئلة، وطلبات إحاطة، واستجوابات وغيرها، وفى سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية، وكل هذا يضمن أن وجود المحليات يصنع حياة كريمة ويدعم التنمية الشاملة.
الحوار الوطني وضع المحليات على رأس أولوياته، ومنحها مساحة واسعة، وخصص لها لجنة تحمل اسم "المحليات" وعلي ما أذكر أنه بدأت لجنة المحليات بالحوار الوطني، أولى جلساتها في الأسبوع الثاني من انعقاد الحوار بمشاركة متنوعة للأطراف المختلفة، واختتمت تلك الجلسة بتأكيد الدكتور ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني، أن الجلسة المخصصة لمناقشة القانون أكدت بما لم يدع مجالا للشك على سرعة إجراء انتخابات المحليات وسيتم رفع هذا الأمر للقيادة السياسية بشأن اتفاق القوى السياسية المختلفة في الآراء والأيدولوجيات على ضرورة إجراء انتخابات المحليات.
كما اهتم والحوار الوطني بالمحليات، سبق أن أفرد الدستور مساحة واسعة أيضا لـ "المحليات" وتنص مادة (180) من الدستور على أن تنتخب كل وحدة محلية مجلسا بالاقتراع العام السري المباشر، لمدة 4 سنوات، ويشترط في المترشح ألا يقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميلادية، وينظم القانون شروط الترشح الأخرى، وإجراءات الانتخاب، على أن يخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالي عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسبة تمثيلا مناسبا للمسيحيين وذوي الإعاقة.
وتنص مادة (181) على أن قرارات المجلس المحلى الصادرة فى حدود اختصاصه نهائية، ولا يجوز تدخّل السلطة التنفيذية فيها، إلا لمنع تجاوز المجلس لهذه الحدود، أو الإضرار بالمصلحة العامة، أو بمصالح المجالس المحلية الأخرى، وعند الخلاف على اختصاص هذه المجالس المحلية للقرى أو المراكز أو المدن، يفصل فيه المجلس المحلى للمحافظة، وفى حالة الخلاف على اختصاص المجالس المحلية للمحافظات، تفصل فيه على وجه الاستعجال الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، وذلك كله وفقا لما ينظمه القانون.
كما يوجد في الدستور مواد تنظم موازنة المجالس المحلية والحسابات الختامية، لذلك نحن في حاجة إلي إصدار قانون المحليات، فى ظل عدم وجود مجالس محلية منتخبة منذ 12 عاما، وعلينا جميعا أن ندرك أن المحليات قادرة على صناعة حياة كريمة للجميع وبالجميع.