نصل لمرحلة الغليان وقت الصدمة، ونتمنى الكثير والكثير من الألم لمن تسبب في آلامنا، ونرغب في رد الصاع صاعين، ونتمنى ولو جاء وقت تصفية الحساب وإعادة الحقوق في أقرب وقت ممكن، ونشغل بالنا وتفكيرنا طوال الوقت بتلك اللحظة التي يأتيك بها القدر بالإنصاف والحق، ولكن هل نفعلها؟ هل نستطيع أن نترك ألمًا في النفس التي أذاقتنا نفس الأذى؟ أسئلة كثيرة تدور في الأذهان، في حال آن أوان تلك اللحظة.
الفرق بين الرغبة في إعادة الحق وأخذه كبير، لأننا وإن رغبنا في رد الأذى والألم، يجب علينا عدم أخذه بالطريقة التي ستفقدنا هويتنا وطبيعتنا، فالأصل والمعدن هو الحكم وقت الخصومة ووقت رد الحقوق، وإن كان إعادة الحق وأخذه وهو حق أصيل لا ينكره عاقل سيتسبب في راحة فلابد منه، وإن كان لا يفرق رده من عدمه فذلك هو فوز الأصل والمعدن.
لحظات الصدمة تدفع الشخص للتفكير كثيرًا والغوص في أعماق النفس التي ترغب في الانتقام، فهيأ الشيطان الكثير من السيناريوهات الانتقامية التي يذهب معها عقلك ويرتاح معها كونها طبيعة بشرية، ولكن مع تحكيم العقل والمنطق وتغليب فكرة أن أخذ الحق سيفقدك أكثر مما فقدت، وقتها تكمن حقيقة النفس السوية غير الانتقامية.
اعتقادي الشديد أن رد الصاع صاعين وأخذ الحق على طريقة الخصم هو سقوط في فوهة نيران ستحرق روحك شيئًا فشيئًا لتفقد هويتك في النهاية لأنك ستسير على نفس وتيرة الشخص الذى تسبب في الأذى وستحذو حذوه في ارتكاب الأخطاء وإضافة الأذى للآخرين.
معادلة صعبة للغاية وهي أخذ الحق بطريقة غير انتقامية ورد الصاع صاع وليس صاعين، أو حتى ترك الحق، ففى كل الأحوال الطريق الذى سيجعلك تشعر براحة أكبر اسلكه حتى وإن كان أصعبهم، ولكن تأكد أنك في نهايته ستخرج بنفس هويتك وطبيعتك البشرية السوية.
أعتقد أن ملخص تلك الكلمات تكمن في أحد الأمثلة الشعبية وهي (يا بخت من قدر وعفي).