لا يزال الانسحاب الأمريكي من أفغانستان الموصوف بالفوضوي ، يلقي بظلاله على إدارة بايدن بعد عامين من قرار الرئيس الديمقراطي، وأصبحت الحادثة مادة لهجمات منتقدي بايدن وفي مقدمتهم ترامب والجمهوريين ، بالتزامن مع الاستعداد لانتخابات البيت الأبيض المقبلة، وسط شكوك حول قدرة بايدن وادائه السياسي والاقتصادي.
قالت شبكة إيه بي سي الأمريكية، على الرغم من الخسائر التي تكبدها الجيش الأمريكي بعد قرار بايدن بالانسحاب الذي صوره وقتها على أنه ضرورة أخلاقية في بداية عهده، إلا أنه أشاد بما وصفه "نجاح استثنائي للمهمة" وهو ما لا يراه الكثيرين.
ودفع قرار الانسحاب من أفغانستان وما ترتب عليها الإدارة الأمريكي لتغيير نهجها في السياسة الخارجية بطرق مرئية وغير مرئية، ومع بدء الحرب الروسية كان هدفها الأساسي هو تحقيق نجاح دبلوماسي يغطي على كارثة أفغانستان.
نقطة عمياء
وفي مقتطف من كتاب جديد للكاتب فرانكلين فوير نشر في مجلة The Atlantic يغطي الديناميكيات داخل البيت الأبيض خلال صيف عام 2021، يصور بايدن وهو يقترب من الانسحاب بإصرار، وحتى عناد، ال جانب غضبه من التغطية الإعلامية التي وصفها بالسلبية.
يقول الأدميرال المتقاعد مارك مونتجمري، وهو الآن مدير لمركز مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات للابتكار السيبراني والتكنولوجي، إن ما أسماه نهج بايدن قصير النظر أدى إلى تجاهل الرئيس للتحذيرات الحرجة.
وقال في مقابلة مع ايه بي سي: "في مواجهة التراجع الكبير من كبار المستشارين العسكريين، تجاوز ترامب جميع مخاوفهم وتوصياتهم، ونفذ سياسة سيئة للغاية بشكل كارثي".
وقال مونتجمري: "من الواضح أنه يتمتع بحسن النية في السياسة الخارجية. ولكن مع هذا الرئيس، هناك نقطة عمياء"، مؤكداً أن هذا الموقف قد انتقل الان عبر مسئولي البنتاجون وقال: "لا أعتقد أنهم على استعداد لإجراء مناقشة شفافة ومفتوحة حول الخطأ الذي حدث."
وأشار مونتجمري الى إن تصور الكارثة في أفغانستان أدى إلى تضخيم حاجة الولايات المتحدة إلى النجاح في مسارح دبلوماسية أخرى بعد ان أصبحت أمريكا "حليف مشكوك في امره".
وقال: "يمكنك حقا أن تنظر إلينا كحليف مشكوك فيه للغاية .. إذا كنتم تايوان، أو اليابان أو كوريا، أو إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، فعليكم أن تسألوا أنفسكم هل الولايات المتحدة مستعدة للتضحية بأعضاء الخدمة الأمريكية للوفاء بمعاهدتها أو التزاماتها المعلنة تجاهنا ؟".
وتابع قائلا إن الولايات المتحدة استعادت بعض من مكانتها العالمية من خلال دعم أوكرانيا، ولكن ليس كلها خاصة عندما يتعلق الامر بردع الخصوم عن اثارة الصراعات.
وقال دانييل بايمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومستشار لوزارة الخارجية، إن العديد من المسؤولين يشعرون أنهم قد "قلبوا الصفحة": "أعتقد أن هناك تركيزا محدودا على هذا الأمر في أحسن الأحوال داخل إدارة بايدن إنه لا يشغل وقت كبار المسؤولين."
وتابع بايمان إن تركيز الادارة تحول إلى مجالات مختلفة يعتبرونها "نجاحًا كبيرًا"، بما في ذلك دعم أوكرانيا والتعامل مع الصين، التي يخشى الكثيرون أنها مستعدة لغزو تايوان.
الفاتورة السياسية
وفي كل من الكونجرس والحملة الانتخابية، حافظ الجمهوريون على الاعراب عن استيائهم المستمر من طريقة تعامل بايدن مع أفغانستان، وأطلقوا تحقيقات وطالبوا بالمساءلة عما يقولون إنها إخفاقات كان من الممكن منعها.
اجتمع عدد من أفراد عائلة جولد ستار من أفراد الخدمة الثلاثة عشر الذين قتلوا في تفجير آبي جيت عام 2021 في مطار كابول، في الكابيتول هيل هذا الاسبوع للتعبير عن إحباطهم، ودعوا إلى الشفافية من إدارة بايدن ومساءلة صناع القرار.
وقال دارين هوفر، والد الرقيب في مشاة البحرية: “أقول لبايدن: استقيل .. نحن نستحق أن نعرف الحقيقة ولماذا أرسلت الحكومة أطفالنا إلى حتفهم".
وقدم رئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي بيان ، قائلًا عن عائلات جولد ستار: "نحن مدينون لهم بالشفافية. نحن مدينون لهم بالصدق، ونحن مدينون لهم بالمسائلة إذا كان ذلك مناسب.. نحن مدينون لهم بالحقيقة بشأن ما حدث".
وكان حاضرا أيضا الرقيب البحري تايلر فار جاز أندروز، الذي شهد أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في مارس، أنه يعتقد أن فريق القناصة حدد بالفعل الانتحاري قبل الانفجار، لكن لم يسمح له القادة بإطلاق النار.
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب مايكل مكول، الجمهوري عن ولاية تكساس: "إن هذه المأساة كانت جرحًا ألحقته بنفسي، لم يقتل 13 من أفراد الخدمة الأمريكية فحسب، بل أدى أيضًا إلى مقتل 170 مدنيًا بريئًا وإصابة 45 شخصًا في هجوم انتحاري ضخم.. كان الأمر جحيمًا على الأرض، والجزء الأكثر حزنًا هو أنه كان من الممكن منع كل ذلك".
لكن البنتاجون شكك في ادعاء ماكول، وقال في بيان: "من التحقيق على المستوى التكتيكي، لم يكن من الممكن منع هجوم آبي جيت دون إضعاف المهمة لزيادة عدد الأشخاص الذين تم إجلاؤهم إلى الحد الأقصى، واتبع القادة على الأرض التدابير والإجراءات المناسبة".
في اليوم التالي لاجتماع المائدة المستديرة، سافرت عائلات جولد ستار شمالًا إلى بيدمينستر بولاية نيوجيرسي، حيث استضاف الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي وضع لأول مرة خططًا لرحيل القوات الأمريكية عندما أبرم اتفاق انسحاب مشروط مع طالبان، مناقشة عشاء ليلة الأربعاء
وفي رسالة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي حول الاجتماع، قال النائب الجمهوري مايك والتز إن ترامب وعد ضيوفه بأنه إذا تم انتخابه مرة أخرى، فسوف "يكشف كل شيء" بشأن الهجوم.
وانتقد المرشحون الرئاسيون من الحزب الجمهوري بايدن مرارًا وتكرارًا بشأن أفغانستان، حيث قال السيناتور تيم سكوت إن ما أسماه "الانسحاب الفاشل" كان مأساة للأمة، وقالت السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي "يجب أن تتدحرج الرؤوس بشأن كارثة أفغانستان".