حقبة المصالحات.. كيف تحولت فى عهد الرئيس السيسي لـ"نقطة اتصال" العالم؟.. الدبلوماسية الرئاسية نجحت فى تعزيز دوائرها واستكشاف نقاط جديدة.. "الشراكة" السبيل لإنهاء الخصومات الإقليمية.. والدعم الإنسانى أهم الأدوات

الإثنين، 25 سبتمبر 2023 01:15 م
حقبة المصالحات.. كيف تحولت فى عهد الرئيس السيسي لـ"نقطة اتصال" العالم؟.. الدبلوماسية الرئاسية نجحت فى تعزيز دوائرها واستكشاف نقاط جديدة.. "الشراكة" السبيل لإنهاء الخصومات الإقليمية.. والدعم الإنسانى أهم الأدوات الرئيس عبد الفتاح السيسي
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تبدو الحالة التصالحية، قد طغت بصورة كبيرة على السياسة الخارجية التى تبنتها الدولة المصرية خلال السنوات الماضية، وتحديدا منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الأمور فى عام 2014، حيث اعتمدت العديد من الأدوات التى من شأنها تحقيق أكبر قدر ممكن من التوافق، مع كافة الدول حول العالم، عبر تجاوز الخلافات الضيقة، ودفعها نحو العمل معا لتحقيق المصالح المشتركة، وهو ما بدا فى حلقات متواصلة من التقارب، ليس فقط مع الحلفاء التقليديين، وإنما امتدت نحو اكتشاف "دوائر" دبلوماسية جديدة، واستكشاف "البؤر" الميتة، فى علاقاتها الخارجية، عبر إحياء علاقاتها مع دول ربما لم تحمل أولوية كبيرة فى الأجندة المصرية لعقود طويلة من الزمن مما ساهم فى توارى، أو بالأحرى انحصار، الدور المصرى فى منطقة الشرق الأوسط، ليتراجع فى مناطق أخرى لا تقل فى أهميتها أو حيويتها عن تلك المنطقة.

التحدى الأكبر الذى واجه الدولة المصرية فى مرحلة ما بعد 30 يونيو، تجسد فى حالة عدم القبول لدى قطاع كبير من دول العالم، وفى القلب منها الولايات المتحدة وحلفائها، للواقع الذى شهدته الميادين إبان الثورة، وهو ما دفع نحو حالة "فتور" مرحلى، فى العلاقة مع الولايات المتحدة وأوروبا، لذا تحركت الدبلوماسية الرئاسية نحو العمل على مسارين، أولهما تعزيز العلاقات مع روسيا والصين، والهند، باعتبارها قوى صاعدة، من شأنها القيام بدور فى مستقبل النظام العالمى، فى إطار سياسة تنويع التحالفات، وتوسيع نطاقها جغرافيا، بعيدا عن الاقتصار على حليف واحد أو مجموعة حلفاء فى رقعة جغرافية محدودة، بينما سارت فى مسار آخر نحو تقديم نفسها لحلفائها التقليديين باعتبارها شريك موثوق عبر عرض تجاربها فى الحرب على الإرهاب، والتى سعت بعض الدول على تطبيقها على غرار فرنسا، والتى ركزت على فكرة الإصلاح الفكرى، جنبا إلى جنب مع الآليات الأمنية فى التعامل مع التهديدات المحدقة بهم، بل وتدشين الشراكات معهم، على غرار الشراكة الثلاثية مع اليونان وقبرص، لاستكشاف مواردهم فى الغاز الطبيعى، وهو ما ساهم بصورة كبيرة فى تخفيف العبء عن كاهل "أوروبا الموحدة"، والتى دأبت على تقديم الدعم الاقتصادى لهذه الدول فى ظل أزمتهم الاقتصادية

بينما استقبلت مصر حقبتها الجديدة بحالة من الانعزال عن المحيط الإفريقى، إثر تجميد عضويتها فى الاتحاد القارى فى أعقاب الثورة المصرية، من جانب، ناهيك عن الجفاء الذى شاب العلاقة بين القاهرة والعديد من دول القارة، لعقود طويلة من الزمن، وهو ما نجحت الرئاسة فى احتوائه، عبر العمل على تعزيز العمل الجماعى، من جانب، وكذلك توسيع نطاق علاقاتها، مع شركائها الأفارقة، بحيث لا تقتصر على دول حوض النيل، وإنما التمدد شمالا وجنوبا فى أعماق القارة، والتى امتدت من أنجولا إلى زامبيا، مرورا بموزمبيق وجيبوتى، وحتى عبر العديد من الزيارات والتى وصلت إلى 30 زيارة متنوعة، ناهيك عن تولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى فى 2019، وغيرها من التجمعات على غرار الكوميسا والنيباد.

امتدت الحالة التصالحية نحو منطقة الشرق الأوسط، عبر التحرك نحو تخفيف حدة الخلافات مع المنافسين الإقليميين، لتدشين حقبة جديدة يمكن تسميتها بـ"الشراكة التنافسية"، وهو ما بدا فى العلاقة المتنامية مع تركيا بعد حقبة من الجفاء، وهو ما يمثل ثمرة مهمة لسياسات الدولة المصرية، فى هذا الإطار، والتى ارتبطت فى جزء كبير منها بـ"الدبلوماسية الإنسانية"، والتى تجلت فى أبهى صورها مع الزلزال الذى ضرب مدينة قهرمان مرعش، فى فبراير الماضى، والتى قام على إثرها وزير الخارجية سامح شكرى بزيارة أنقرة، والإعراب عن دعمه الكامل لها فى أزمتها، حيث قامت، خلال أيام من وقوع الكارثة، بتقديم 1200 طن من المساعدات لأنقرة، وهو ما ساهم فى تحريك المياه الراكدة فى العلاقات بين البلدين.

بينما تبقى "الدبلوماسية الإنسانية"، وسيلة الدولة المصرية لتحقيق أكبر قدر من الاستقرار الإقليمى فى إطار سياسات "لم الشمل"، فى المنطقة العربية، حيث ساهمت الدولة المصرية فى تقديم الدعم لسوريا، عبر حوالى 1500 طن من المساعدات، فى أعقاب كارثة الزلزال، وتشجيع الجوار العربى على القيام بالدور نفسه تجاه دمشق، وهو ما فتح الباب أمام قبولها مجددا داخل الحضن العربى، لتعود سوريا إلى جامعة الدول العربية، وللمفارقة خلال رئاسة مصر لمجلسها على المستوى الوزارى فى مايو الماضى، وتتجسد سياسة المساعدات فى أحدث حلقاتها خلال الأحداث الأخيرة التى شهدتها مدينة درنة الليبية فى أعقاب إعصار "دانيال".

التمدد الدولى لمصر، لم يقتصر على دوائرها التقليدية (العربية والإفريقية والمتوسطية)، وإنما امتدت إلى مناطق أخرى تبدو بعيدة نسبيا، على غرار الامتداد نحو آسيا، عبر تعزيز العلاقات مع اليابان وكوريا الجنوبية، عبر زيارات إلى البلدين فى 2016، بينما زار سنغافورة وإندونيسيا فى 2015، ناهيك عن اقتحام أعماق أوروبا، عبر تعزيز العلاقة مع الجانب الشرقى من القارة العجوز، من خلال تجمع فيشجراد، والتى شارك الرئيس السيسى فى قمتها التى عقدت فى العاصمة المجرية بودابست فى عام 2021، وهو ما ساهم فى تعزيز مكانة مصر الدولية، بعد محاولات متواترة من التشويه الدولى، سواء من المحسوبين على الجماعات الإرهابية، أو الدول الموالية لهم فى أعقاب ثورة 30 يونيو.

وهنا تمكنت مصر فى عهد الرئيس السيسى، خلال سنوات معدودة، من استعادة مكانتها الدولية، كـ"نقطة اتصال" دولية، يمكن أن تلتقى فيها كافة أقاليم العالم، من أفريقيا إلى آسيا، وحتى أوروبا والولايات المتحدة، عبر تعزيز دوائرها الدبلوماسية، واستكشاف دوائر جديدة، من شأنها تعزيز الدور الذى تلعبه، على المستوى الدولى، فنجحت فى التحول حالة الإقصاء التى سعت قوى دولية فرضها عليها، فى أعقاب 30 يونيو، إلى قبول واندماج، أعاد مصر إلى موقعها الطبيعى فى العالم.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة