الحضارة المصرية القديمة مليئة بالحكايات والأسرار، التى يتم الكشف عنها من خلال العديد من الأبحاث والحفائر التى تقوم بها الدولة المصرية، متمثلة فى وزارة السياحة والآثار، وسوف نتناول خلال التقرير التالى حكاية النفوش التى على جدران المقابر وهل كتبت للزينة أم لغرض آخر؟
ويقول عن هذا الأمر الدكتور سليم حسن فى موسوعته مصر القديمة إنه مما يؤكد أن المصرى لم ينقش هذه الرسوم فى حجرات مقبرته لمجرد الزينة أننا وجدنا فى إحدى مقابر عظماء القوم فى جبانة أهرام الجيزة واسمه "حتبى" ويلقب بمدير الوثائق الملكية ورئيس كتاب الضياع الملكية، أن صاحب المقبرة لم يشيد لنفسه حجرة للقرابين بل اكتفى بالباب الوهمى، لكنه من جهة أخرى صنع لنفسه تابوتًا من الحجر الجيرى الأبيض وزينه بالنقوش والأبواب الوهمية، وكتب على حافته اسمه وألقابه، ثم كتب على جدار تابوته الغربى من الداخل بالمداد الأسود قائمة بالمأكولات التى كانت تكتب عادة فى حجرة القرابين فوق الباب الوهمى.
وتوضح موسوعة مصر القديمة أنه تم العثور على بعض المقابر في جبانتي أهرام الجيزة وسقارة قد نقشت على حجر كل ما يحتاج إليه من أوان وأثاث ومناظر أخرى، ولم ينقش شيء من ذلك على حجرات القربان، وأعتقد أن في كل ما ذكرنا ما يدحض القول بأن هذه المناظر كانت تعمل للزينة والفن فحسب، لأنها في الحالات الأخيرة عملت في أعماق حجرة الدفن، فلا يمكن أن يتمتع بجمال فنها قط إلا نابشو القبور للبحث عن الكنوز أو الحقائق التاريخية.
يضاف إلى ذلك أن حرص المصري على الاستفادة من هذه المناظر في حياته الأخرى جعله يفكر في صنع مجموعة عظيمة من الآلات النحاسية على شكل نماذج يبلغ عددها أحيانًا أكثر من مائة قطعة كالتي عثر عليها في مقبرة ابن "تي"، أو المجموعة التي عثر عليها للأمير "خنوم با إن" ابن "خفرع"، أو لحفيد الملك "منكورع" في منطقة حفائر الجامعة بالأهرام، فقد كانت هذه المجموعات الأولى من نوعها، إذ عثر عليها فى مقابر لم تمس بعد.