قال الكاتب الصحفي عادل حمودة إنه في ديسمبر 1772 تلقي «بنجامين فرانكلين» مجموعة من الرسائل المجهولة، لافتا أن بنجامين فرانكلين أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، وشغل في ذلك الوقت منصب مدير مكتب البريد رغم أنه فيلسوف وكاتب ومخترع وسياسي محترف.
وأضاف «حمودة»، خلال تقديمه برنامج «واجه الحقيقة»، المذاع على قناة «القاهرة الإخبارية»، أنه كتب الرسائل المجهولة توماس هاتشينسون حاكم إحدى الولايات الأمريكية إلى مسؤول بريطاني، في الرسائل حث هاتشينسون بريطانيا على إرسال قوات إضافية لردع المستعمرين المتمردين في بوسطن، وعمم فرانكلين الرسائل بشكل خاص.
وتابع: «لكن جون آدامز قائد الثورة الأمريكية نشرها في جريدة بوسطن جازيت عام 1773، أثار النشر فضيحة سياسية أجبرت هاتشينسون على الفرار خارج البلاد، لكن الرسائل أثارت من التوترات ما أدي إلى الحرب الثورية الأمريكية».
وواصل: «عندما اتهم ثلاثة رجال أبرياء بتسريب الرسائل اعترف فرانكلين بأنه الفاعل، تعرض فرانكلين للتوبيخ في البرلمان وفصل من مكتب البريد، قصة تؤكد أن التسريبات جزء من لعبة السياسة منذ عدة قرون».
وقال الكاتب الصحفي عادل حمودة، إنه في عام 1971 حدثت أحد أشهر التسريبات السياسية في التاريخ الأمريكي، وسرب «دانيال إلسبرج» مستشار البنتاجون السابق وثائق سرقة تعرف باسم «أوراق البنتاجون» إلى صحيفة نيويورك تايمز.
وأضاف «حمودة»، أنها تضمنت أوراق البنتاجون معلومات سرية تثبت تضليل حكومات أمريكية متعاقبة للشعب الأمريكي بشأن حرب فيتنام، ووصفت الوثائق التضليل بأنه ممنهج.
وتابع: «كشفت الوثائق أيضا عن كذب وزير الدفاع الأمريكي الأسبق روبرت ماكنمارا على الشعب الأمريكي بمعلومات غير حقيقية عن الحرب، كان ماكنمارا قد كلف مجموعة من مساعديه لوضع أكبر دراسة عن حرب فيتنام، اعترفت الوثائق بأن القوات الأمريكية لم تحرز تقدما في مواجهة القوات الفيتنامية الشيوعية على الرغم من أن التصريحات الرسمية على عكس ذلك».
وواصل: «احتوت الوثائق أيضا على معلومات تاريخية حول قرار الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان لدعم الفرنسيين في فيتنام، الأخطر أن الوثائق تضمنت تقارير مخابراتية تثبت أنه لا توجد مؤامرة روسية للاستيلاء على فيتنام».
واستكمل: «كانت هذه التسريبات واحدة من أكثر الأحداث إثارة للجدل في تلك الفترة، كشفت باختصار أكاذيب المسئولين الحكوميين وتسترهم عما يحدث في الحرب، اضرت التسريبات بثقة الجمهور في الحكومات التي تورطت في الحرب، والأهم ساهمت التسريبات في زيادة المشاعر المناهضة للحرب، رفعت السرية عن الوثائق الكاملة في عام 2011».
وقال عادل حمودة إنه كان وراء تسريبات أوراق البنتاجون شخص يدعى دانيال السبيرج، ولد في شيكاغو عام 1931، وأنهى دراسته الثانوية بتفوق وكان الأول على دفعته.
وأضاف أنه حصل على منحة دراسية لمدة 4 سنوات في جامعة هارفارد، بعد الجامعة قضى 3 سنوات في سلاح مشاة البحرية الأمريكية.
وتابع: «منذ عام 1959 عمل محللا استراتيجيا في مؤسسة راند وثيقة الصلة بالبنتاجون، سهل عمله في مؤسسة راند حصوله على المعلومات الحكومية الأكثر سرية، اختاره مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي جون ماكنوتون مساعدا له».
وواصل: «في هذا المنصب عمل على الخطط السرية لتصعيد حرب فيتنام التي انضم إليها ضابطا فيما بعد، بعد عودته من الحرب شارك في دراسة روبرت ماكنمارا السرية للغاية، حملت الدراسة عنوان "صنع القرار الأمريكي في فيتنام من عام 1945 إلى عام 1968". وعُرفت الدراسة فيما بعد باسم أوراق البنتاجون».
واستكمل: «عمل إلسبيرج أيضا مساعدا لهنري كيسنجر وهو في منصب مستشار الأمن القومي للرئيس ريتشارد نيكسون، ولكن عندما سئم إلسبيرج من تدهور الأوضاع في فيتنام قام بتصوير الدراسة السرية، وصلت الدراسة إلى السناتور ويليام فولبرايت فأمر بمنع نشرها».
وأردف: «في تلك اللحظة قرر إلسبيرج تسريبها إلى نيويورك تايمز وواشنطن بوست، حوكم إلسبيرج بعقوبة محتملة مدتها 115 سنة سجن، لكن بعد عامين أفرج عنه وأسقطت الاتهامات الموجهة إليه».
وقال عادل حمودة إنه وجدت التسريبات منذ أن اخترعت الحكومات، وهناك مقولة شهيرة تقول: أن سفينة الدولة هي السفينة الوحيدة التي تعاني من التسريب في القمة.
وأضاف أنه صحيح ان كثير من السياسيين والمسؤولين الحكوميين ينشرون معلومات سرية للغاية لتحقيق أهداف مختلفة.
وتابع: «لكن صحيح أيضا أن التسريبات لا تأتي من الأجزاء العلوية في سفينة الدولة، غالبا ما تأتي التسريبات من أسفل، من غرفة المحرك التي يديرها أشخاص لا يظهرون في الصورة، وتتعدد الأهداف وراء التسريبات».
وواصل: «بعضها يستهدف الكشف عن الحقيقة، وبعضها يسعى إلى تشويه السلطة القائمة، وبعضها له أهداف أخرى، تجلي ذلك في قصة خبير تكنولوجيا المعلومات التي سرب معلومات استخباراتية ودفاعية حساسة من أجل إثارة إعجاب أصدقائه في غرفة محادثة على منصة ديسكورد».
واستكمل: عمره 21 سنة، يخدم في الحرس الوطني الأمريكي، أراد أن يثبت لأصحابه أنه قادر على اثارة دهشتهم، في النهاية التسريب عمل غير قانوني وإلا لما أطلق عليه تسريب، وعمل غير قانوني يقوم به أشخاص يمتلكون معلومات سرية لا يحق لهم الإفصاح عنها».
واختتم: «لكنه غامض أخلاقيا، ولذلك لا مكان لاختباء الشخصيات العامة من التسريبات، وأينما توجد تدركها التسريبات ولو كانت في بروج مشيدة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة