دخل الاستحقاق الرئاسى إلى منعطف الجدية. نظمت الهيئة الوطنية للانتخابات، الأربعاء الماضى، مؤتمرًا شرحت فيه الأمور اللوجستية التى أنجزتها إجرائيًّا وتنظيميًّا، وتستعد لإعلان الجدول الزمنى من الترشح إلى التصويت والنتائج خلال ساعات. لينتقل الحدث إلى عُهدة الشارع والقوى السياسية، وتبدأ مسؤولية النُّخب والناخبين عن إنجاز السباق الأرفع ضمن هيكل السلطة ومؤسساتها، ويبدأ الالتزام من جدية التعاطى مع التحضيرات فى بيئة تنافسية مفتوحة وعادلة، ممتدًّا للكياسة والموضوعية فى إدارة المنافسة ومعارك الدعاية والحشد، وصولاً إلى احترام المُخرجات النهائية، والجاهزية للتفاعل الجاد والموضوعى مع القيادة فى المرحلة التالية. ومناط الحكمة فى ذلك، أن يُنظَر للحالة بكاملها من زاوية أنها تأسيس جديد للشرعية، وأداة عبور ضمن سلسال من الحقب المتلاحقة فى دولة 30 يونيو، وليست قطيعةً مع سياق أو إنشاءً لآخر مُضاد، أى أنها دفعةٌ نحو التطوير وترفيع السياسة، وليست معركةً صفريّة تُخاض بمنطق الكسب المُطلق أو الرفض الكامل.
بورصة الترشيحات الأولية ما تزال فى طور التوسع؛ ولم تتحدَّد ملامح ما يُمكن أن تُصار إليه فى شكلها الأخير. حتى الآن أبدى نحو خمسة وجوه رغبتهم فى خوض السباق، ويفكر اثنان آخران أو ينتظران قرارًا من حزبيهما. من السبعة رؤساء ستّة أحزاب مُتفاوتة فى الحضور والشعبية، ولبعضها تمثيل نيابى كافٍ لتغطية التزكية المطلوبة، بينما البقيّة إمّا لديها مقاعد محدودة أو هى خارج البرلمان. ما يعنى أن بعض الراغبين يُؤمِّنون مساراتٍ شبه مضمونة لبطاقة الترشح، ويظل آخرون تحت الاحتمال، بين البحث عن دعم النواب أو الالتجاء للتأييد الشعبى المباشر، من 25 ألف مواطن فى خمس عشرة محافظة، ومن الطبيعى أن يعجز واحد أو أكثر عن بلوغ العتبة المُؤهّلة لقائمة المُرشَّحين النهائية. هنا يقع الأمر فى نطاق الشعبية والقبول ومستوى الانتشار والقدرات اللوجستية، ويجب ألّا يتجاوزه إلى حيِّز الابتزاز أو ادّعاء المظلومية، والتهرُّب من المُكاشفة على مستوى هياكل التنظيمات الحزبية وقواعدها وملاءتها الجماهيرية.
المُؤكَّد أننا إزاء انتخابات تعدُّدية، ولن تنحصر بطاقة الاقتراع فى اسمين أو ثلاثة؛ إنما المعتاد فى كل العالم أنه «ما كل ما يتمنَّى المرء يدركه»، ولا يقع أمر الأدوار العامة فى نطاق الرغبة الشخصية أو المهارات الفنية فقط؛ لكنه يتّصل باعتبارات اجتماعية وقنوات اتصال عميقة وديناميكية مع الشعب، انطلاقًا من كونه مصدر السلطات وصاحب الحق الأول فى تركيزها، ما يعنى أن بعض من يحملون آمالاً عريضة أو رغباتٍ جادّةً ومُخلصة، قد لا تسعفهم مسائل الشعبية والتسويق الفاعل فى عبور امتحان الترجيح الأوَّل، وإقناع الحصَّة المُبتغاة من النواب أو الجمهور لتأمين مقعدٍ فى قائمة المُتنافسين.. لكن المُهم أن الساحة السياسية بصدد إفراز عدد من الوجوه القادرة على استيفاء الشروط القانونية والإجرائية، وقد تعهَّدت الهيئة الوطنية للانتخابات بالجدية والحياد مع المُتقدِّمين، وطالبت الإعلام بالمواكبة الموضوعية المُتكافئة، وثمّنت رؤية الحوار الوطنى للاستحقاق الرئاسى والمناخ المحيط به، فى الضبط والتنظيم وحلحلة المجال العام.
الخلاصة، نحن على موعد مع سباقٍ تنافسى، تُعرَض فيه باقةُ خياراتٍ على الجمعية العمومية لمصر، وذلك أول مدخل موضوعى إلى إفراز سلطة سياسية صافية الشرعية، ومُعبِّرة عن القاعدة الاجتماعية ومجموع الإرادات الوطنية؛ إذ يتحدَّد المسار بالدستور وحجّيته السامية على كامل مُكوّنات الدولة، وتقوم على انتظامه هيئة مُستقلّة عمادها من شيوخ القضاء، ويواكبها تجرُّد فى تقويم أمور الدعاية والحشد والاقتراع، بإشرافٍ قضائى كامل من بدء التصويت لإعلان النتائج؛ لتكون العبرة فى الفوز أو الخسارة بالمقبولية والإقناع والأرقام، وكلها خارج إمكانات التوجيه، أو التأثير بأدوات الشحن والمزايدة والخطابية العاطفية. ويفرض ذلك على المُتنافسين أوّلًا، ثم على ظهيرهم السياسى وروافع حملاتهم فى الشارع، أن ينتهجوا مسارات العمل الانتخابى الناضجة، بدلاً من أيّة مُكايدات دعائية أو إغراءات شعبوية، لن تُفضى لتعديل المراكز الحقيقية، أو لانتزاع مواقع لا تتوافر لها مُرتكزات فعليَّة تراكميَة ومُستقرّة بين الناس.
قد يرى فريقٌ أن لعبة السياسة تحتمل المُبادأة بالهجوم، واختصام المنافسين بالنقد والدعاية؛ بدلاً من التركيز على بناء برامج مُكتملة واقتراح بدائل مُقنعة. هذا التصوّر للأسف من مُخلَّفات حقبٍ ماضية؛ ولعلّه لم يعد مُجديًا إزاء سياق مُغاير سلكته الدولة منذ 30 يونيو، ترتكز قاعدته إلى تحالفٍ مدنى واسع تشكَّل فى مُواجهة الرجعية الدينية، وقمّته تتلاقى فيها السلطات الثلاث على مُحدِّدات دستورية واضحة، لا تقودها أفكار الاحتكار القديمة، ولا تحفل بفكرة المُحاصصة الإخوانية؛ إذ لا حزب للرئيس كما جرت العادة قبل يناير وفى سنة الجماعة، بل لا يحق له أصلاً أن يشغل منصبًا حزبيًّا طوال ولايته؛ ومن ثمّ فإن أى ظهير سياسى وراء القيادة الحالية أو مُستقبلاً، إنما ينبع من توافق الرؤى أو إقناعيّة الخطط والأهداف، وليس من التقاءٍ أيديولوجى أو شراكة تنظيمية. لعلّ ذلك أكثر وضوحًا فى تواتر بيانات تأييد الرئيس السيسى من أحزاب مُوزَّعة على امتداد الطيف السياسى، يمينًا ويسارًا، وهذا التغيُّر البنيوى فى مسألة الرئاسة يجب أن يكون محلَّ اعتبارٍ ونظر من النُّخبة بكاملها، ومن راغبى الترشُّح قبلهم؛ لأنه ينسف نظرية «الطبقة المُهيمنة» التى سادت قديمًا، ويضع الرئيس مُنفردًا أمام جمهوره؛ ليكون إفرازًا خالصًا للمجال الاجتماعى العريض، لا البقعة السياسية منه فقط، ويتّصل استحقاقه بالإمكانات الفردية ومعايير الكفاءة والجدارة، الخالصة بدرجةٍ كبيرة من تأثير الجبهات ودوائر المصالح التقليدية.
معنى ذلك، أن الأحزاب لا تحوز سُلطة التزكية والتوجيه كما يتصوَّر القائمون عليها؛ إنما ينحصر دورها فى كونها تُمثّل جزءًا من التفاعلات الاجتماعية، ربما يكون أكثر تماسكًا أو نشاطًا من بقيّة الأجزاء؛ لكنه ليس حكمًا على الأداء العام ولا قادرًا على تعديل خياراته. ولا يعود ذلك لأننا إزاء أزمة أيديولوجيا وانحسار لخطابات السياسة التقليدية، ولا لأن الأبنية الحزبية تعيش حالةً من الخفوت وانعدام الوزن بين القواعد؛ بل لأن الدولة القائمة نشأت عن ثورتين، كانت المبادرة فيهما للجمهور قبل الطليعة، بل إن «30 يونيو» كشفت عجز النخبة المدنية عن التصدّى للأصولية الدينية وهيمنتها على السلطة، وأحيانًا تواطؤ بعض أطرافها مع مُمارسات «فوق وطنية»، أو مُعادية لفكرة الدولة القومية فى جوهرها؛ فتقدّم الشعب دافعًا الأحزاب للخلفية، وإلى اللحظة لم يتدبَّر الحزبيِّون مفاعيل تلك المرحلة أو يستوعبوا دروسها، فظلّوا خارج سياق الاهتمام الجماهيرى، وبعيدًا من إمكانات قيادته أو التأثير فيه.
لذا؛ قد لا يكون مُفاجئًا أن يعجز بعض رؤساء الأحزاب عن تأمين العتبة المطلوبة والفوز ببطاقة الترشُّح؛ بل إن فى الأمر مفارقةً كبرى، فبدلاً من أن يكون الترشُّح ناتجًا عن قدرةٍ حزبية، يُراد توظيفها أو الاستفادة بها لإحراز مكاسب سياسية بعيدة المدى، تحوّل الأمر إلى سعى فردى من كل رئيس حزب نحو السلطة؛ لتمكين تيّاره أو الانتفاع بأثر المُنشِّطات الظرفيّة، أى أن المُؤسَّسات تراجعت لصالح الأفراد، أو باتت تنتظر دعمهم عِوضًا عن أن تدعمهم، وبالتبعية قد لا تكون المشاركة مدخلاً لتحفيز الأيديولوجيا أو تنشيط الدواليب الحزبيّة، بقدر ما هى تأكيدٌ لحاجة الحياة السياسية ومُكوّناتها لهيكلةٍ وإعادة تأسيس؛ وحبّذا لو اتُّخذت مُناسبة الانتخابات الرئاسية بكل زخمها، وبما يُصاحبها من رواجٍ واهتمام شعبى، مُنطلَقًا لتعويض فواقد الوقت والطاقة التى أهدرتها الأحزاب، وإعادة الانخراط فى المُعادلة من أرضية اجتماعية، لا من أدبيات الفرز والتصنيف فى ضوء نظريات مُغلقة وانحيازات صلبة.
التقط مجلس أُمناء الحوار الوطنى طرفًا من الخيط، وأعلن فى بيان مُطوَّل قبل أيام عن رؤيةٍ وطنية ناضجة للاستحقاق الرئاسى، ومُتطلّبات إنجازه فى مناخٍ انفتاحى يُناسب ثِقَل اللحظة، ويُوظّفها لبناء ما بعدها من لحظات ومُحطّات. مُنطلِقًا من أنها فرصة استثنائية لتخليق مزيد من مساحات الشراكة والتوافق، وخطوةٌ واسعة على طريق دعم دولة مدنية حديثة، عمادها الديمقراطية والقانون، وهو ما لا يُمكن تحصيله من دون اجتهاد جماعى فى بناء الثقة، وترقية الأجواء الإيجابية، والإيمان بالطبيعة التراكمية لمسار التحوُّل الديمقراطى، داعيًا لدعم الحياة السياسية بحزمة إجراءات، تشمل حسب رؤيته: مراجعة أوضاع المسجونين، والنظر فى الحبس الاحتياطى، وتعزيز حرية عمل الأحزاب؛ بما يُمكّنها من النفاذ للجمهور، والإفادة المُتبادَلة من الاحتكاك وفاعليّته فى تسييس الشارع وتطوير البرامج والأداءات، وإذا كان للدولة نصيب كبير من تلك الغايات؛ فإن على القوى السياسية نصيبًا مُكافئًا ومُتوازيًا لدفع العربة بانتظام وثبات إلى وُجهتها، إذ يصعب أن تتطوّر الأحزاب بقرار من السُّلطة، مهما بلغت المزايا والمسموحات، ولكن الأهم أن تُؤمن من داخلها بأمراضها البنيوية الموروثة، وحاجتها الماسة للتشخيص السليم والتماس العلاج.
كما تحدَّث بيان مجلس الأمناء عن عناوين مُهمّة تخص سلامة الانتخابات، وتحسين القوانين، وحرية الإعلام، وحياد أجهزة الدولة خلال الاستحقاق، مع ضمان تكافؤ فرص المُرشَّحين، وتحفيز الناخبين على المشاركة، وتمكين ذوى الهِمم من حقوقهم السياسية، وكان من أهم ما ركَّز عليه مسألة بناء الثقة بعد الرئاسة؛ إذ دعا للاهتمام بالتربية السياسية وحرية العمل الأهلى والنقابى، والتوافق على خُطط التنمية والإصلاح الاقتصادى، وحوكمة المُوازنة وترشيد الإنفاق العام دون تعطيل المشروعات الحيوية، والالتفات إلى أولوية إسناد القطاع الخاص بغرض ترقية الإنتاج وتحفيز الصادرات، وما يتأتّى عن ذلك من تعزيز الموارد وتحسين المعيشة، كما شدَّد على ضرورة التزام كل الأطراف والقوى السياسية والمجتمعية بتجديد رفضهم العنف والإرهاب والمُتورِّطين فيهما، وتلك نقطة بالغة الأهمية؛ لأنها تُمثّل عمود الخيمة فى بناء الجمهورية الجديدة واستدامة تحالف 30 يونيو، وربما تحمل نقدًا أو إدانة مُضمرة لبعض الوجوه والتيارات التى لا تزال على اتّصال بالإخوان، سواء بلقاءات مُباشرة بالخارج والداخل، أو بظهورات رخيصة وغير مُبرَّرة عبر شاشات التنظيم، بكل ما تُعبّر عنه من استهداف سياسى وتحالفات مشبوهة مع دول وأجهزة استخبارات إقليمية وعالمية.
أتبع الحوار بيانه الشامل بإعلان تعليق أنشطته؛ لإفساح المجال للانتخابات وتحييد المناخ العام وألا تكون مساحة التوافق عُرضة للتوجيه أو الدعائية.. حصيلة الرؤية تُشير إلى تقدُّم «المنصّة» للتعبير عن الضمير الوطنى فى لحظة مفصليّة. قيمة الطرح تتولّد عن أن مجلس الأمناء يُعبّر عن القاعدة الاجتماعية العريضة؛ انطلاقًا من أن أغلب القوى السياسية تتمثّل فيه، وأنه ينوب عن مُؤسَّسة الحوار باتساعها العريض، وما أفرزته من توافقات وحلول وبرامج عمل طوال شهور، بشراكة من نحو 60 حزبًا وآلاف السياسيين والتكنوقراط ومُمثّلى الأحزاب والنقابات والكيانات الأهلية والفئات الشعبية، كما أنه مشمول بإرادة سياسية رفيعة من أعلى هرم السلطة؛ إذ يُجسّد قيمة الدعوة الرئاسية المُنشئة له، ويستمد قوته من تعهُّد الرئيس بتلقّى مُخرجاته بالتزام وتقدير، وإنفاذ ما يقع منها ضمن سلطاته دون قيدٍ أو شرط، ومن ثم فإن ما يقترحه من مبادئ ومُحدِّدات بشأن العملية الانتخابية؛ إنما يُمثّل تفعيلاً للرغبة الرئاسية، ويحتمى فيها، ويملك مشروعية سياسية أخلاقية، وسلطة معنوية رضائيّة، على مجموع أجهزة الدولة وسُلطاتها التنفيذية والإجرائية. وإذا كانت المُقدِّمات أكّدت فاعلية «الحوار» فى دوائر الحُكم، باستجابة الرئيس لمطلب الإشراف القضائى وتفعيل العفو الرئاسى عن المسجونين، وتلقّيه الدفعة الأولى من المُخرجات وتكليف الحكومة بدراستها، فإن فى ذلك ضمانة لأن تستجيب مرافق الدولة لبيان مجلس الأمناء بشأن انتخابات الرئاسة، ويتعيَّن أن تُبدى الطبقة السياسية، وراغبو الترشُّح بالضرورة، التزامًا مُماثلاً فيما يخص النضج فى التعاطى، والدفع لإنجاز الاستحقاق والبناء عليه، وإعلان القطيعة مع خصوم الدولة المدنية من جماعات الإرهاب والعمالة، كالإخوان وحُلفائها.
ساعات ونكون إزاء برنامج زمنى ينتهى بالوصول إلى رئيسٍ يتقلّد المسؤولية لستّ سنوات، وأيام قليلة وتنجلى بورصة المُرشَّحين عن قائمةٍ واضحة، لديها من القبول والفاعلية ما يكفى لعبور أول الامتحانات.. المُؤكّد أن انتخابات الرئاسة أكبر من أن تكون عُرضة لأهواء أفرادٍ أو جماعات، وأنها ستكتمل لنهايتها بوتيرة مُنتظمة وموضوعيّة، وفق الجدول المُعدّ وإيقاع العمل الذى ترسمه الهيئة الوطنية، وستكون تعدُّديةً وتنافسية وخارج نطاق التأثير بالمال أو الدعائية؛ لكن يتعيّن على الأحزاب وبقيّة أبنية المجتمع المدنى أن تنتهز الفرصة لإثراء أدائها داخليًّا، وتعزيز حضورها فى نطاقاتها المباشرة وعلى مستوى البيئة السياسية الواسعة..
ربما تكون المراكز واضحة مع إعلان قائمة المُتنافسين النهائية، وقد لا يكون بعضهم مُقنعين لقطاعٍ عريض من الناخبين، أو يرى مُتابعون أنهم معدومو الحظوظ ويسعون لمكاسب شخصية، من وجاهةٍ وذيوع أو لخدمة مصالح ذاتية وتنظيمية، أكثر من سعيهم الجاد للتنافس وقنص المنصب الأول فى بنية الحُكم. كما أن الانتخابات مثل أيّة مُمارسة اجتماعية قد تشهد انحرافًا من آحاد الناس، كأن يُخترَق الصمت أو يُكسَر سقف الإنفاق، وهذا ممّا لا يمس جوهر الديمقراطية، ويجب ألّا يندفع البعض بنزقٍ وانتهازية لتوظيفه فى الدعائية أو تشويه الحالة الإجمالية والانتقاص من المنافسين.. التحدّيات كبيرة دون شكٍّ، والبيئة السياسية تفتقر الكوادر اللامعة والمُقنعة؛ لكن ذلك لا يغنى عن الإقرار بما فى التجربة من فُرص حالية ومُستقبلية، وما يمكن أن ينبنى عليها من تنشيطٍ للسياسة وإخراج للأحزاب من وضعية الصمت والموات التى تعيشها.. الفرصة مُتاحة، والرغبة الرسمية فى تأمينها واضحة، والضمير الوطنى بدا جلّيًّا فى بيان الحوار الوطنى وتعهدات هيئة الانتخابات، ويتبقّى أن يهبّ السياسيون وكياناتهم لاغتنام الحالة وتحصينها، وأول شروط ذلك: النضج والفاعلية، واتساق الخطاب، وتجاوز ميراث الأدوات القديمة من الكيد والابتزاز والمُزايدة، ومن البكائيات المجانية الباهتة أو الخطابات الشعبوية الفجّة.