لا شك أن القطاع العقارى مر خلال السنوات الأخيرة بعدة تحديات كبرى كادت أن تودى بمستقبل القطاع العقارى وتقضى عليه، بدءا من أزمة كورونا ،مرور بكارثة الحرب الروسية الأوكرانية ،وانتهاء بالأزمة الاقتصادية العالمية والتى أدت إلى ارتفاع الخامات ومدخلات مواد البناء بنسبة 100%، كل تلك الأزمات هدتت شركات كبرى بالخروج من السوق العقارى، وكان لها نصيب الأسد فى تراجع مبيعات الشركات العقارية الصغرى ممن هم دخلاء على السوق العقارى المصرى.
ورغم كل هذه التحديات إلا أن هناك من الشركات من حولت الأزمة والمحنة، إلى منحة، فأجبرتهم على التفكير خارج الصندوق، ففى أزمة كورونا كان التفكير فى استغلال التكنولوجيا والتسويق إلكترونيا والعمل من المنزل، وتنظيم معارض عقارية على الإنترنت واستهداف العملاء بالخارج من خلال استخدام التكنولوجيا، المنفذ الوحيد للهروب من الأزمة وتحويلها لمنحة .
كما أن للأزمة الاقتصادية التى أعقبت الحرب الروسية الأوكرانية، جعلت الشركات العقارية تفكر فى إنشاء وتنفيذ تحالفات تضم بعض الشركات للقيام بتنفيذ مشروعات عقارية عملاقة، للهروب من تراجع الملائة المالية ، والاستفادة من خبرات الشركات التى يضمها التحالف، فى التفكير خارج الصندوق وتنفيذ مشروعات عملاقة يشهدها السوق المصرى لأول مرة.
وكان لبعض الشركات الأخرى رأى أخر فى تفادى تلك الأزمة، تمثلت فى تقليل نسبة المقدم وتقديم تسهيلات للعملاء فى السداد وصلت لـ 10 سنوات، ويرجع ذلك لقوة الملاءة المالية لتلك الشركات، كما عقدت بعض الشركات مذكرات تفاهم مع عدد من البنوك وذلك لتمويل المشروعات بحيث يتسنى لهم تمويل العملاء لفترات أطول وصلت لـ 15 عام.
أما الشركات التى وقفت فى مكانها " محلك سر" كما يقول المثل الشعبى، واجهت تحديات كبرى فشلت فى مواجهتها، وهو ما أدى إلى خروجها من السوق العقارى بأكملة، أو التنازل عن تلك المشروعات لشركات أخرى منافسه سواء بالبيع أو التخارج وخلافه، وهو ما يؤكد على حقيقه واحدة أن البقاء ليس للأقوى، ولكن البقاء للأكفأ والأشطر، فالقوة المالية وحدها لا تكفى لمواجهة تلك التحديات، بل لابد أن يصحب القوة والملاءة المالية، خبرات كبيرة تعمل على التفكير بحلول غير تقليدية لمواجهة تلك الأزمات.
ورغم تراجع المبيعات لدى الكثير من الشركات العقارية فى الفترة الأخيرة بسبب تراجع القدرة الشرائية للكثير من العملاء، إلا أن هناك شركات أخرى استطاعت أن تضاعف مبيعاتها بشكل أكبر ، ويرجع ذلك للثقة التى تتمتع بها تلك الشركات من قبل العملاء فى السوق العقارى من جهة، ومن جهة أخرى استغلت التطور الكبير الذى يحدث فى مصر خلال الفترة الأخيرة وبناء المدن الذكية والشمول المالى والتحول الرقمى، وجلعت من هذه الأدوات عوامل نجاح لها فى القفزة التى حقتتها فى المبيعات واستهداف أكبر عدد من العملاء خلال فترة وجيزة.
ولعل المشروعات القومية التى نفذتها الدولة فى الفترة الأخيرة، من مشروعات بنية تحتية وطرق ومرافق، ووسائل نقل حديثة من مونوريل وقطار كهربائى، وقطار سريع، وكذلك الموانىء الجافة التى سهلت حركة النقل ومرو البضائع، ومحور قناة السويس والمشروع القومى للطرق، ومدن الجيل الرابع، فضلا عن المشروعات السكنية التى نفذتها الدولة، ومدن الجيل الرابع، كان لها أثر كبير فى دعم القطاع العقارى بصورة كبيرة وجعلته القطاع الأكبر ، وصاحب النصيب الأكبر فى الانتاج المحلى داخل السوق المصرى.
كما أن للمعارض العقارية التى أقيمت خلال الفترة الأخيرة وخاصة التى أقيمت خارج مصر وتمثيل الحكومة فى تلك المعارض، أرسلت رسالة طمأنة للمصريين المقيمين بالخارج، وكذلك المستثمرين الأجانب، أن مصر مقبلة على مرحلة من النمو والتطور لم تشهدها فى تاريخها ، فكل ما ينفذ داخل الجمهورية الجديدة، من مشروعات عملاقة لم تشهدها فى تاريخها على مدار العقود الماضية، كما كان للحكومة رأى فى دعم القطاع العقارى من خلال المحفزات القوية التى أعلنت عنها والأنظمة الجديدة التى اتبعتها سواء من خلال إطلاق نظام الشراكة مع القطاع الخاص، والذى أثبت نجاحه منذ الوهلة الأولى، حيث ساهمت فى التحفيف عن كاهل المطور، عبء المبالغ المالية الكبرى التى كان يضعها فى الأرض قبل أن ينفذ المشروع، وكذلك طرق تخصيص الأراضى الأخرى التى اتبعتها وزارة الإسكان سواء من خلال التخصيص الفورى أو الآليات الأخرى، جعل أمام المطور العقارى أكثر من فرصة حقيقية للحصول على قطعة أرض وتنفيذ المشروع الذى يراه مناسبا له ولملائته المالية.
وفى ختام مقالى، أستطيع أن أؤكد لك عزيزى القارىء أن القطاع العقارى يمرض ولا يموت، وأثبت على مدار الفترات السابقة أنه قاطرة الاقتصاد المصرى، والمحرك الرئيسى له، كما أن الزيادة السكانية فى مصر لا تستطيع الدولة بمفردها أن تحلها وتقضى عليها، فكان لابد وأن يتم إشراك القطاع العقارى فى ذلك، فالمصريين ما زالوا يؤمنون بحقيقة واحدة أن الاستثمار الأفضل فى العقار وليس فى أى منتج آخر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة