"فى الحياة نعمتان حب الفن وفن الحب".. مقولة شهيرة للمؤلف والكاتب المسرحى والشاعر الأيرلندى أوسكار وايلد وربط فيها بين الفن والحب، تصح أن تكون عنوانا لليلة أمس شديدة التميز بحفلات غنائية متنوعة شهدتها القاهرة ومدينة العلمين الجديدة فى مهرجانين أحدهما تخطت جذوره الـ3 عقود، والآخر مهرجان وليد ظهر بشكل احترافى وعصرى، وتلخيصا لليالي الـ50 لمهرجان العلمين، وأيضا مهرجان القلعة فى مشهد يؤكد ويبزر ملامح قوة مصر الناعمة وأسباب تميزها، وأيضا قدرتها على تنظيم أكثر من مهرجان غنائى فى وقت واحد، ويرافقهما النجاح والتميز.
على خشبة مسرح القلعة، وقف المطرب على الحجار صاحب الصوت الطربى المميز ليطرب جمهوره فى مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء بدورته الـ31، وسط حالة من الانسجام مع أغنياته الشهيرة والتى تشكل جزءا لامعا من ذاكرة الأغنية المصرية خصوصا أن بعضها حمل شارة مسلسلات تليفزيونية شهيرة ومنها "بوابة الحوانى" و"ما تمنعوش الصادقين" شارة مسلسل "أبو العلا البشرى".
تألق على الحجار مع جمهوره، الذى لم يقتصر فقط على جيله ممن تربوا على أغنياته، لكن أيضا مستمعين من أعمار مختلفة، إذ أن مسيرة المطرب المصرى الذى نشأ وسط عائلة فنية، تتميز بأنها اجتذبت فئات متعددة من المجتمع وأجيالا جديدة، تسحر قلوبهم الأغنيات الطربية، والتى تغنى بها وسط حضور الآلاف، وقدم أيضا "على قد ما حبينا"، "من غير ما تتكلمي"، "مسألة مبدأ"، "لما الشتا يدق البيبان"، "عم بطاطا"، "زي الهوا"، ولم ينس والده إبراهيم الحجار وقدم له أغنية "عزيز على القلب".
وكما استمتع الجمهور بالأغنيات الرومانسية والعاطفية، ردد وراء المطرب علي الحجار عددا من الأغاني الوطنية ومنها "خلي السلاح صاحي"، "على الربابة"، "الله أكبر"، وما يضيف إلى المشهد جمالا وجود بين الجمهور بعض الشباب والفتيات من أصحاب ذوي الهمم، تشعر بصدق مشاعرهم وهم يستمعون ويرددون وراء أحد أبرز مطربي جيلهم، وأيضا ذلك المشهد العائلي لأسر مصرية وأباء وأمهات حضروا رفقة أبنائهم، في ليلة غنائية صيفية وسط أحضان قلعة صلاح الدين التي تشهد على تاريخ مصر، وتعد إحدى أعرق القلاع الحربية التي شيدت في العصور الوسطى.
والمتابع للمشهد الفني والثقافي في مصر، يلاحظ جليا أنه يتميز بالتنوع شديد الثراء، فعلى بعد أكثر من 250 كيلو مترا من القاهرة، كان جمهور آخر من مصر وجنسيات عربية مختلفة على موعد مع 4 حفلات في مهرجان العلمين الجديدة بدورته الأولى، ليتواصل الحاضر مع الماضي وتقف مصر شاهدة على تواصل الأجيال واستمرار الابداع، ونهر لا ينضب من المواهب وجمهور لا يشبع من الفن، فالأصالة تجاور الحداثة في نسيج واحد يعبر عن احتضان مصر لكل الثقافات، والتنوع الشديد في الأذواق، كل له جمهوره.
واستمتع جمهور مهرجان العلمين الجديدة بأغاني فنانين لهم أسلوبهم الخاص، ومنهم المطرب "أبو"، الذي أمتع الحاضرين بأغنياته الشهيرة "3 دقات" التي كانت بمثابة انطلاقه الفني، و"دغدغة" وغيرها من الأغنيات، ولم يفوت أن يعبر عن إعجابه بمدينة العلمين وبنائها في وقت قياسي وتحولها من أرض للألغام إلى أحد أفضل الأماكن الترفيهية والسياحية في الشرق الأوسط.
بعد المطرب "أبو" صعد عمر كمال صاحب الشعبية الكبيرة، ليرقص معه الجمهور على أغنيات "بنت الجيران"، وغيرها، ويتواصل المشهد مع لون غنائي جديد اكتسب شعبية بين الجمهور، ليزيد حماس وأجواء الحفل مع فريقي "دبل زوكش"، و"الصواريخ"، فكل لون غنائي له جمهوره، وكل بقعة في أرض مصر لها خصوصيتها، لكن القديم والحديث ينسجما معا، ويزيدا من قوة الحضور المصري الفني وريادته في المنطقة العربية، فمن يري مصر في العلمين ومصر في محكى القلعة يدرك تماما أننا لدينا مخزون ثقافي لاينضب ومواهب لا تعد ولا تحصى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة