محسن سرحان

مسائل فى العمل الخيرى.. ما بين النية الحسنة وفرضية العدم (٣)

الأحد، 10 سبتمبر 2023 12:38 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مدى اتزان "بطاقات الأداء المتوازن" في خدمة القضايا العامة

 
في أوائل تسعينيات القرن العشرين، أحدثت بطاقة الأداء المتوازن (BSC)، التي طورها روبرت كابلان وديفيد نورتون، طفرة هائلة في قياس الأداء في عالم الشركات، ومع ذلك، فإن الطبيعة الفريدة التي تمثلها "الرسالة" للمنظمات الخيرية و غير الربحية قد استلزمت تطوير منهجيات بديلة تتوافق بشكل أفضل مع هوية وكينونة القطاع. 
 
تركز بطاقة الأداء المتوازن، المصممة لمواءمة أنشطة الأعمال مع رؤية واستراتيجية المنظمة، بشكل أساسي على أربع نطاقات رئيسية – النطاق المالي، العملاء، العمليات الداخلية، والتعلم والنمو. 
 
هذا الإطار، على الرغم من فعاليته في البيئات الهادفة للربح، لا يتردد صداه بشكل كامل مع المنظمات غير الربحية. 
 
تكمن الإشكالية الرئيسة في المنظور "المالي". في حين أن الاستدامة المالية مهمة للمنظمات غير الربحية، إلا أنها ليست المنتهي. حيث من الممكن أن يؤدي الإفراط في التركيز على النطاق المالي الي تركيز غير صحي على جمع التبرعات كغاية وليس كوسيلة، وغالبا ما يكون ذلك على حساب تحقيق الهدف الأسمى من نشأة الكيان.
 
علاوة على ذلك، لا ينطبق منظور العميل بدقة على القطاعات الغير ربحية، لطبيعة اخترت ان أطلق عليها Dual-Customer Centricity ان جاز التعبير، حيث ينقسم عملاء القطاعات الغير ربحية الي شطر يتلقى الخدمات و لا يدفع شيئا في المقابل، و شطر يدفع مقابل خدمات لا يتلقاها و لا يراها. 
 
يؤكد هذا الانفصال على الحاجة إلى أدوات تخطيط و قياس مختلفة و مخصصة لهذا القطاع. ولمعالجة هذه القيود، تم تطوير مجموعة متنوعة من المنهجيات البديلة على مر السنين، ولكل منها تاريخ فريد، ونهج مختلف لخدمة القضايا العامة. 
 
من ابرز هذه المنهجيات بطاقة القيمة العامة التي طورها مارك مور، الأستاذ بجامعة هارفرد، والتي تقوم علي أساس توليد المؤسسة للقيمة العامة و النتائج التي تعود بالفائدة على المجتمع كله. نموذج المثلث الاستراتيجي الذي قدمه مور يحتوي على ثلاثة مكونات رئيسية: القيمة العامة، القدرة التشغيلية، والشرعية والدعم.
 
- القيمة العامة: يركز هذا المكون على القيمة التي تعد بتوليدها المؤسسة لتقديمها للجمهور. و من المهم هنا التحديد الدقيق لهوية هذه القيمة العامة. و من الممكن استخدام حزمة من الاهداف تمثل في مجمل تحقيقها هذه القيمة والتي يجب ان تتوافق مع رسالة المؤسسة. 
   
- القدرة التشغيلية: هذا الجانب يتعامل مع القدرة التشغيلية للمؤسسة على تقديم القيمة العامة المرجوة. و يركز على القدرات الداخلية للمنظمة وكيف يمكنها تحقيق أهدافها. و يتضمن ذلك الأنظمة الداخلية، قدرة المؤسسة علي التعلم و التكيف، و مدي استدامة هياكلها الإدارية. 
   
-  الشرعية والدعم:  يتعامل هذا المكون مع القدرة على الحصول على الدعم المجتمعي للمؤسسة بكل صوره، رضا المستحقين للخدمات، الشراكة الطيبة مع اجهزة الدولة و جهاتها الرقابية، و ثقة المتبرعين و المتطوعين. 
 
وعبر هذه السلسلة من المقالات سنحاول أن نرد سويا العمل الخيري إلى جذوره الثابتة علميا وإنسانيا، عن طريق شرح بعض المفاهيم، وتذكر بعض المحطات الفارقة في تاريخ العمل الخيري، لعلنا جميعا نستطيع التفكير بشكل أكثر كفاءة خارج الصندوق، بعض تسليط الضوء على ما هو بداخله بالفعل.
 
ودمتم خيرين.
                                                                        
- الرئيس التنفيذي لبنك الطعام المصري
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة