مر 22 عاما على هجمات 11 سبتمبر الإرهابية فى الولايات المتحدة التى كانت بمثابة نقطة تحول فى السياسات الأمريكية للتعامل مع الإرهاب بعدما وصل لقلب الأراضى الأمريكية فى هجمات متفرقة استهدفت برجى التجارة العالمية ومبنى البنتاجون وراح ضحيتها أكثر من 3000 شخص.
بدأت الحرب الأمريكية على الإرهاب بعد أسابيع قليلة من التفجيرات، وكان الرئيس جورج بوش متسلحا فى معركته بتفويض من الكونجرس لشن عمليات عسكرية خارج الحدود دون قيود تشريعية ما اعتبره عدد من الخبراء البذرة الأولى لجماعات اليمين المتطرف داخل البلاد.
فى 18 سبتمبر 2001، حصل الرئيس الأمريكى على الأسلحة التشريعية المناسبة التى يحتاجها لمحاربة المتهم فى الأحداث وهم تنظيم القاعدة بموجب قانون "AUMF" ولا يزال يستخدم إلى اليوم كأساس لضربات طائرات الدرون والعمليات العسكرية الأخرى التى امر بها الرئيس بايدن ومعظمها لا علاقة له بالقاعدة
بعد تمرير القانون بيومين فى 20 سبتمبر القى الرئيس بوش خطابا لا تزال تباعاته مستمرة بعد اكثر من عقدين تحدث فيه عن نوع جديد من الرد العسكرى بلا هدف واضح قائلا: "حربنا على الإرهاب تبدأ بالقاعدة، لكنها لا تتوقف هناك، ولن تنتهى حتى يتم إيجاد كل الجماعات الإرهابية ذات الوصول العالمى ووقفها وهزيمتها".
وبعد أقل من شهر على الهجمات، بدات أمريكا أطول حروبها فى افغانستان وأصبح دعم الأمريكيين للحرب على الإرهاب مختلطا مع استمرار الحملة لسنوات فى محاولة لاستهداف الخلايا الإرهابية.. ورغم قتل آلاف الجنود الأمريكيين وإصابات آخرين جسديا ونفسيا، إلا أن ظلال 11 سبتمبر أبقت القوات الأمريكية فى أفغانستان خوفا من الفراغ الذى يحدث مع رحيلهم، لكن فى نهاية الأمر، هذا ما حدث بالفعل، فرحلت القوات الأمريكية وعادت طالبان لحكم أفغانستان
تم استخدام "AUMF" فى شن العشرات من العمليات العسكرية حول العالم ضد جماعات لا علاقة لها بهجمات سبتمبر 2001 من ضمنهم داعش الإرهابى الا أن قائمة الافراد والجماعات التى يستهدفها القانون سرية.
توالت القوانين والتشريعات التى اطلقت يد الرئيس الأمريكى فى حروبه الخارجية منذ ذلك الحين، فى 2002 تم تمرير قانون للعراق وقدمت إدارة بوش قانون باتريوت الذى سمح للوكالات الاستخباراتية والفيدرالية بصلاحيات لجمع سجلات الاتصالات للمشتبه بهم بأعمال إرهابية.
وفى العام نفسه تم افتتاح سجن جوانتانامو الأكثر إثارة للجدل بسبب الانتهاكات التى كانت تحدث هناك، وكان هدفه الرئيسى هو اعتقال المتشبه بهم فى أعمال إرهابية لأجل غير مسمى بعيدا عن النظام القانونى فى أمريكا
اخر التحركات الأمنية فى حقبة ما بعد 11 سبتمبر، إنشاء وزارة الأمن الداخلى وكانت هيئة جديدة بين الشرطة والاستخبارات والهجرة. وأشرفت على مكتب الهجرة والجمارك المعروف بـ "ICE" واستخدم الإلحاح فى مكافحة الإرهاب لتأسيس وزارة الأمن الداخلى لتكثف حملتها ضد المهاجرين خاصة من أمريكا اللاتينية
الصلة بين الإرهاب والهجرة التى وضع أسسها تفويضات ما بعد 11 سبتمبر كانت الشرارة الأولى للتطرف اليمين والتفوق الأبيض، وكان اقتحام الكونجرس فى 6 يناير 2021 من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة مثل براود بويز واوث كيبرز أبرز مظاهره فى تاريخ أمريكا الحديث.
قال سبنسر أكرمان، مؤلف كتاب عهد الإرهاب: "كيف أدت حقبة 11 سبتمبر إلى زعزعة استقرار أمريكا وأنتجت ترامب، أن "الحرب على الإرهاب" غير المتبلورة شحنت خيوط مؤسسية من التفوق الأبيض الذى يمر عبر التاريخ السياسى للولايات المتحدة".
ويقارن أكرمان، قائلا: "أحد أهم دروس الحرب على الإرهاب هو أن الرجل الأبيض الذى يحمل علمًا وبندقية أخبره ثقافة الحرب على الإرهاب بأنه مضاد للإرهاب وليس إرهابيًا وأنه يمكن رسم خط مباشر بين الحرب على الإرهاب و6 يناير المؤيدة لترامب فى واشنطن.
وتابع: "الصور التى التقطت من اقتحام الكونجرس جسدت أيقونات لأفكار من كانوا فى الحشد هناك الكثير من الأشخاص الذين يرتدون قفازات صلبة ومعدات تكتيكية يتنكرون كمحاربين بأن الحرب على الإرهاب وصورها الإعلامية أقنعتهم بأنها علامة على السلوك الأمريكى الشجاع".
تم تقليل بعض تجاوزات حقبة 11 سبتمبر وأصبحت وكالة الأمن القومى مقيدة بدرجة أكبر فى قدرتها على جمع بيانات الهاتف بالجملة، والتى قضت محكمة استئناف فيدرالية بعدم شرعيتها فى عام 2020 ولكن حتى بعد انتهاء صلاحية القوانين، فإن العادات وردود الفعل التى كانت سائدة منذ 22 عاما لا تزال مستمرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة